[ ص: 281 ] ثم دخلت
سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة
في المحرم منها دخل السلطان محمود إلى بغداد ، واجتهد في إرضاء الخليفة عن
دبيس ، وأن يسلم إليه بلاد
الموصل ، فامتنع الخليفة من ذلك وأبى أشد الإباء ، هذا وقد تأخر
دبيس عن الدخول إلى
بغداد ثم دخلها وركب بين الناس فلعنوه وشتموه في وجهه ، وقدم
عماد الدين زنكي فبذل للسلطان في كل سنة مائة ألف دينار ، وهدايا وتحفا والتزم للخليفة بمثلها على أن لا يولي
دبيسا شيئا ، وعلى أن يستمر
زنكي على عمله
بالموصل فأقره على ذلك وخلع عليه ، ورجع إلى عمله وملك في هذه السنة
حلب وحماة وأسر صاحبها
سونج بن تاج الملوك فافتدى منه بخمسين ألف دينار .
وفي يوم الاثنين سلخ ربيع الآخر خلع السلطان على نقيب النقباء بالوزارة استقلالا ، ولا يعرف أحد من
العباسيين باشر الوزارة غيره .
وفي رمضان جاء
دبيس في جيش إلى
الحلة فملكها ودخل إليها ، في أصحابه وكانوا ثلاثمائة فارس ، ثم إنه شرع في جمع الأموال وأخذ الغلات من القرى ، حتى حصل نحوا من خمسمائة ألف دينار ، واستخدم قريبا من عشرة آلاف مقاتل ، وتفاقم الحال بأمره وبعث إلى الخليفة يسترضيه فلم يرض عنه ، وعرض عليه أموالا كثيرة جدا فلم يقبلها الخليفة ، وكتب الخليفة إلى
[ ص: 282 ] السلطان فبعث إليه السلطان جيشا فانهزم منهم وذهب إلى
البرية ، لا جمع الله به شملا ، وأغار على
البصرة فأخذ منها حواصل السلطان والخليفة ، ثم دخل
البرية فانقطع خبره .
وفي هذه السنة قتل صاحب
دمشق من
الباطنية ستة آلاف ، وعلق رأس كبيرهم على باب القلعة وأراح الله
أهل الشام منهم .
وفيها حاصرت
الفرنج مدينة
دمشق فخرج إليهم أهلها فقاتلوهم قتالا شديدا ، وبعث
أهل دمشق
عبد الوهاب الواعظ ومعه جماعة من التجار إلى
بغداد يستغيثون بالخليفة وهموا بكسر منبر الجامع حتى وعدوا بأنهم سيكتبون إلى السلطان ; ليبعث جيشا كثيفا نصرة
لأهل الشام فلم يبعث إليهم جيش حتى نصرهم الله من عنده فهزمهم المسلمون ، وقتلوا منهم عشرة آلاف ، ولم يفلت منهم سوى أربعين نفسا ، ولله الحمد والمنة ، وقتل
بيمند الفرنجي صاحب
أنطاكية .
وفي هذه السنة تخبط الناس في الحج حتى ضاق الوقت بسبب فتنة
دبيس - قبحه الله - حتى حج بهم أحد مماليك
يرنقش الزكوي وكان اسمه
بغاجق .