وممن توفي فيها من الأعيان :
الملك تقي الدين عباس بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب بن شادي
وهو آخر من بقي من أولاد العادل ، وقد سمع الحديث من
الكندي وابن الحرستاني ، وكان محترما عند الملوك ، لا يرفع عليه أحد في المجالس والمواكب ، وكان لين الأخلاق ، حسن العشرة ، لا تمل مجالسته . توفي يوم الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الآخرة
بدرب الريحان ، ودفن بتربته بسفح
قاسيون .
قاضي القضاة
شرف الدين أبو حفص عمر بن عبد الله بن صالح بن عيسى السبكي المالكي
ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة ، وسمع الحديث وتفقه وأفتى بالصالحية ، وولي حسبة
القاهرة ، ثم ولي القضاء سنة ست وستين ، لما ولوا من كل مذهب قاضيا ، وقد امتنع أشد الامتناع ، ثم أجاب بعد إكراه ، وشرط أن لا يأخذ على القضاء جامكية ، وكان مشهورا بالعلم والدين ، روى عنه القاضي
بدر الدين بن جماعة وغيره . توفي لخمس بقين من ذي القعدة .
[ ص: 497 ] الطواشي شجاع الدين مرشد المظفري الحموي
كان شجاعا بطلا من الأبطال الشجعان ، وكان له رأي سديد ، وكان أستاذه لا يخالفه ، وكذلك
الملك الظاهر ، توفي
بحماة ، ودفن بتربته بالقرب من مدرسته
بحماة .
ابن سبعين : عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين ، قطب الدين أبو محمد المقدسي الرقوطي
نسبة إلى
رقوطة بلدة قريبة من
مرسية ، ولد سنة أربع عشرة وستمائة ، واشتغل بعلم الأوائل والفلسفة ، فتولد له من ذلك نوع من الإلحاد ، وصنف فيه وكان يعرف السيميا ، فكان يلبس بذلك على الأغبياء من الأمراء والأغنياء ، ويزعم أنه حال من أحوال القوم وله من المصنفات كتاب " البد " ، وكتاب " الهو " وقد أقام
بمكة ، واستحوذ على عقل صاحبها
أبو نمي ، وجاور في بعض الأوقات
بغار حراء يرتجي - فيما ينقل عنه - أن يأتيه فيه وحي كما أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، بناء على ما يعتقده من العقيدة الفاسدة من أن النبوة مكتسبة ، وأنها فيض يفيض على العقل إذا صفا ، فما حصل له إلا الخزي في الدنيا والآخرة ، إن كان مات على ذلك ، وقد كان إذا رأى الطائفين حول البيت يقول عنهم : كأنهم الحمير حول
[ ص: 498 ] المدار ، وإنهم لو طافوا به كان ذلك أفضل من طوافهم بالبيت . فالله يحكم فيه وفي أمثاله ، وقد نقلت عنه عظائم من الأقوال والأفعال ، توفي في الثامن والعشرين من شوال
بمكة .