[ ص: 409 ] ثم دخلت
سنة تسع وخمسين وخمسمائة
فيها قدم
شاور بن مجير الدين ،
أبو شجاع السعدي الملقب بأمير الجيوش ، وهو إذ ذاك وزير الديار المصرية بعد
آل رزيك ، لما قتل
الناصر رزيك بن طلائع وقام في الوزارة بعده ، واستفحل أمره فيها ، فثار عليه أمير يقال له :
الضرغام بن سوار ، وجمع له جموعا كثيرة ، واستظهر عليه ، وقتل ولديه
طيا وسليمان ، وأسر الثالث وهو
الكامل بن شاور ، فسجنه ولم يقتله ; ليد كانت لأبيه عنده ، واستوزر
ضرغام بعده ولقب
بالمنصور ، فخرج
شاور من الديار المصرية هاربا من
العاضد وضرغام ، ملتجئا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17217نور الدين محمود ، فأمر له
نور الدين بجوسق
الميدان الأخضر ، وأحسن ضيافته وكرامته ، وطلب منه
شاور عسكرا يكونون معه ; ليفتح بهم الديار المصرية ، ويكون
لنور الدين ثلث مغلها ، فأرسل معه جيشا عليه
أسد الدين شيركوه بن شاذي ، فلما دخلوا بلاد
مصر خرج إليهم الجيش الذين بها ، فاقتتلوا أشد القتال ، فهزمهم
أسد الدين ، وقتل منهم خلقا ، وقتل
ضرغام بن سوار ، وطيف برأسه في البلاد ، واستقر أمر
شاور في الوزارة ، وتمهد حاله ، ثم اصطلح
العاضد وشاور على
أسد الدين ، ورجع
[ ص: 410 ] شاور عما كان عاهد عليه
نور الدين ، وأمر
أسد الدين بالرجوع ، فلم يقبل منه ، وعاث في البلاد ، وأخذ أموالا كثيرة ، وافتتح بلدانا كثيرة من الشرقية وغيرها ، فاستغاث
شاور عليهم بملك الفرنج الذي
بعسقلان ، واسمه
مري ، فأقبل إليه في خلق كثير فتحول
أسد الدين إلى
بلبيس وقد حصنها وشحنها بالعدد والآلات ، وغير ذلك ، فحصروه فيها ثمانية أشهر ، وامتنع
أسد الدين وأصحابه أشد الامتناع ، فبينما هم على ذلك إذ جاءت الأخبار بأن الملك
نور الدين قد اغتنم غيبة الفرنج فسار بالعساكر إلى بلادهم فقتل منهم خلقا كثيرا ، وفتح
حارما وقتل من الفرنج خلقا ، وسار إلى
بانياس فضعف أمر الفرنج بديار
مصر عند ذلك ، وطلبوا من
أسد الدين المصالحة فأجابهم إلى ذلك ، وقبض من
شاور ستين ألف دينار ، وخرج
أسد الدين وجيشه فساروا إلى
الشام في ذي الحجة منها .