ذكر مقتل الجاشنكير
كان قد فر الخبيث في جماعة من أصحابه ، فلما خرج
الأمير سيف الدين قراسنقر المنصوري من
مصر متوجها إلى نيابة
الشام عوضا عن
الأفرم ، فلما كان في
غزة في سابع ذي القعدة ضرب حلقة لأجل الصيد ، فوقع في وسطها
الجاشنكير في ثلاثمائة من أصحابه ، فأحيط بهم ، وتفرق عنه أصحابه ، فأمسكوه ،
[ ص: 97 ] ورجع معه
قراسنقر وسيف الدين بهادر آص على الهجن ، فلما كان بالخطارة تلقاهم
أسندمر ، فتسلمه منهم ، ورجعا إلى عسكرهم ، ودخل به
أسندمر على السلطان ، فعاتبه ولامه ، وكان آخر العهد به ، قتل ودفن
بالقرافة ، ولم ينفعه شيخه
المنبجي ولا أمواله ، بل قتل شر قتلة ، ودخل
قراسنقر دمشق يوم الاثنين الخامس والعشرين من ذي القعدة ، فنزل بالقصر ، وكان في صحبته
ابن صصرى ،
وابن الزملكاني ،
وابن القلانسي ،
وعلاء الدين بن غانم ، وخلق من الأمراء المصريين
والشاميين ، وكان
الخطيب جلال الدين القزويني قد وصل قبلهم يوم الخميس الثاني والعشرين من الشهر ، وخطب يوم الجمعة على عادته ، فلما كان يوم الجمعة الأخرى وهو التاسع والعشرون من الشهر ، خطب بجامع
دمشق القاضي بدر الدين محمد بن عثمان بن يوسف بن الحداد الحنبلي ، عن إذن نائب السلطنة ، وقرئ تقليده على المنبر بعد الصلاة بحضرة القضاة والأكابر والأعيان ، وخلع عليه عقيب ذلك خلعة سنية ، واستمر يباشر الإمامة والخطابة اثنين وأربعين يوما ، ثم أعيد الخطيب جلال الدين بمرسوم السلطان ، وباشر يوم الخميس ثاني عشر المحرم من السنة الآتية .
وفي ذي الحجة درس
كمال الدين بن الشيرازي بالمدرسة الشامية البرانية ، انتزعها من يد الشيخ
كمال الدين بن الزملكاني ، وذلك أن
أسندمر ساعده على ذلك .
وفيها أظهر ملك
التتر خربندا الرفض في بلاده ، وأمر الخطباء أن لا
[ ص: 98 ] يذكروا في خطبتهم إلا
علي بن أبي طالب ، وولديه ، وأهل بيته ، ولما وصل خطيب
باب الأزج إلى هذا الموضع من خطبته بكى بكاء شديدا ، وبكى الناس معه ، ونزل ولم يتمكن من إتمامها ، فأقيم من أتمها عنه وصلى بالناس ، وظهر على الناس بتلك البلاد من أهل السنة أهل البدعة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ولم يحج فيها أحد من
أهل الشام بسبب تخبيط الدولة وكثرة الاختلاف .