[ ص: 5 ] باب كيف بدأ الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر
أول شيء أنزل عليه من القرآن العظيم
كان ذلك وله - صلى الله عليه وسلم - من العمر أربعون سنة ، وحكى
ابن جرير عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب أنه كان عمره إذ ذاك ثلاثا وأربعين سنة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
يحيى بن بكير حدثنا
الليث عن
عقيل عن
ابن شهاب عن
عروة بن الزبير عن
عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510015أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ، [ ص: 6 ] ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى فجئه الحق ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك ، فقال : اقرأ . فقال : " ما أنا بقارئ " . قال : " فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني ، فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ . فقلت : " ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم [ العلق : 15 ] ، فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده ، فدخل على nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة بنت خويلد ، فقال : " زملوني زملوني " . فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=10640لخديجة ، وأخبرها الخبر : " لقد خشيت على نفسي " فقالت خديجة : كلا والله ، لا يخزيك الله أبدا ; إنك لتصل الرحم ، وتقري الضيف ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الحق . فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، ابن عم خديجة وكان امرءا تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما [ ص: 7 ] شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : " يا بن عم ! اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة : يا بن أخي ، ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي كان نزل على موسى ، يا ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أومخرجي هم ؟ " فقال : نعم ، لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - فيما بلغنا - حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدى له جبريل ، فقال يا محمد ، إنك رسول الله حقا . فيسكن لذلك جأشه ، وتقر نفسه ، فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل ، فقال له مثل ذلك . هكذا وقع مطولا في باب التعبير من "
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " . قال
ابن شهاب : وأخبرني
أبو سلمة بن عبد الرحمن nindex.php?page=hadith&LINKID=3510016أن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله الأنصاري قال وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه : بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء ، فرفعت [ ص: 8 ] بصري ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فرعبت منه ، فرجعت ، فقلت : زملوني زملوني ، فأنزل الله : يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر [ المدثر : 1 - 5 ] فحمي الوحي وتتابع . ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : تابعه
عبد الله بن يوسف nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح يعني عن
الليث وتابعه
هلال بن رداد عن
الزهري . وقال
يونس ومعمر : بوادره . وهذا الحديث قد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070الإمام البخاري رحمه الله في كتابه في مواضع منه ، وتكلمنا عليه مطولا في أول شرح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب بدء الوحي إسنادا ومتنا . ولله الحمد والمنة .
وأخرجه
مسلم في صحيحه من حديث
الليث به ، ومن طريق
يونس ومعمر عن
الزهري كما علقه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنهما ، وقد رمزنا في الحواشي على زيادات
مسلم ورواياته . ولله الحمد ، وانتهى سياقه إلى قول
ورقة : أنصرك نصرا مؤزرا .
[ ص: 9 ] فقول
أم المؤمنين عائشة : أول ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح يقوي ما ذكره
محمد بن إسحاق بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير الليثي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : فجاءني
جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب ، فقال : اقرأ . فقلت : " ما أقرأ " . فغتني حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني وذكر نحو حديث
عائشة سواء . فكان هذا كالتوطئة لما يأتي بعده من اليقظة ، وقد جاء مصرحا بهذا في مغازي
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن
الزهري أنه رأى ذلك في المنام ، ثم جاءه الملك في اليقظة .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12181الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتابه " دلائل النبوة " : حدثنا
محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا
محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا
منجاب بن الحارث حدثنا
عبد الله بن الحارث حدثنا
عبد الله بن الأجلح عن
إبراهيم عن
علقمة بن قيس قال : إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم ، ثم ينزل الوحي بعد وهذا من قبل
علقمة بن قيس نفسه وهو كلام حسن يؤيده ما قبله ، ويؤيده ما بعده .