[ ص: 421 ] ثم دخلت
سنة تسع وخمسين وستمائة
استهلت بيوم الاثنين لأيام خلون من كانون الأول ، وليس للمسلمين خليفة ، وصاحب
مكة أبو نمي بن أبي سعد بن علي بن قتادة الحسني ، وعمه
إدريس بن علي شريكه ، وصاحب
المدينة الأمير
عز الدين جماز بن شيحة الحسيني ، وصاحب
الديار المصرية والشامية السلطان الملك
الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري ، وشريكه في
دمشق وبعلبك والصبيبة وبانياس الأمير
علم الدين سنجر الحلبي الملقب بالملك المجاهد ، وشريكه في
حلب الأمير
حسام الدين لاجين الجوكندار العزيزي ، والكرك والشوبك للملك
المغيث فتح الدين عمر بن العادل سيف الدين أبي بكر بن الكامل محمد بن العادل الكبير سيف الدين أبي بكر بن أيوب .
وحصن صهيون وبرزية في يد الأمير
مظفر الدين عثمان [ ص: 422 ] بن ناصر الدين منكورس ، وصاحب
حماة الملك
المنصور بن تقي الدين محمود ، وصاحب
حمص الأشرف بن المنصور إبراهيم بن أسد الدين الناصر ، وصاحب
الموصل الملك
الصالح بن البدر لؤلؤ ، وأخوه الملك المجاهد صاحب
جزيرة ابن عمر ، وصاحب
ماردين الملك
السعيد نجم الدين إيل غازي بن أرتق ، وصاحب
بلاد الروم ركن الدين قليج أرسلان بن كيخسرو السلجوقي ، وشريكه في الملك أخوه
كيكاوس والبلاد بينهما نصفين ، وسائر بلاد المشرق من
خراسان والعراق بأيدي
التتار أصحاب
هولاكوقان ، وبلاد
اليمن يملكها غير واحد من الملوك ، وكذلك بلاد
المغرب في كل قطر منها ملك .
وفي هذه السنة أغارت
التتار على بلاد
حلب ، وانجفل الناس وحصل لهم رعب شديد والتقى
التتر مع نائب
حلب الأمير
حسام الدين الجوكندار العزيزي ، والمنصور صاحب
حماة والأشرف صاحب
حمص ، وكانت الوقعة عند
حمص قريبا من قبر
خالد بن الوليد ، والتتار في ستة آلاف ، والمسلمون في ألف وأربعمائة ، فهزمهم الله تعالى ، وقتلوا أكثر
التتار ولله
[ ص: 423 ] الحمد ، فرجع
التتار إلى
حلب ، فحصروها أربعة أشهر ، وضيقوا عليها الأقوات ، وقتلوا من الغرباء خلقا كثيرا صبرا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، والجيوش الذين كسروهم على
حمص لم يرجعوا إلى
حلب ، بل ساقوا إلى
الديار المصرية فتلقاهم الملك
الظاهر في أبهة السلطنة ، وأحسن إليهم ، وبقيت
حلب محاصرة لا ناصر لها في هذه المدة ، ولكن سلم الله سبحانه وتعالى .
وفي يوم الاثنين سابع صفر ركب
الملك الظاهر في أبهة الملك ، ومشى الأمراء والأجناد بين يديه ، وكان ذلك أول ركوبه ، واستمر بعد ذلك يتابع الركوب واللعب بالكرة .
وفي الحادي عشر من صفر خرج الأمراء
بدمشق على الأمير
علم الدين سنجر الحلبي ، فقاتلوه فهزموه ، وألجئوه إلى
القلعة ، وحصروه فيها ، فهرب منها إلى
قلعة بعلبك ، وتسلم
قلعة دمشق الأمير
علاء الدين أيديكين البندقداري وكان مملوكا
لجمال الدين بن يغمور ، ثم
nindex.php?page=showalam&ids=15315للصالح أيوب بن الكامل ، وإليه ينسب
الملك الظاهر ، فأرسله السلطان ليتسلم
دمشق من
الحلبي علم الدين سنجر ، فأخذها وسكن القلعة بها نيابة عن
الملك الظاهر ، ثم حاصروا
الحلبي ببعلبك ، حتى أخرجوه منها على بغل ، وأرسلوه إلى خدمة السلطان الظاهر ، فدخل عليه ليلا ، فعاتبه ثم أطلق له أشياء وأكرمه .
[ ص: 424 ] وفي يوم الاثنين ثامن ربيع الأول استوزر
الظاهر بهاء الدين علي بن محمد ، المعروف بابن الحنا .
وفي ربيع الآخر قبض
الظاهر على جماعة من الأمراء بلغه عنهم أنهم يريدون الوثوب عليه . وفيه أرسل إلى
الشوبك فتسلمها من أيدي نواب
المغيث صاحب
الكرك .
وفيها جهز
الظاهر جيشا إلى
حلب ليطردوا
التتار عنها ، فلما وصل الجيش إلى
غزة كتب
الفرنج إلى
التتار ينذرونهم ، فرحلوا عنها مسرعين ، واستولى على
حلب جماعة من أهلها ، فصادروا ونهبوا وبلغوا أغراضهم ، وقدم إليهم الجيش الظاهري ، فأزالوا ذلك كله ، وصادروا بعض أهلها بألف ألف وستمائة ألف ، ثم قدم الأمير
شمس الدين آقوش البرلي من جهة الظاهر ، فاستولى على البلد واستحوذ عليها ، فقطع ووصل وحكم ولكن ما عدل .
وفي يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى باشر القضاء
بالديار المصرية تاج الدين عبد الوهاب ابن بنت القاضي الأعز أبي القاسم خلف بن [ ص: 425 ] القاضي رشيد الدين أبي الثناء محمود بن بدر العلامي ، وذلك بعد شروط ذكرها للظاهر شديدة ، فدخل تحتها
الملك الظاهر ، وعزل عن القضاء
بدر الدين أبو المحاسن يوسف بن علي السنجاري ، ورسم عليه أياما ثم أفرج عنه .