فصل
قد تقدم ذكر موت
أبي طالب ، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه كان ناصرا له ، وقائما في صفه ، ومدافعا عنه بكل ما يقدر عليه; من نفس ، ومال ، وفعال ، فلما مات ، اجترأ سفهاء
قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونالوا منه ما لم يكونوا يصلون إليه ، ولا يقدرون عليه .
كما قد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، عن
الأصم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14624محمد بن إسحاق الصغاني ، حدثنا
يوسف بن بهلول ، حدثنا
عبد الله بن إدريس ، حدثنا
محمد بن إسحاق ، عمن حدثه ، عن
عروة بن الزبير ، عن
عبد الله بن [ ص: 334 ] جعفر ، قال :
لما مات أبو طالب ، عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم سفيه من سفهاء قريش ، فألقى عليه ترابا ، فرجع إلى بيته ، فأتت امرأة من بناته تمسح عن وجهه التراب وتبكي ، فجعل يقول : " أي بنية ، لا تبكين فإن الله مانع أباك " . ويقول ما بين ذلك : " ما نالت قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب " . وقد رواه
زياد البكائي ، عن
محمد بن إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه مرسلا . فالله أعلم .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وغيره ، عن
الأصم ، عن
أحمد بن عبد الجبار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : "
ما زالت قريش كاعين عني حتى مات أبو طالب " . ثم رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، عن
الأصم ، عن
عباس الدوري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين ، حدثنا
عقبة المجدر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510175ما زالت قريش كاعة حتى توفي أبو طالب " .
وقد روى الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=11890أبو الفرج بن الجوزي بسنده ، عن
ثعلبة بن صعير nindex.php?page=showalam&ids=137وحكيم بن حزام ، أنهما قالا : لما توفي
أبو طالب nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة - وكان بينهما شهر وخمسة أيام - اجتمعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبتان ، فلزم بيته ،
[ ص: 335 ] وأقل الخروج ، ونالت منه
قريش ما لم تكن تنال ولا تطمع فيه ، فبلغ ذلك
أبا لهب ، فجاءه فقال : يا
محمد ، امض لما أردت ، وما كنت صانعا إذ كان
أبو طالب حيا فاصنعه ، لا واللات ، لا يوصل إليك حتى أموت . وسب
ابن الغيطلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل إليه
أبو لهب فنال منه ، فولى يصيح : يا معشر
قريش ، صبأ
أبو عتبة . فأقبلت
قريش حتى وقفوا على
أبي لهب ، فقال : ما فارقت دين
عبد المطلب ، ولكني أمنع ابن أخي أن يضام حتى يمضي لما يريد . فقالوا : قد أحسنت ، وأجملت ، ووصلت الرحم . فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أياما يأتي ويذهب ، لا يعرض له أحد من
قريش ، وهابوا
أبا لهب إلى أن جاء
عقبة بن أبي معيط وأبو جهل إلى
أبي لهب ، فقالا له : أخبرك ابن أخيك أين مدخل أبيك ؟ فقال له
أبو لهب : يا
محمد ، أين مدخل
عبد المطلب ؟ قال : " مع قومه " . فخرج إليهما ، فقال : قد سألته ، فقال : مع قومه . فقالا : يزعم أنه في النار . فقال : يا
محمد ، أيدخل
عبد المطلب النار ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ومن مات على ما مات عليه
عبد المطلب دخل النار " . فقال
أبو لهب : - لعنه الله - والله لا برحت لك إلا عدوا أبدا ، وأنت تزعم أن
عبد المطلب في النار . واشتد عند ذلك
أبو لهب وسائر
قريش عليه
قال
ابن إسحاق : وكان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته;
أبو لهب ،
nindex.php?page=showalam&ids=2114والحكم بن أبي العاص بن أمية ،
وعقبة بن أبي معيط ،
وعدي بن الحمراء ،
وابن الأصداء الهذلي ، وكانوا جيرانه ، لم يسلم منهم أحد إلا
nindex.php?page=showalam&ids=2114الحكم بن أبي العاص ، وكان أحدهم - فيما ذكر لي - يطرح عليه رحم الشاة وهو يصلي ، وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له ، حتى اتخذ رسول الله
[ ص: 336 ] صلى الله عليه وسلم حجرا يستتر به منهم إذا صلى ، فكان إذا طرحوا شيئا من ذلك ، يحمله على عود ثم يقف به على بابه ، ثم يقول : " يا
بني عبد مناف ، أي جوار هذا ؟ " . ثم يلقيه في الطريق .
قلت : وعندي أن غالب ما روي مما تقدم - من طرحهم سلى الجزور بين كتفيه وهو يصلي كما رواه
ابن مسعود ، وفيه أن
فاطمة جاءت فطرحته عنه ، وأقبلت عليهم فشتمتهم ، ثم لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على سبعة منهم كما تقدم ، وكذلك ما أخبر به
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص من خنقهم له ، عليه السلام ، خنقا شديدا حتى حال دونه
أبو بكر الصديق ، قائلا : أتقتلون رجلا أن يقول : ربي الله . وكذلك عزم
أبي جهل ، لعنه الله ، على أن يطأ على عنقه وهو يصلي ، فحيل بينه وبين ذلك ، وما أشبه ذلك - كان بعد وفاة
أبي طالب ، والله أعلم ، فذكرها هاهنا أنسب وأشبه .