وممن توفي فيها من الأعيان :
ابن حزم الظاهري
هو الإمام الحافظ العلامة أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد مولى [ ص: 796 ] يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي ، أصل جده يزيد هذا فارسي ، أسلم وخلف المذكور ، أول من دخل منهم بلاد المغرب ، وكانت بلدهم
قرطبة فولد
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم هذا بها في سلخ رمضان ، من سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ، فقرأ القرآن ، واشتغل بالعلوم الشرعية ، فبرز فيها ، وفاق أهل زمانه ، وصنف الكتب المفيدة المشهورة ، يقال : إنه جمع أربعمائة مجلدة من تصنيفه في قريب من ثمانين ألف ورقة .
وكان أديبا طبيبا شاعرا فصيحا ، له في الطب والمنطق اليد العليا ، وكان من بيت وزارة ورياسة ووجاهة ومال وثروة ، وكان مصاحبا
nindex.php?page=showalam&ids=13332للشيخ أبي عمر بن عبد البر النمري ، وكان مناوئا
nindex.php?page=showalam&ids=11927للشيخ أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي ، وقد جرت بينهما مناظرات يطول شرحها .
وكان
أبو محمد بن حزم كثير الوقيعة في العلماء بلسانه وقلمه أيضا ، فأورثه ذلك حقدا في قلوب أهل زمانه ، وما زالوا به حتى بغضوه إلى ملوكهم ، فطردوه عن بلاده ، حتى كانت وفاته في قرية له في ثاني شعبان من هذه السنة وقد جاوز السبعين .
والعجب كل العجب أنه كان ظاهريا في الفروع ، لا يقول بشيء من الأقيسة ، لا الجلية ولا غيرها ، وهذا الذي وضعه عند العلماء ، وأدخل عليه خطأ كبيرا في نظره وتصرفه ، وكان مع هذا من أشد الناس تأويلا في باب الأصول ; لأنه كان قد تضلع أولا من علم المنطق ، أخذه عن
محمد بن الحسن المذحجي الكناني القرطبي ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13484ابن ماكولا وابن خلكان ، رحمه الله تعالى .
[ ص: 797 ] عبد الواحد بن علي بن برهان ، أبو القاسم النحوي
كان شرس الأخلاق جدا ، لم يلبس سراويل قط ، ولا غطى رأسه ، ولم يقبل عطاء لأحد ، وذكر عنه أنه كان يقبل المرد في غير ريبة . قال
ابن عقيل : وكان يختار مذهب مرجئة
المعتزلة وينفي خلود الكفار ، ويقول : دوام العقاب في حق من لا يجوز عليه التشفي لا وجه له مع ما وصف به نفسه من الرحمة . ويتأول قوله تعالى :
خالدين فيها أبدا [ النساء : 169 ] أي أبدا من الآباد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : وقد كان
ابن برهان يقدح في أصحاب
أحمد ، ويخالف اعتقاده اعتقاد المسلمين ; لأنه قد خالف الإجماع في عدم
خلود الكفار في النار ، فكيف يقبل كلامه . توفي في هذا العام وقد نيف على الثمانين .