[ ص: 45 ] ثم دخلت
سنة ثنتي عشرة وستمائة
فيها شرع في بناء المدرسة العادلية الكبيرة
بدمشق ، وفيها عزل القاضي
الزكي بن محيي الدين بن الزكي ، وفوض الحكم إلى القاضي
جمال الدين بن الحرستاني ، وهو ابن ثنتين وتسعين سنة ، فحكم بالعدل ، وقضى بالحق ، ويقال : إنه كان يحكم بالمدرسة المجاهدية عند القواسين .
وفيها أبطل
العادل ضمان الخمر والقيان ، جزاه الله خيرا ، فزال عن الناس شر كثير .
وفيها حاصر الأمير
قتادة صاحب
مكة المدينة النبوية ومن بها ، وقطع نخلا كثيرا ، فقاتله أهلها ، فكر خاسئا حسيرا ، وكان صاحب
المدينة بالشام في خدمة
العادل ، فطلب منه النجدة على أمير
مكة قتادة ، فأرسل معه جيشا ، فأسرع في الأوبة ، فمات في أثناء الطريق ، فاجتمع شمل الجيش على ابن أخيه
جماز ، فقصد
مكة ، فالتقاه أميرها بالصفراء ، فاقتتلوا قتالا عظيما ، فهزم المكيون ، وغنم منهم جماز شيئا كثيرا ، وهرب
قتادة إلى
الينبع ، فساروا إليه ، فحصروه بها ، وضيقوا عليه فيها .
وفيها أغارت الفرنج على بلاد الإسماعيلية ، فقتلوا ونهبوا وسبوا .
[ ص: 46 ] وفيها أخذ ملك
الروم كيكاوس مدينة
أنطاكية من أيدي
الفرنج ، ثم أخذها منه
ابن لاون ملك
الأرمن ، ثم أخذها منه
إبرنس طرابلس .
وفيها ملك
السلطان خوارزم شاه محمد بن تكش مدينة
غزنة بغير قتال .
وفيها كانت
وفاة الملك المعظم أبي الحسن علي بن الخليفة الناصر لدين الله ، ولما توفي حزن الخليفة عليه حزنا عظيما ، وكذلك الخاصة والعامة لكثرة صدقاته وإحسانه إليهم ، ولم يبق بيت
ببغداد إلا حزنوا عليه ، وكان يوم جنازته يوما مشهودا ، وناح أهل البلد عليه ليلا ونهارا ، ودفن عند جدته بالقرب من قبر
معروف الكرخي ، وكانت وفاته يوم الجمعة العشرين من ذي القعدة ، وصلي عليه بعد الصلاة . وفي هذا اليوم قدم برأس منكلي الذي كان قد عصى على الخليفة وعلى أستاذه - إلى
بغداد فطيف بها ، ولم تتم فرحته ذلك اليوم لتنغيصها بموت ولده ولي العهد ، والدنيا لا تسر بقدر ما تضر ، وترك ولدين وهما;
المؤيد أبو عبد الله الحسن ، والموفق أبو الفضل يحيى .