ذكر
ملك الناصر بن العزيز بن الظاهر بن الناصر فاتح القدس ، صاحب
حلب ، لدمشق حرسها الله تعالى
لما
وقع بالديار المصرية من قتل الأمراء للمعظم تورانشاه بن الصالح أيوب [ ص: 309 ] ركب الحلبيون ، معهم ابن أستاذهم
الناصر يوسف بن العزيز محمد بن الظاهر غازي بن الناصر يوسف فاتح
بيت المقدس ومن كان عندهم من ملوك
بني أيوب ، منهم
الصالح إسماعيل بن العادل ، وكان أحق الموجودين بالملك ، من حيث السن والعقل والحرمة والرياسة ، ومنهم
الناصر داود بن المعظم بن العادل ، والأشرف موسى بن المنصور إبراهيم بن أسد الدين شيركوه الذي كان صاحب
حمص ، وغيرهم ، فجاءوا إلى
دمشق ، فحاصروها فملكوها سريعا ، ونهبت دار
ابن يغمور ، وحبس في القلعة وتسلموا ما حولها ،
كبعلبك وبصرى والصلت وعجلون وصرخد ، وامتنعت عليهم
الكرك والشوبك بالملك المغيث
عمر بن العادل بن الكامل كان قد تغلب عليهما في هذه السنة حين قتل
المعظم تورانشاه ، فطلبه المصريون ليملكوه عليهم ، فخاف مما حل بابن عمه ، فلم يذهب إليهم .
ولما استقرت يد الحلبيين على
دمشق وما حولها جلس
الناصر في القلعة ، وطيب قلوب الناس ، ثم ركبوا إلى
غزة ليتسلموا الديار المصرية ، فبرز إليهم الجيش المصري ، فاقتتلوا معهم أشد القتال ، فكسر المصريون أولا بحيث إنه خطب
للناصر بها ذلك اليوم ، ثم كانت الدائرة على الشاميين ، فانهزموا وأسر من أعيانهم خلق كثير ، وعدم من الجيش
الصالح إسماعيل ، رحمه الله تعالى ، وقد أنشد هنا الشيخ
أبو شامة رحمه الله تعالى لبعضهم :
[ ص: 310 ] ضيع إسماعيل أموالنا وخرب المغنى بلا معنى وراح من جلق هذا جزا
من أفقر الناس وما استغنى