ذكر ما جرى
كان قد عهد لولده
العادل - وكان صغيرا -
بالديار المصرية وبالبلاد الشامية ، ولولده
الصالح أيوب ببلاد
الجزيرة ، فأمضى الأمراء ذلك ، فأما
دمشق فاختلف الأمراء بها في الملك
الناصر داود بن المعظم ، والملك
الجواد مظفر الدين يونس بن مودود بن الملك العادل ، فكان ميل
عماد الدين بن الشيخ إلى
الجواد ، وآخرون إلى
الناصر ، وكان نازلا بدار
أسامة ، فانتظم أمر
الجواد ، وجاءت الرسالة إلى
الناصر أن اخرج من البلد ، فركب من دار
أسامة ، والعامة من داره إلى
[ ص: 238 ] القلعة لا يشكون في ولايته الملك ، فسلك نحو القلعة ، فلما جاوز العمادية عطف برأس فرسه نحو باب
الفرج ، فصرخت العامة : لا ، لا ، لا . فسار حتى نزل القابون عند وطأة برزة . فعزم بعض الأمراء الأشرفية على مسكه ، فساق فبات بقصر
أم حكيم ، وساقوا وراءه ، فتقدم إلى
عجلون ، فتحصن بها وأمن .
وأما
الجواد فإنه ركب في أبهة الملك ، وأنفق الأموال والخلع على الأمراء . قال
السبط : فرق ستة آلاف ألف دينار وخمسة آلاف خلعة ، وأبطل المكوس والخمور ، ونفى الخواطئ ، واستقر ملكه
بدمشق ، واجتمع عليه الأمراء الشاميون والمصريون ، ورحل
الناصر داود من
عجلون نحو
غزة وبلاد الساحل ، فاستحوذ عليها ، فركب
الجواد في طلبه ، ومعه العساكر الشامية والمصرية ، وقال للأشرفية : كاتبوه وأطمعوه . فلما وصلت إليه كتبهم طمع في موافقتهم ، فرجع في سبعمائة راكب إلى
نابلس ، فقصده
الجواد وهو نازل على
جينين ، والناصر على
سبسطية ، فهرب منه
الناصر ، فاستحوذوا على حواصله وأثقاله ، فاستغنوا بها ، وافتقر بسببها فقرا مدقعا ، ورجع
الناصر إلى
الكرك جريدة قد سلب أمواله وأثقاله ، وعاد
الجواد إلى
دمشق مؤيدا منصورا .
وفيها
اختلفت الخوارزمية على nindex.php?page=showalam&ids=15315الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل صاحب
كيفا وتلك النواحي ، وعزموا على القبض عليه ، فهرب منهم ونهبوا أمواله وأثقاله ، ولجأ إلى
سنجار ، فقصده
nindex.php?page=showalam&ids=15314بدر الدين لؤلؤ صاحب
الموصل [ ص: 239 ] ليحاصره ويأخذه في قفص إلى الخليفة ، وكان أهل تلك الناحية يكرهون مجاورته لكبره وقوة سطوته ، فلم يبق إلى أخذه إلا القليل ، فكاتب
الخوارزمية ، واستنجد بهم ، وخضع لهم ، ووعدهم بأشياء كثيرة ، فقدموا إليه جرائد ليمنعوه من
البدر لؤلؤ ، فلما أحس بهم
لؤلؤ هرب منهم ، فاستحوذوا على أمواله وأثقاله ، فوجدوا فيها شيئا كثيرا لا يحد ولا يوصف ، ورجع إلى بلده
الموصل جريدة خائبا ، وسلم
الصالح أيوب مما كان فيه من الشدة .