ثم دخلت سنة أربع وتسعين وأربعمائة
[ ص: 175 ] فيها عظم الخطب
بأصبهان ونواحيها
بالباطنية ، فقتل السلطان منهم خلقا كثيرا ، وأبيحت ديارهم وأموالهم للعامة ، كل من يقدرون عليه فلهم قتله وماله ، وكانوا قد استحوذوا على قلاع كثيرة ; وأول قلعة ملكوها في سنة ثلاث وثمانين ، وكان الذي ملكها
الحسن بن الصباح أحد دعاتهم ، وكان قد دخل
مصر وتعلم من الزنادقة الذين كانوا بها ، ثم صار إلى تلك النواحي ببلاد
أصبهان فكان لا يدعو إلا غبيا لا يعرف يمينه من شماله ، ثم يطعمه العسل بالجوز والشونيز حتى يحترق مزاجه ويفسد دماغه ، ثم يذكر له شيئا من أخبار أهل البيت ، ويكذب له من أقاويل
الرافضة الضلال ; أنهم ظلموا ومنعوا حقهم ، ثم يقول له : فإذا كانت
الخوارج تقاتل مع
بني أمية لعلي ; فأنت أحق أن تقاتل في نصرة إمامك
علي بن أبي طالب ، ولا يزال يسقيه من هذا وأمثاله حتى يستجيب له ، ويصير أطوع له من أمه وأبيه ، ويظهر له أشياء كثيرة من المخرقة والنيرنجات والحيل التي لا تروج إلا على الجهال ; حتى التف عليه بشر كثير وجم غفير ، وقد بعث إليه السلطان
ملكشاه يتهدده وينهاه عن بعثه الفداوية إلى العلماء ، فلما قرأ الكتاب بحضرة الرسول قال لمن حوله من الشباب : إني أريد أن أرسل منكم رسولا إلى مولاه ، فاشرأبت وجوه الحاضرين ،
[ ص: 176 ] منهم ، ثم قال لشاب منهم : اقتل نفسك ، فأخرج سكينا فضرب بها غلصمته ، فسقط ميتا ، وقال لآخر منهم : ألق نفسك من هذا الموضع فرمى نفسه من رأس القلعة إلى أسفل خندقها فتقطع ، فقال للرسول : هذا الجواب فمنها امتنع السلطان من مراسلته ، هكذا ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي وسيأتي أن
الملك صلاح الدين فاتح
بيت المقدس ، جرى له مع
سنان صاحب الإيوان مثل هذا .
وفي شهر رمضان أمر nindex.php?page=showalam&ids=15221الخليفة المستظهر بالله بفتح جامع القصر وأن يبيض وأن يصلى فيه التراويح ، وأن يجهر بالبسملة ، وأن يمنع النساء من الخروج ليلا للفرجة .
وفي أول هذه السنة دخل
السلطان بركياروق إلى
بغداد فخطب له بها ، ثم لحقه أخواه
محمد وسنجر ، فدخلاها ، وهو مريض فعبرا في الجانب الغربي ، فقطعت خطبته ، وخطب لهما بها وهرب
بركياروق إلى
واسط ، ونهب جيشه ما اجتازوا به من البلاد والأراضي ، فنهاه بعض العلماء عن ذلك ووعظه ، فلم يفد شيئا .
وفي هذه السنة ملكت
الفرنج قلاعا كثيرة ; منها
قيسارية وسروج ، وسار
ملك الفرنج كندفري ، وهو الذي أخذ
بيت المقدس إلى
عكا فحاصرها فجاءه سهم في عنقه فمات من فوره ، ألا لعنة الله عليه وعلى أجناده .
[ ص: 177 ]