[ ص: 274 ] ثم دخلت
سنة إحدى وعشرين وخمسمائة
استهلت هذه السنة والخليفة والسلطان محمود يتحاربان ، والخليفة في السرادق في الجانب الغربي ، فلما كان يوم الأربعاء رابع المحرم توصل جماعة من جند السلطان إلى دار الخلافة ، فحصل فيها ألف مقاتل عليهم السلاح فنهبوا الأموال ، وخرج الجواري وهن حاسرات يستغثن حتى دخلن دار الخاتون .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : وأنا رأيتهن كذلك ، فلما وقع ذلك ركب الخليفة في جيشه وجيء بالسفن فركب فيها الجيش ، وانقلبت
بغداد بالصراخ حتى كأن الدنيا قد زلزلت ، وثارت العامة مع جيش الخليفة فكسروا جيش السلطان ، وقتلوا خلقا من الأمراء ، وأسروا آخرين ونهبوا دار السلطان ، ودار وزيره ودار طبيبه
أبي البركات ، وأخذوا ما كان في داره من الودائع ، ومرت خبطة عظيمة جدا ، حتى إنهم نهبوا
الصوفية برباط
بهروز .
وجرت أمور طويلة وخطوب جليلة ، ونالت العامة من السلطان ، وجعلوا يقولون له : يا باطني تترك قتال
الفرنج والروم وتقاتل الخليفة ؟ ثم إن الخليفة انتقل إلى داره في سابع المحرم ، فلما كان في يوم عاشوراء تماثل الحال وطلب السلطان من الخليفة الأمان والصلح ، فلان الخليفة إلى ذلك ، وتباشر الناس بالصلح
[ ص: 275 ] فأرسل إليه الخليفة نقيب النقباء وقاضي القضاة وشيخ الشيوخ وبضعة وثلاثين شاهدا ، فاحتبسهم السلطان عنده ستة أيام ، فساء ذلك الناس وخافوا من فتنة أخرى أشد من الأولى ، وكان
يرنقش الزكوي شحنة
بغداد يغري السلطان بأهل
بغداد لينهب أموالهم ، فلم يقبل منه ، ثم أذن لأولئك الجماعة فدخلوا عليه وقت المغرب ، فصلى بهم القاضي وقرءوا عليه كتاب الخليفة ، فقام قائما ، فأجاب الخليفة إلى جميع ما اقترح عليه ، ووقع الصلح والتحليف ، ودخل جيش السلطان إلى
بغداد وهم في غاية الجهد من قلة الطعام عندهم في العسكر ، وقالوا : لو لم يصالح لمتنا جوعا ، وظهر من السلطان حلم كثير عن العوام ، ولله الحمد .
وأمر الخليفة برد ما نهب من دور الجند ، وأن من كتم شيئا أبيح دمه ، وبعث الخليفة
nindex.php?page=showalam&ids=13317علي بن طراد الزينبي النقيب إلى
السلطان سنجر ; ليبعد عن بابه
دبيسا ، وأرسل معه الخلع والألوية ، فأكرم السلطان الرسول ، وأذن بضرب الطبول على بابه في ثلاثة أوقات ، وظهر منه طاعة كبيرة .
ثم مرض
السلطان محمود ببغداد فأمره الطبيب بالانتقال عنها إلى
همذان ، فسار في ربيع الآخر وفوض شحنكية
بغداد إلى
عماد الدين زنكي ، فلما وصل السلطان إلى
همذان بعث إلى شحنكية
بغداد مجاهد الدين بهروز وجعل إليه الحلة ، وبعث
عماد الدين زنكي إلى
الموصل وأعمالها .
وفيها درس
الحسن بن سلمان بالنظامية
ببغداد .
وفيها ورد
أبو الفتوح الإسفراييني فوعظ
ببغداد ، فأورد أحاديث كثيرة منكرة
[ ص: 276 ] جدا ، فاستتيب منها ، وأمر بالانتقال منها إلى غيرها ، فشد معه جماعة من الأكابر ، وردوه إلى ما كان عليه ، فوقع بسببه فتن كثيرة بين الناس ، ورجمه بعض العامة في الأسواق ؛ وذلك لأنه كان يطلق عبارات لا يحتاج إلى إيرادها ، فنفرت منه قلوب العامة وأبغضوه ، وجلس
الشيخ عبد القادر الجيلي فتكلم على الناس فأعجبهم ، وأحبوه وتركوا ذاك .
وفيها قتل
السلطان سنجر من
الباطنية اثني عشر ألفا . وحج بالناس
نظر الخادم .