[ ص: 200 ] ثم دخلت
سنة ثلاثين وستمائة
فيها باشر خطابة
بغداد ونقابة العباسيين
العدل مجد الدين أبو القاسم هبة الله بن عبد الله المنصوري ، وخلع عليه خلعة سنية ، وكان فاضلا قد صحب الفقراء
والصوفية ، وتزهد برهة من الزمان ، فلما دعي إلى هذا الأمر أجاب سريعا ، وأقبلت عليه الدنيا بزهرتها ، وخدمه الغلمان
الأتراك ، ولبس لباس المترفين ، وقد عاتبه بعض تلامذته بقصيدة طويلة ، وعنفه على ما صار إليه ، وسردها
ابن الساعي بطولها في تاريخه .
وفيها سار القاضي
محيي الدين يوسف بن الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي في الرسلية من الخليفة إلى
الكامل محمد صاحب
مصر ، ومعه كتاب هائل فيه تقليده الملك ، وفيه أوامر كثيرة مليحة من إنشاء الوزير
نصير الدين أحمد بن الناقد ، سرده
ابن الساعي أيضا بكماله ، وقد كان
الكامل مخيما بظاهر
آمد من أعمال
الجزيرة ، قد افتتحها بعد حصار طويل ، وهو مسرور بما نال من ملكها .
[ ص: 201 ] وفيها فتحت دار الضيافة
ببغداد للحجيج حين قدموا من حجهم ، وأجريت عليهم النفقات والكساوي والصلات . ولله الحمد والمنة .
وفيها سارت العساكر المستنصرية صحبة الأمير
شرف الدين أبي الفضائل إقبال الخاص المستنصري إلى مدينة
إربل وأعمالها ، وذلك لمرض مالكها
مظفر الدين كوكبري بن زين الدين ، وأنه ليس له من بعده من يملك البلاد ، فحين وصلها الجيش منعه أهل البلد ، فحاصروه حتى افتتحوه عنوة في السابع عشر من شوال في هذه السنة ، وجاءت البشائر بذلك ، فضربت الطبول
ببغداد بسبب ذلك ، وفرح أهلها ، وكتب التقليد عليها لإقبال المذكور ، فرتب فيها المناصب ، وسار فيه سيرة جيدة ، وامتدح الشعراء هذا الفتح من حيث هو ، وكذلك مدحوا فاتحها إقبالا ، ومن أحسن ما قال بعضهم :
يا يوم سابع عشر شوال الذي رزق السعادة أولا وأخيرا هنيت فيه بفتح إربل مثلما
هنيت فيه وقد جلست وزيرا
يعني أن الوزير
نصير الدين بن العلقمي ، كان قد وزر في مثل هذا اليوم من العام الماضي .
وفي مستهل رمضان من هذه السنة شرع في عمارة دار الحديث الأشرفية
بدمشق ، وكانت قبل ذلك دارا للأمير
قايماز ، وبها حمام فهدمت ، وبنيت الدار عوضها .
[ ص: 202 ] وقد ذكر
السبط في هذه السنة أن في ليلة النصف من شعبان فتحت دار الحديث الأشرفية المجاورة لقلعة
دمشق ، وأملى بها الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12795تقي الدين بن الصلاح الحديث ، ووقف عليها
الأشرف الأوقاف ، وبها نعل النبي صلى الله عليه وسلم . قال : وسمع
الأشرف " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " في هذه السنة على
الزبيدي . قلت : وكذا سمعوا عليه بالدار وبالصالحية .
قال : وفيها فتح
الكامل آمد وحصن كيفا ، ووجد عند ملكها خمسمائة حرة للفراش ، فعذبه
الأشرف عذابا أليما .
وفيها قصد صاحب
ماردين وجيش بلاد
الروم الجزيرة ، فقتلوا وسبوا ، وفعلوا ما لم يفعله
التتار بالمسلمين .