ذكر
ما جرى للشيخ تقي الدين ابن تيمية مع الأحمدية ، وكيف عقدت له المجالس الثلاثة
وفي يوم السبت تاسع جمادى الأولى حضر جماعة كثيرة من الفقراء
الأحمدية إلى نائب السلطنة
بالقصر الأبلق ، وحضر الشيخ
تقي الدين ابن تيمية ، فسألوا من نائب السلطنة بحضرة الأمراء أن يكف
الشيخ تقي الدين إنكاره عليهم ، وأن يسلم لهم حالهم ، فقال لهم الشيخ : هذا ما يمكن ، ولا بد لكل أحد أن يدخل تحت الكتاب والسنة قولا وفعلا ، ومن خرج عنهما وجب الإنكار عليه على كل أحد ، فأرادوا أن يفعلوا شيئا من أحوالهم الشيطانية التي يتعاطونها في سماعاتهم ، فقال الشيخ : تلك أحوال شيطانية باطلة ، وأكثر أحوالكم من باب الحيل والبهتان ، ومن أراد منكم أن يدخل النار فليدخل أولا إلى الحمام ، وليغسل جسده غسلا جيدا ، ويدلكه بالخل والأشنان ، ثم يدخل بعد
[ ص: 52 ] ذلك إلى النار إن كان صادقا ، ولو فرض أن أحدا من أهل البدع دخل النار بعد أن يغتسل ، فإن ذلك لا يدل على صلاحه ، ولا على كرامته ، بل حاله من أحوال الدجاجلة المخالفة للشريعة المحمدية ، إذا كان صاحبها على السنة ، فما الظن بخلاف ذلك! فابتدر شيخ المنيبع
الشيخ صالح ، وقال : نحن أحوالنا إنما تنفق عند
التتر ، ليست تنفق عند الشرع . فضبط الحاضرون عليه تلك الكلمة ، وكثر الإنكار عليهم من كل أحد ، ثم اتفق الحال على أنهم يخلعون الأطواق الحديد من رقابهم ، وأن من خرج على الكتاب والسنة ضربت عنقه .
وصنف الشيخ جزءا في طريقة
الأحمدية ، وبين فيه فساد أحوالهم ، ومسالكهم ، وتخيلاتهم ، وما في طريقتهم من مقبول ومردود بالكتاب والسنة ، وأظهر الله السنة على يديه ، وأخمد بدعتهم ، ولله الحمد والمنة .
وفي العشر الأوسط من هذا الشهر خلع على
علاء الدين بن معبد ،
وعز الدين خطاب ،
وسيف الدين بكتمر مملوك
بكتاش الحسامي بالإمرة ، ولبسوا التشاريف ، وركبوا بها ، وسلموا إليهم
جبل الجرد ، والكسروان ، والبقاع .
وفي يوم الخميس ثالث رجب خرج الناس للاستسقاء إلى سطح
المزة ، ونصبوا هناك منبرا ، وخرج نائب السلطنة ، وجميع الناس من القضاة ، والعلماء ، والفقراء ، وكان مشهدا هائلا ، وخطبة عظيمة فصيحة ، فاستسقوا فلم يسقوا يومهم ذلك .