[ ص: 486 ] ثم دخلت
سنة ثمان وستين وستمائة
في ثاني المحرم منها دخل السلطان من
الحجاز على الهجن ، فلم يرع الناس إلا وهو في
الميدان الأخضر يسير ، ففرح الناس بذلك ، وأراح الناس من تلقيه بالهدايا والتحف ، وهذه كانت عادته ، وقد عجب الناس من سرعة مسيره وعلو همته ، ثم سار إلى
حلب ، ثم سار إلى
مصر ، فدخلها في ثالث الشهر مع الركب المصري ، وكانت زوجته
أم الملك السعيد في
الحجاز هذه السنة ، ثم خرج في ثالث عشر صفر هو وولده والأمراء إلى
الإسكندرية ، فتصيد هنالك ، وأطلق للأمراء الأموال الكثيرة والخلع ، ورجع مؤيدا منصورا .
وفي المحرم منها قتل
صاحب مراكش أبو العلاء إدريس بن عبد الله بن محمد بن يوسف الملقب بالواثق ، قتله
بنو مرين في حرب كانت بينه وبينهم بالقرب من
مراكش .
وفي ثالث عشر ربيع الآخر منها وصل السلطان إلى
دمشق في طائفة من جيشه ، وقد لقوا في الطريق مشقة كثيرة من البرد والوحل ، فخيم على
[ ص: 487 ] الزنبقية ، وبلغه أن
ابن أخت زيتون خرج من
عكا يقصد جيش المسلمين ، فركب إليه سريعا ، فوجده قريبا من
عكا فدخلها خوفا منه .
وفي رجب تسلم نواب السلطان
مصياف من
الإسماعيلية ، وهرب منها أميرهم
الصارم مبارك بن الرضي ، فتحيل عليه صاحب
حماة حتى أسره ، وأرسله إلى السلطان ، فحبسه في بعض الأبرجة
بالقاهرة .
وفيها أرسل السلطان الدرابزينات إلى الحجرة النبوية ، وأمر أن تقام حول القبر صيانة له ، وعمل لها أبوابا تفتح وتغلق من الديار المصرية ، فركب ذلك عليها .
وفيها استفاضت الأخبار
بقصد الفرنج بلاد الشام ، فجهز السلطان العساكر لقتالهم ، وهو مع ذلك مهتم
بالإسكندرية خوفا عليها ، وقد حصنها وعمل جسورة إليها إن دهمها العدو ، وأمر بقتل الكلاب منها .
وفيها انقرضت
دولة بني عبد المؤمن من بلاد المغرب ، وكان آخرهم
إدريس بن عبد الله بن محمد بن يوسف صاحب
مراكش قتله
بنو مرين في هذه السنة .