[ ص: 230 ] ذكر
وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث
ومعنى شيث : هبة الله ، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قتل
هابيل . قال
أبو ذر في حديثه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الله أنزل مائة صحيفة وأربع صحف على شيث خمسين صحيفة . قال :
محمد بن إسحاق : ولما حضرت
آدم الوفاة عهد إلى ابنه
شيث ، وعلمه ساعات الليل والنهار ، وعلمه عبادات تلك الساعات ، وأعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك . قال : ويقال إن أنساب بني
آدم اليوم كلها تنتهي إلى
شيث ، وسائر أولاد
آدم غيره انقرضوا وبادوا ، والله أعلم .
ولما توفي
آدم عليه السلام ، وكان ذلك يوم الجمعة جاءته الملائكة بحنوط ، وكفن من عند الله عز وجل من الجنة ، وعزوا فيه ابنه ، ووصيه شيث عليه السلام قال
ابن إسحاق ، وكسفت الشمس والقمر سبعة أيام بلياليهن . وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا
هدبة بن خالد ، حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
حميد ، عن
الحسن ، عن
عتي هو ابن ضمرة السعدي قال : رأيت شيخا
بالمدينة يتكلم فسألت عنه . فقالوا : هذا
أبي بن كعب . فقال : إن
آدم لما حضره الموت قال لبنيه : أي بني إني أشتهي من ثمار
[ ص: 231 ] الجنة . قال : فذهبوا يطلبون له فاستقبلتهم الملائكة ، ومعهم أكفانه وحنوطه ، ومعهم الفئوس والمساحي والمكاتل ، فقالوا لهم : يا بني
آدم ما تريدون وما تطلبون ؟ أو ما تريدون وأين تطلبون ؟ قالوا : أبونا مريض ، واشتهى من ثمار الجنة . فقالوا لهم : ارجعوا فقد قضي أبوكم ، فجاءوا ، فلما رأتهم
حواء عرفتهم فلاذت
بآدم ، فقال : إليك عني ، فإني إنما أتيت من قبلك فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل فقبضوه ، وغسلوه ، وكفنوه ، وحنطوه ، وحفروا له ، وألحدوه ، وصلوا عليه ، ثم دخلوا قبره فوضعوه في قبره ، ثم حثوا عليه ، ثم قالوا : يا بني
آدم هذه سنتكم . إسناد صحيح إليه . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16131شيبان بن فروخ ، عن
محمد بن زياد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران ، عن
ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
كبرت الملائكة على آدم أربعا . وكبر
أبو بكر على
فاطمة أربعا ، وكبر
عمر على
أبي بكر أربعا ، وكبر
صهيب على
عمر أربعا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر . ورواه غيره عن
ميمون فقال : عن
ابن عمر .
واختلفوا في موضع دفنه ; فالمشهور أنه دفن عند الجبل الذي أهبط عليه في
الهند . وقيل :
بجبل أبي قبيس بمكة ، ويقال إن
نوحا عليه السلام لما كان زمن الطوفان حمله هو
وحواء في تابوت فدفنهما
ببيت المقدس حكى ذلك
ابن جرير . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر ، عن بعضهم أنه قال : رأسه عند
مسجد إبراهيم ، ورجلاه عند صخرة
بيت المقدس ، وقد
[ ص: 232 ] ماتت
حواء بعده بسنة واحدة .
واختلف في
مقدار عمره عليه السلام ; فقدمنا في الحديث عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة مرفوعا : أن عمره اكتتب في اللوح المحفوظ ألف سنة . وهذا لا يعارضه ما في التوراة من أنه عاش تسعمائة وثلاثين سنة ; لأن قولهم هذا مطعون فيه مردود إذا خالف الحق الذي بأيدينا مما هو المحفوظ عن المعصوم ، وأيضا فإن قولهم هذا يمكن الجمع بينه وبين ما في الحديث فإن ما في التوراة إن كان محفوظا محمول على مدة مقامه في الأرض بعد الإهباط ، وذلك تسعمائة وثلاثون سنة شمسية ، وهي بالقمرية تسعمائة وسبع وخمسون سنة ، ويضاف إلى ذلك ثلاث وأربعون سنة مدة مقامه في الجنة قبل الإهباط على ما ذكره
ابن جرير ، وغيره فيكون الجميع ألف سنة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني : لما مات
آدم بكت الخلائق عليه سبعة أيام . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر ، فلما مات
آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده
شيث عليه السلام ، وكان نبيا بنص الحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه ، عن
أبي ذر مرفوعا : أنه أنزل عليه خمسون صحيفة ، فلما حانت وفاته أوصى إلى ابنه
أنوش فقام بالأمر بعده ، ثم بعده ولده
قينن ، ثم من بعده ابنه
مهلائيل ، وهو الذي تزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة ، وأنه أول من قطع الأشجار وبنى المدائن
[ ص: 233 ] والحصون الكبار ، وأنه هو الذي بنى مدينة
بابل ، ومدينة
السوس الأقصى ، وأنه قهر إبليس وجنوده ، وشردهم عن الأرض إلى أطرافها ، وشعاب جبالها ، وأنه قتل خلقا من مردة الجن والغيلان ، وكان له تاج عظيم ، وكان يخطب الناس ، ودامت دولته أربعين سنة ، فلما مات قام بالأمر بعده ولده
يرد ، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده
خنوخ ، وهو إدريس عليه السلام على المشهور ، والله سبحانه وتعالى أعلم .