[ ص: 393 ] ثم دخلت
سنة خمس وخمسين وخمسمائة
فيها كانت
وفاة الخليفة المقتفي لأمر الله
أبي عبد الله محمد بن المستظهر بالله
وأمه
نسيم ، المدعوة :
ست السادة ، سمراء من خيار الجواري ، مرض بالتراقي ، وقيل : بدمل خرج في حلقه . فمات ليلة الأحد ثاني ربيع الأول من هذه السنة عن ست وستين سنة ، إلا ثمانية وعشرين يوما ، وكانت خلافته أربعا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وستة عشر يوما ، ودفن بدار الخلافة ، ثم نقل إلى الترب ، وقد كان شهما شجاعا مقداما ، يباشر الأمور بنفسه ، ويشاهد الحروب ويبذل الأموال الكثيرة لأصحابه الأخيار ، وهو أول من استبد
بالعراق منفردا عن السلاطين ، من أول أيام
الديلم إلى أيامه ، وتمكن في الخلافة وحكم على العسكر والأمراء ، وقد وافق أباه في أشياء ; من ذلك مرضه بالتراقي ، وموته في ربيع الأول ، وتقدم موت السلطان
محمد شاه قبله بثلاثة أشهر ، وكذلك
المستظهر مات قبله
محمد بثلاثة ، وبعد غرق
بغداد بسنة مات
القائم ، وكذلك هذا . قال
عفيف الناسخ : رأيت في المنام قائلا
[ ص: 394 ] يقول : إذا اجتمعت ثلاث خاءات مات
المقتفي . يعني : خمسا وخمسين وخمسمائة .
خلافة nindex.php?page=showalam&ids=15231المستنجد بالله ، أبي المظفر يوسف بن المقتفي
لما توفي أبوه ، كما ذكرنا ، بويع له في صبيحة يوم الأحد ثاني ربيع الأول من هذه السنة ، بايعه أشراف
بني العباس ، ثم الوزير والقضاة والعلماء والأمراء وعمره يومئذ خمس وأربعون سنة ، وكان رجلا صالحا ، وكان ولي عهد أبيه من مدة متطاولة ، ثم عمل عزاء أبيه ، ولما خطب له يوم الجمعة نثرت الدراهم والدنانير على الناس ، وفرح المسلمون به بعد أبيه ، وأقر الوزير
ابن هبيرة على منصبه ووعده بذلك إلى الممات ، وعزل قاضي القضاة
ابن الدامغاني ، وولى مكانه
أبا جعفر عبد الواحد الثقفي ، وكان شيخا كبيرا ، له سماع بالحديث ، وباشر الحكم
بالكوفة مدة ، فتوفي في ذي الحجة من هذه السنة ، فولي مكانه ابنه
جعفر .
وفي شوال من هذه السنة اتفق
الأتراك بباب
همذان على خلع
سليمان شاه ، وخطبوا
لأرسلان بن طغرل .
وفيها توفي
الفائز بنصر الله الفاطمي
صاحب
مصر ، وهو
أبو القاسم عيسى بن إسماعيل الظافر ، وكانت وفاته في صفر وعمره يومئذ إحدى عشرة
[ ص: 395 ] سنة ، ومدة ولايته من ذلك ست سنين وشهران ، وكان مدبر دولته أبو الغارات ، ثم قام بعده
العاضد آخر خلفائهم ، وهو
أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ ، ولم يكن أبوه خليفة ، وكان يومئذ قد ناهز الاحتلام ، فقام بتدبير مملكته الملك الصالح
nindex.php?page=showalam&ids=14626طلائع بن رزيك الوزير ، أخذ له البيعة وزوجه بابنته ، وجهزها بأمر عظيم ، وقد عمرت بعد زوجها
العاضد ، ورأت زوال دولة الفاطميين على يد الملك
nindex.php?page=showalam&ids=16236صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي ، في سنة أربع وستين ، كما سيأتي مفصلا إن شاء الله تعالى .
وفيها كانت وفاة السلطان الكبير صاحب
غزنة nindex.php?page=showalam&ids=16191خسروشاه بن بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين ، من بيت ملك ورياسة باذخة ، يرثونها كابرا عن كابر ، وكان من سادات الملوك وأحسنهم سيرة ، يحب العلم وأهله . وكانت وفاته في رجب من هذه السنة ، وقام من بعده ولده ملكشاه ، فسار إليه
علاء الدين الحسين ملك
الغور فحاصر
غزنة مدة فلم يقدر عليها ، فرجع خائبا .
وفيها مات
ملكشاه بن السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي ،
بأصبهان مسموما ، يقال : إن الوزير
عون الدين بن هبيرة دس إليه من سقاه إياه . والله أعلم . وفيها مات
[ ص: 396 ] أمير الحاج قايماز بن عبد الله الأرجواني
سقط عن فرسه وهو يلعب بالكرة بميدان الخليفة ، فسال دماغه من أذنه ، فمات من ساعته ، رحمه الله ، وقد كان من خيار الأمراء ، فتأسف الناس عليه ، وحضر جنازته خلق كثير . مات في شعبان من هذه السنة ، فحج بالناس فيها الأمير
أرغش مقطع
الكوفة . وحج في هذه السنة الأمير الكبير
nindex.php?page=showalam&ids=16184شيركوه بن شاذي ، مقدم عساكر الملك
nindex.php?page=showalam&ids=17217نور الدين بن زنكي ، وتصدق بأموال كثيرة .
وفيها استعفى القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=14422زكي الدين أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى القرشي من القضاء
بدمشق ، فأعفاه الملك
نور الدين ، وولى مكانه القاضي
كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري ، وكان من خيار القضاة وأكثرهم صدقة ، وله صدقات جارية بعده ، وكان عالما ، بارعا ، وإليه ينسب الشباك الكمالي الذي يجلس فيه الحكام في الجامع بعد صلاة الجمعة .