وممن توفي فيها من الأعيان :
الشيخة فاطمة بنت الشيخ إبراهيم الرعيني
زوجة
النجم بن إسرائيل ، كانت من بيت الفقر ، لها سلطنة وإقدام وترجمة وكلام في طريقة الحريرية وغيرهم ، وحضر جنازتها خلق كثير ، ودفنت عند
الشيخ رسلان
العلم بن الصاحب الماجن ، هو الشيخ الفاضل
علم الدين أحمد بن يوسف بن عبد الله بن شكر
كان من بيت علم ورياسة ، وقد درس في بعض المدارس ، وكانت له وجاهة ورياسة ، ثم ترك ذلك كله ، وأقبل على الحرفشة وصحبة الحرافيش والتشبه بهم في اللباس والطريقة ، وأكل الحشيش
[ ص: 619 ] واستعمل ما كان من إلفهم في الخلاعة والمجون والزوائد الرائقة الفائقة التي لا يلحق في كثير منها ، وقد كان له أولاد فضلاء ينهونه عن ذلك ، فلم يلتفت إليهم ، ولم يزل ذلك دأبه حتى توفي ليلة الجمعة الحادي والعشرين من ربيع الأول .
ولما ولي القضاة الأربعة كان ابن خالته
تاج الدين ابن بنت الأعز مستقلا في القضاء قبل ذلك ، فقال له
ابن الصاحب المذكور : ما مت حتى رأيتك صاحب ربع . فقال له : تسكت وإلا خليتهم يسقونك السم . فقال له : في قلة دينك تفعل ، وفي قلة عقولهم يسمعوا منك .
وقال يمدح الحشيشة الخسيسة :
في خمار الحشيش معنى مرامي يا أهيل العقول والأفهام حرموها من غير عقل ونقل
وحرام تحريم غير الحرام
وله أيضا :
يا نفس ميلي إلى التصابي فاللهو منه الفتى يعيش
ولا تملي من سكر يوم إن أعوز الخمر فالحشيش
وله أيضا :
جمعت بين الحشيش والخمر فرحت لا أهتدي من السكر
يا من يريني لباب مدرستي يربح والله غاية الأجر
[ ص: 620 ] وقال يهجو
الصاحب بهاء الدين بن الحنا :
اقعد بها وتهنا لا بد أن تتعنى
تكتب على ابن محمد من أين لك يا بن حنا
فاستدعاه فضربه ، ثم أمر به إلى المارستان ، فمكث فيه سنة ، ثم أطلق .
شمس الدين الأصبهاني شارح " المحصول "
محمد بن محمود بن محمد بن عباد السلماني العلامة
قدم
دمشق بعد الخمسين وستمائة ، وناظر الفقهاء ، واشتهرت فضائله ، وسمع الحديث ، وشرح " المحصول "
للرازي ، وصنف القواعد في أربعة فنون ; أصول الفقه ، وأصول الدين ، والمنطق ، والخلاف ، وله معرفة جيدة بالمنطق والنحو والأدب ، وقد رحل إلى
مصر ، فدرس بمشهد
الحسين nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وغيرهما ورحل إليه الطلبة ، توفي في العشرين من رجب في
القاهرة عن ثنتين وسبعين سنة .
الشمس محمد بن العفيف سليمان بن علي بن عبد الله بن علي التلمساني
الشاعر المطبق ، كانت وفاته في حياة أبيه ، فتألم له ووجد عليه وجدا شديدا ، ورثاه بأشعار كثيرة ، توفي يوم الأربعاء الرابع عشر من
[ ص: 621 ] رجب ، وصلي عليه بالجامع ، ودفن
بالصوفية . فمن رائق شعره قوله :
وإن ثناياه نجوم لبدره وهن لعقد الحسن فيه فرائد
وكم يتجافى خصره وهو ناحل وكم يتحلى ثغره وهو بارد
وله يذم الحشيشة :
ما للحشيشة فضل عند آكلها لكنه غير مصروف إلى رشده
صفراء في وجهه خضراء في فمه حمراء في عينه سوداء في كبده
ومن شعره أيضا :
بدا وجهه من فوق ذابل قده وقد لاح من سود الذوائب في جنح
فقلت عجيب كيف لم يذهب الدجى وقد طلعت شمس النهار على رمح
وله من جملة أبيات :
ما أنت عندي والقضي ب اللدن في حد سوا
هذاك حركه الهوا ء وأنت حركت الهوى
الملك
المنصور شهاب الدين محمود بن الملك الصالح إسماعيل بن العادل
توفي يوم الثلاثاء ثامن عشر شعبان ، وصلي عليه بالجامع ، ودفن من يومه بتربة جده ، وكان ناظرها ، وقد سمع الحديث الكثير ، وكان يحب أهله ، وكان فيه لطف وتواضع .
[ ص: 622 ] الشيخ
فخر الدين أبو محمد عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي الحنبلي
شيخ
دار الحديث النورية ومشهد
ابن عروة ، وشيخ الصدرية ، كان يفتي ويفيد الناس مع ديانة وصلاح وزهادة وعبادة ، ولد سنة إحدى عشرة وستمائة ، وتوفي في رجب منها .