[ ص: 242 ] ثم دخلت
سنة ست وثلاثين وستمائة
فيها قبض الملك
الجواد على الصفي بن مرزوق ، وصادره بأربعمائة ألف دينار ، وحبسه بقلعة
حمص ، فمكث ثلاث سنين لا يرى الضوء ، وقد كان
ابن مرزوق قبل ذلك يحسن إلى
الجواد إحسانا كثيرا .
وسلط
الجواد خادما لزوجته يقال له :
الناصح ، فصادر الدماشقة ، وأخذ منهم نحوا من ستمائة ألف دينار ، ومسك الأمير
عماد الدين بن الشيخ الذي كان سبب تمليكه
دمشق ، ثم خاف من أخيه
فخر الدين بن الشيخ الذي بديار
مصر ، وقلق من ملك
دمشق ، وقال : أيش أعمل بالملك؟ باز وكلب أحب إلي من هذا ، ثم خرج إلى الصيد وكاتب
الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل ، فتقايضا من
حصن كيفا وسنجار ، وما يتبع ذلك إلى
دمشق ، فملك
الصالح دمشق ، ودخلها في مستهل جمادى الأولى من هذه السنة ،
والجواد بين يديه بالغاشية ، ثم حملها
المظفر صاحب
حماة ، وكان يوما مشهودا ، ثم نزل
الجواد بدار السعادة ، وندم على ما كان منه ، فأراد أن يستدرك الفائت ، فلم يتفق له . وخرج من
دمشق ، والناس يلعنونه في وجهه; بسبب ما أسداه إليهم من المصادرات ، وأرسل إليه
الصالح أيوب ليرد إلى الناس أموالهم ، فلم يلتفت إليه ، وسار وبقيت في ذمته .
[ ص: 243 ] ولما استقر
الصالح في ملك
مصر ، كما سيأتي ، حبس
الناصح الخادم ، فمات في أسوأ حالة ، من القلة والقمل ، جزاء وفاقا
وما ربك بظلام للعبيد [ فصلت : 46 ] .
وفيها ركب الصالح أيوب من دمشق في رمضان قاصدا الديار المصرية ليأخذها من أخيه العادل لصغره ، فنزل
بنابلس واستولى عليها ، وأخرجها من يد
الناصر داود ، وأرسل إلى عمه
الصالح إسماعيل صاحب
بعلبك ليقدم عليه ليكون في صحبته إلى
الديار المصرية ، وكان قد جاء إليه إلى
دمشق ليبايعه ، فجعل يسوف به ، ويعمل عليه ويحالف الأمراء
بدمشق ليكون ملكهم ، ولا يتجاسر أحد من
الصالح أيوب لجبروته أن يخبره بذلك ، وانقضت السنة ، وهو مقيم
بنابلس يستدعيه إليه ، وهو يماطله .