[ ص: 303 ] ثم دخلت سنة سبع وأربعين وست مائة
فيها كانت
وفاة الملك الصالح أيوب ، وقتل ابنه المعظم تورانشاه ، nindex.php?page=showalam&ids=15339وتولية المعز عز الدين أيبك التركماني ، على ما سيأتي .
وفي رابع المحرم يوم الاثنين توجه الملك
الصالح من
دمشق إلى الديار المصرية في محفة . قاله
ابن السبط : وكان قد نادى في
دمشق : من له عندنا شيء فليأت ، فاجتمع خلق كثير
بالقلعة ، فدفعت إليهم أموالهم .
وفي عاشر صفر دخل إلى
دمشق نائبها الأمير
جمال الدين بن يغمور من جهة
الصالح أيوب ، فنزل
بدرب الشعارين داخل
باب الجابية .
وفي جمادى الآخرة أمر النائب بتخريب الدكاكين المحدثة في وسط باب البريد ، وأمر أن لا يبقى فيه دكان سوى ما في جانبيه إلى جانب الحائطين القبلي والشمالي ، وما في الوسط يهدم . قال
أبو شامة : وقد كان
العادل هدم ذلك ، ثم أعيد ، ثم هدمه
ابن يغمور ، والمرجو استمراره على هذه الصفة .
وفيها توجه
الناصر داود من
الكرك إلى
حلب ، فأرسل
الصالح أيوب إلى نائبه
بدمشق جمال الدين بن يغمور بخراب دار سامة المنسوبة إلى
الناصر بدمشق ، [ ص: 304 ] وبستانه الذي
بالقابون ، وهو بستان القصر وأن تقلع أشجاره ويخرب القصر ، وتسلم
الصالح أيوب الكرك من
الأمجد حسن بن الناصر ، وأخرج من كان بها من بيت
المعظم ، واستحوذ على حواصلها وأموالها ، فكان فيها من الذهب ألف ألف دينار ، وأقطع
الصالح الأمجد هذا إقطاعا جيدا .
وفيها طغى الماء
ببغداد حتى أتلف شيئا كثيرا من المحال والدور الشهيرة ، وتعذرت الجمع في أكثر الجوامع بسبب ذلك سوى ثلاثة جوامع ، ونقلت توابيت جماعة من الخلفاء إلى الترب من الرصافة خوفا عليهم من أن تغرق محالهم; منهم
المعتضد بن الأمير أبي أحمد بن المتوكل ، وذلك بعد دفنه بنيف وخمسين سنة وثلاثمائة سنة ، وكذا نقل ولده
المكتفي ، وكذا
المتقي بن المقتدر بالله ، رحمهم الله تعالى .
وفيها
هجمت الفرنج على دمياط ، فهرب من كان فيها من الجند والعامة ، واستحوذ
الفرنج على الثغر ، وقتلوا خلقا كثيرا من المسلمين ، وذلك في ربيع الأول منها ، فنصب السلطان المخيم تجاه العدو بجميع الجيش ، وشنق خلقا ممن هرب من
الفرنج ، ولامهم على ترك المصابرة قليلا ليرهبوا عدو الله وعدوهم ، وقوي المرض ، وتزايد بالسلطان جدا ، فلما كانت ليلة النصف من شعبان توفي إلى رحمة الله تعالى
بالمنصورة ، فأخفت جاريته أم ولده
خليل المدعوة
شجر الدر [ ص: 305 ] موته ، وأظهرت أنه مريض مدنف لا يوصل إليه ، وبقيت تعلم عنه بعلامته سواء ، وأعلمت إلى أعيان الأمراء ، فأرسلوا إلى ابنه
الملك المعظم تورانشاه ، وهو
بحصن كيفا ، فأقدموه إليهم سريعا .
وذلك بإشارة أكابر الأمراء ، منهم
فخر الدين بن الشيخ ، فلما قدم عليهم ملكوه عليهم ، وبايعوه أجمعون ، فركب في عصائب الملك ، وقاتل
الفرنج ، فكسرهم وقتل منهم ثلاثين ألفا ، ولله الحمد ، وذلك في أول السنة الداخلة ، ثم قتلوه بعد شهرين من ملكه عليهم ، ضربه بعض الأمراء - وهو
عز الدين أيبك التركماني ، فضربه في يده ، فقطع بعض أصابعه فهرب إلى قصر من خشب في المخيم ، فحاصروه فيه ، وأحرقوه عليه فخرج من بابه مستجيرا برسول الخليفة ، فلم يقبلوا منه ، فهرب إلى النيل ، فانغمر فيه ، ثم خرج ، فقتل سريعا شر قتلة ، وداسوه بأرجلهم ، ودفن كالجيفة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وكان فيمن ضربه
البندقداري على كتفه ، فخرج السيف من تحت إبطه الآخر ، وهو يستغيث فلا يغاث .