أخذ التتار حلب ودمشق
وبينما الناس على هذه الحال ، وقد تواترت الأخبار بقصد
التتار بلاد
الشام ، إذ دخل جيش
المغول صحبة ملكهم
هولاكو ، وجازوا الفرات على جسور عملوها ، ووصلوا إلى
حلب في ثاني صفر من هذه السنة ، فحاصروها سبعة
[ ص: 396 ] أيام ، ثم افتتحوها بالأمان ، وغدروا بهم ، فقتلوا من أهلها خلقا لا يعلمهم إلا الله عز وجل ، ونهبوا الأموال وسبوا النساء والأطفال ، وجرى عليهم قريب مما جرى على
أهل بغداد ، فجاسوا خلال الديار ، وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وامتنعت عليهم قلعتها شهرا ، ثم تسلموها بالأمان ، وخربت أسوار البلد وأسوار القلعة ، وبقيت
حلب كأنها حمار أجرب ، وكان نائبها الملك المعظم
تورانشاه بن صلاح الدين ، وكان عاقلا حازما لكنه لم يوافقه الجيش على المصلحة ولكن سرعوا وكان أمر الله قدرا مقدورا . وقد كان السلطان
هولاكو أرسل إلى أهل البلد يقول لهم حين قدم بجحافله : نحن إنما جئنا لقتال الملك الناصر بدمشق ، ونحن نريد منكم أن تجعلوا بالقلعة شحنة ، فإن كانت النصرة لنا فالبلاد كلها في حكمنا ، وإن كانت علينا فإن شئتم قبلتم الشحنة وإن شئتم أطلقتموه . فأجابوه : مالك عندنا إلا السيف . فتعجب من ضعفهم وجوابهم بهذا ، فزحف حينئذ إليهم ، وأحاط بالبلد ، وكان ما كان بقضاء الله وقدره ، ولما فتحت
حلب أرسل صاحب
حماة بمفاتيحها إليه ، فاستناب عليها رجلا من العجم يدعي أنه من ذرية
خالد بن الوليد يقال له :
خسروشاه . فخرب أسوارها كما فعل بمدينة
حلب .