[ ص: 719 ] ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة
في صفر منها وقع
الحرب بين الروافض والسنة ، فقتل من الفريقين خلق كثير ، وذلك أن
الروافض نصبوا أبراجا ، وكتبوا عليها بالذهب :
محمد وعلي خير البشر ، فمن رضي فقد شكر ، ومن أبى فقد كفر . فأنكرت السنة اقتران علي مع
محمد صلى الله عليه وسلم في هذا ، فنشبت الحرب بينهم ، واستمر القتال بينهم إلى ربيع الأول ، فقتل رجل هاشمي ، فدفن عند الإمام
أحمد ، ورجع السنة من دفنه ، فنهبوا مشهد
موسى بن جعفر وأحرقوه ، وأحرقوا ضريح
موسى ومحمد الجواد ، وقبور ملوك
بني بويه من هناك من الوزراء ، وأحرق قبر
جعفر بن المنصور ،
ومحمد الأمين ، وأمه
زبيدة ، وقبور كثيرة جدا ، وانتشرت الفتنة وتجاوزت الحد ، وقد قابلهم أولئك أيضا بمفاسد كثيرة ، فأحرقوا محال كثيرة ، وبعثروا قبورا قديمة ، وأحرقوا من فيها من الصالحين ، حتى هموا بقبر الإمام
أحمد ، فمنعهم النقيب ، وخاف من غائلة ذلك ، وتسلط على
الرافضة عيار يقال له :
الطقيطقي ، وكان يتتبع رءوسهم وكبارهم فيقتلهم جهارا غيلة ، وعظمت المحنة بسببه جدا ، ولم يقدر عليه أحد وكان في غاية الشجاعة والبأس والمكر ، ولما بلغ ذلك
دبيس بن علي بن مزيد ، وكان رافضيا ،
[ ص: 720 ] قطع خطبة الخليفة
القائم بالله ، ثم روسل فأعادها .
وفي رمضان جاءت الهدايا من الملك
طغرلبك إلى الخليفة شكرا له على إنعامه إليه وإحسانه إليه بما كان بعثه له من الخلع والتقليد ، وأرسل إلى الخليفة بعشرين ألف دينار ، وإلى الحاشية بخمسة آلاف ، وإلى رئيس الرؤساء بألفي دينار ، وقد كان
طغرلبك حين عمر
الري وخرب فيها أماكن ليصلحها وجد فيها دفائن كثيرة من الذهب والجوهر ، فعظم شأنه بذلك ، وقوي ملكه بسببه .