[ ص: 710 ] ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وأربعمائة
في عاشر المحرم
تقدم إلى أهل الكرخ أن لا يعملوا بدعة النوح ، فجرت بينهم وبين
أهل باب البصرة ما يزيد على الحد ; من الجراح والقتل .
وفيها بنى
أهل الكرخ سورا عليه ، وبنى أهل السنة سورا على سوق القلائين ، ونقض كل من الفريقين أبنيته ، وحملوا الآجر إلى مواضع بالطبول والمزامير ، وجرت بينهم مفاخرات في ذلك وسخف لا تنحصر ولا تنضبط ، ثم وقعت بينهم فتن يطول ذكرها ، وأحرقوا دورا كثيرة جدا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وفيها وقعت وحشة بين الملك طغرلبك وأخيه إبراهيم ينال ، فأمر
طغرلبك بضربه وسمل إحدى عينيه وقطع شفتيه ، فسار
إبراهيم ، فجمع جموعا كثيرة ، فاقتتل هو وأخوه ، فهزمه
طغرلبك ثم أسره من قلعة قد تحصن بها ، بعد محاصرة أربعة أيام ، فاستنزله مقهورا ، فأحسن إليه وأكرمه ، وأقام عند أخيه مكرما .
وكتب ملك
الروم إلى
طغرلبك في فداء بعض ملوكهم ممن كان أسره
إبراهيم ينال ، ويبذل له فيه قطعة كثيرة من المال ، فبعثه إليه مجانا من غير عوض اشترطه عليه ، فأرسل ملك
الروم هدايا كثيرة وتحفا غزيرة ، وأمر بعمارة المسجد الذي
بالقسطنطينية ، وأقيمت فيه الصلاة والجمعة ، وخطب فيه للملك
[ ص: 711 ] طغرلبك فبلغ هذا الأمر العجيب سائر الملوك ، فعظموا الملك
طغرلبك تعظيما زائدا ، وخطب له
nindex.php?page=showalam&ids=17201نصر الدولة بن مروان بالجزيرة .
وفيها ولي
مسعود بن مودود بن مسعود بن محمود بن سبكتكين الملك بعد وفاة أبيه ، وكان صغيرا ، فمكث أياما ، ثم عدل عنه إلى عمه
علي بن مسعود ، ثم نازعه عمه
عبد الرشيد بن محمود ، فاستقر الملك بيده وانعزل
علي بن مسعود ، وهذا أمر غريب جدا ، فلله الأمر من قبل ومن بعد .
وفيها ملك
المصريون مدينة
حلب وأجلوا عنها صاحبها
ثمال بن صالح بن مرداس .
وفيها كان بين
البساسيري وبين
بني عقيل حرب .
وفيها ملك
البساسيري الأنبار من يد قرواش ، فأصلح أمورها .
وفي شعبان منها سار
البساسيري إلى طريق
خراسان وقصد ناحية الدزدار وملكها ، وغنم مالا كثيرا كان فيها ، وكان
سعدى بن أبي الشوك قد حصنها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : في ذي الحجة ارتفعت سحابة سوداء ليلا ، فزادت على ظلمة الليل ، وظهر في جوانب السماء كالنار المضرمة ، فانزعج الناس لذلك ، وخافوا وأخذوا في الدعاء والتضرع ، فانكشف في باقي الليل بعد ساعة .
[ ص: 712 ] وكانت قد هبت ريح شديدة جدا قبل ذلك ، فأتلفت شيئا كثيرا من الأشجار ، وهدمت رواشن كثيرة من دار الخلافة ودار المملكة .
ولم يحج أحد من
أهل العراق في هذه السنة .