وممن توفي فيها من الأعيان :
ابن دقيق العيد ، الشيخ الإمام ، العالم العلامة ، الحافظ ، قاضي القضاة :
تقي الدين ابن دقيق العيد القشيري المصري ، ولد يوم السبت الخامس والعشرين من شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة بساحل مدينة
ينبع من أرض
الحجاز ، سمع الحديث الكثير ، ورحل ، وخرج ، وصنف فيه - إسنادا ومتنا - مصنفات عديدة فريدة مفيدة ، وانتهت إليه رياسة العلم في زمانه ، وفاق أقرانه ، ورحل إليه الطلبة ، ودرس في أماكن كثيرة ، ثم ولي قضاء
الديار المصرية في سنة خمس وتسعين وستمائة ، ومشيخة دار الحديث الكاملية ، وكان وقورا قليل
[ ص: 31 ] الكلام ، غزير الفوائد ، كثير العلوم في ديانة ونزاهة ، وله شعر رائق ، توفي يوم الجمعة حادي عشر شهر صفر ، وصلي عليه يوم الجمعة المذكور بسوق الخيل ، وحضر جنازته نائب السلطنة والأمراء ، ودفن بالقرافة الصغرى رحمه الله .
الشيخ
برهان الدين السكندري إبراهيم بن فلاح بن محمد بن حاتم ، سمع الحديث ، وتفقه ، ودرس
بالقوصية ، وأعاد وأفتى ، وناب في الخطابة مدة ، وفي الحكم عن
ابن جماعة ، وكان دينا فاضلا ، ولد سنة ست وثلاثين وستمائة ، وتوفي يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شوال - عن خمس وستين سنة .
وبعد شهر سوي ، كانت وفاة
الصدر كمال الدين بن العطار - كاتب الدرج منذ أربعين سنة -
أبو العباس أحمد بن أبي الفتح محمود بن أبي الوحش أسد بن سلامة بن فتيان الشيباني ، كان من خيار الناس
[ ص: 32 ] وأحسنهم تقية ، ودفن بتربة لهم تحت الكهف بسفح
قاسيون ، وتأسف الناس عليه لإحسانه إليهم ، رحمه الله .
الملك العادل
زين الدين كتبغا ، توفي
بحماة نائبا عليها بعد
صرخد يوم الجمعة يوم عيد الأضحى ، ونقل إلى تربته بسفح
قاسيون غربي
الرباط الناصري ، يقال لها : العادلية ، وهي تربة مليحة ذات شبابيك ، وبوابة ، ومئذنة ، وله عليها أوقاف دارة على وظائف ، من قراءة ، وأذان ، وإمامة ، وغير ذلك ، وكان من كبار الأمراء المنصورية ، وقد ملك البلاد بعد مقتل الأشرف
خليل بن المنصور ، ثم انتزع الملك
لاجين ، وجلس في
قلعة دمشق ، ثم تحول إلى
صرخد ، فكان بها حتى قتل
لاجين ، وأخذ
الملك الناصر بن قلاوون فاستنابه
بحماة حتى كانت وفاته كما ذكرنا ، وكان من خيار الملوك ، وأعدلهم ، وأكثرهم برا ، وكان من خيار الأمراء والنواب ، رحمه الله تعالى .