[ ص: 132 ] ثم دخلت
سنة ثنتين وعشرين وستمائة
فيها عاثت
الخوارزمية حين قدموا مع
جلال الدين بن خوارزم شاه من بلاد
غزنة مقهورين من
التتار إلى بلاد
خوزستان ونواحي
العراق ، فأفسدوا فيه ، وحاصروا مدنه ، ونهبوا قراه .
وفيها استحوذ
جلال الدين بن خوارزم شاه على بلاد
أذربيجان وكثير من بلاد
الكرج ، وكسر
الكرج ، وهم في سبعين ألف مقاتل ، فقتل منهم عشرين ألفا من المقاتلة ، واستفحل أمره جدا ، وعظم شأنه ، وفتح
تفليس ، فقتل منها ثلاثين ألفا . وزعم
أبو شامة أنه قتل من
الكرج سبعين ألفا في المعركة ، وقتل من
تفليس تمام المائة ألف ، وقد اشتغل بهذه الغزوة عن قصد
بغداد ، وذلك أنه لما حاصر
دقوقا سبه أهلها ، ففتحها قهرا ، وقتل من أهلها خلقا كثيرا ، وخرب سورها ، وعزم على قصد الخليفة
ببغداد; لأنه فيما زعم عمل على أبيه حتى هلك ، واستولت
التتر على البلاد ، وكتب إلى
المعظم بن العادل يستدعيه لقتال الخليفة ، ويحرضه على ذلك ، فامتنع
المعظم من ذلك ، ولما علم الخليفة بقصد
جلال الدين بن خوارزم شاه بغداد انزعج لذلك ، وحصن
بغداد ، واستخدم
[ ص: 133 ] الجيوش والأجناد ، وأنفق في الناس ألف ألف دينار ، وكان
جلال الدين قد بعث جيشا إلى
الكرج فكتبوا إليه أن أدركنا قبل أن نهلك عن آخرنا ،
وبغداد ما تفوت . فسار إليهم وكان من أمره ما ذكرناه .
وفيها كان غلاء شديد
بالعراق والشام بسبب قلة الأمطار وانتشار الجراد ، ثم أعقب ذلك فناء كثير
بالعراق والشام أيضا ، مات بسببه خلق كثير في البلدان ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .