[ ص: 246 ] ثم دخلت
سنة سبع وثلاثين وستمائة
استهلت هذه السنة وسلطان
دمشق nindex.php?page=showalam&ids=15315نجم الدين الصالح أيوب بن الكامل مخيم عند
نابلس ، يستدعي عمه
الصالح إسماعيل ليسير إلى
الديار المصرية ، بسبب أخذها من صاحبها
العادل بن الكامل ، وقد أرسل
الصالح إسماعيل ولده
وابن يغمور إلى صحبة
الصالح أيوب بنابلس ، فهما ينفقان الأموال في الأمراء ويحلفانهم على
الصالح أيوب للصالح إسماعيل ، فلما تم الأمر ، وتمكن
الصالح إسماعيل من مراده ، أرسل إلى
الصالح أيوب يطلب منه ولده ليكون عوضه
ببعلبك ، ويسير هو إلى خدمته ، فأرسله إليه ، ولا يستشعر
الصالح أيوب بشيء مما وقع له ، وكل ذلك عن ترتيب
أبي الحسن غزال المتطبب وزير
الصالح ، وهو الأمين واقف الأمينية
ببعلبك ، فلما كان يوم الثلاثاء السابع والعشرين من صفر هجم الملك
الصالح إسماعيل ، وفي صحبته
أسد الدين شيركوه صاحب
حمص إلى
دمشق ، فدخلاها بغتة من باب الفراديس ، فنزل
الصالح إسماعيل بداره من درب الشعارين ، ونزل صاحب
حمص بداره ، وجاء
نجم الدين بن سلام ، فهنأ
الصالح إسماعيل ، ورقص بين يديه ، وهو يقول : إلى بيتك جئت . وأصبحوا فحاصروا القلعة ، وبها
المغيث عمر بن الصالح نجم الدين ، ونقبوا القلعة من ناحية
[ ص: 247 ] باب الفرج ، وهتكوا حرمتها ودخلوها وتسلموها ، واعتقلوا
المغيث في برج هنالك .
قال
أبو شامة : واحترقت دار الحديث وما هنالك من الحوانيت والدور حول القلعة ، ولما وصل الخبر بما وقع إلى
الصالح أيوب تفرق عنه أصحابه والأمراء; خوفا على أهاليهم من
الصالح إسماعيل ، وبقي
الصالح أيوب وحده في مماليكه وجاريته
أم خليل ، وطمع فيه الفلاحون والغوارنة ، وأرسل
الناصر داود صاحب
الكرك إليه من أخذه من
نابلس مهانا على بغلة ، بلا مهماز ولا مقرعة ، فاعتقله عنده سبعة أشهر ، وأرسل
العادل من
مصر إلى
الناصر يطلب منه أخاه
الصالح أيوب ، ويعطيه مائة ألف دينار ، فما أجابه إلى ذلك ، بل عكس ما طلب منه بإخراج
الصالح من سجنه والإفراج عنه وإطلاقه مع الجيش يركب وينزل ، فعند ذلك حاربت الملوك من
دمشق ومصر وغيرهما
الناصر داود ، وبرز
العادل من
الديار المصرية إلى
بلبيس قاصدا قتال
الناصر داود ، فاضطرب الجيش عليه واختلفت الأمراء ، وقيدوا
العادل ، واعتقلوه في
خركاه ، وأرسلوا إلى
الصالح أيوب يستدعونه إليهم ، فامتنع
الناصر داود من إرساله حتى اشترط عليه أنه يأخذ له
دمشق وحمص وحلب وبلاد
الجزيرة و
ديار بكر [ ص: 248 ] ونصف مملكة
مصر ونصف ما في الخزائن من الحواصل والأموال والجواهر ، قال
الصالح أيوب : فأجبت إلى ذلك مكرها ، ولا يقدر على جميع ما اشترط علي ملوك الأرض ، وسرنا فأخذته معي خوفا أن يكون هذا الكتاب من المصريين مكيدة ، ولم يكن لي به حاجة . وذكر أنه كان يسكر ويخبط الأمور ، ويخالف في الآراء السديدة . فلما وصل
الصالح إلى المصريين ملكوه عليهم ، ودخل
الديار المصرية سالما مؤيدا منصورا مظفرا محبورا مسرورا ، فأرسل إلى
الناصر داود عشرين ألف دينار ، فردها عليه ولم يقبلها منه ، واستقر ملكه
بمصر . وأما
الجواد فإنه أساء السيرة
بسنجار ، وصادر أهلها وعسفهم ، فكاتبوا
بدر الدين لؤلؤا صاحب
الموصل فقصدهم وقد خرج
الجواد للصيد ، فأخذ البلد بغير شيء ، وصار
الجواد إلى
عانة ، ثم باعها من الخليفة بعد ذلك .
وفي ربيع الأول درس القاضي
الرفيع عبد العزيز بن عبد الواحد الجيلي بالشامية البرانية .
وفي يوم الأربعاء ثالث ربيع الآخر ولي الشيخ
عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي خطابة جامع
دمشق ، وخطب
الصالح إسماعيل لصاحب
الروم ببلاد
دمشق وغيرها; لأنه حالفه على
الصالح أيوب .
قال
أبو شامة : وفي حزيران أيام المشمش جاء مطر عظيم هدم كثيرا من الحيطان وغيرها ، وكنت يومئذ بالمزة .