[ ص: 215 ] ثم دخلت
سنة ثنتين وعشرين وسبعمائة .
استهلت وأرباب الولايات هم المذكورون في التي قبلها ، سوى والي البر
بدمشق ، فإنه
علم الدين طرقشي ، وقد صرف
ابن معبد إلى ولاية
حوران لشهامته ، وصرامته ، وديانته ، وأمانته .
وفي رابع عشر المحرم حصلت زلزلة عظيمة بدمشق ، وقى الله شرها . وقدم نائب السلطنة تنكز من
الحجاز ليلة الثلاثاء حادي عشر المحرم ، وكانت مدة غيبته ثلاثة أشهر ، وقدم ليلا لئلا يتكلف أحد لقدومه ، وسافر نائب الغيبة عنه قبل وصوله بيومين لئلا يكلفه بهدية ولا غيرها ، وقد قدم
مغلطاي عبد الواحد الجمدار ، أحد الأمراء
بمصر بخلعة سنية من السلطان
لتنكز ، فلبسها وقبل العتبة الشريفة على العادة .
وفي يوم الأربعاء سادس صفر درس الشيخ
نجم الدين القحفازي بالظاهرية للحنفية ، وهو خطيب جامع
تنكز ، وحضر عنده القضاة والأعيان ، ودرس في قوله تعالى :
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا [ النساء : 58 ] . وذلك
[ ص: 216 ] بعد وفاة القاضي
شمس الدين بن العز الحنفي ، توفي في مرجعه من
الحجاز ، وباشر بعده نيابة القضاء
عماد الدين الطرسوسي ، وهو زوج ابنته ، وكان ينوب عنه في حال غيبته ، فاستمر بعده ، ثم ولي الحكم بعد مستنيبه فيها . وفيه قدم
الخوارزمي حاجبا عوضا عن
كتبغا .
وفي ربيع الأول قدم إلى
دمشق الشيخ
قوام الدين مسعود بن الشيخ برهان الدين محمد بن الشيخ شرف الدين محمد الكرماني الحنفي ، فنزل
بالقصاعين ، وتردد إليه الطلبة ، ودخل إلى نائب السلطنة واجتمع به وهو شاب ، مولده سنة إحدى وسبعمائة ، وقد اجتمعت به ، وكان عنده مشاركة في الفروع والأصول ، ودعواه أوسع من محصوله ، وكانت لأبيه وجده مصنفات ، ثم صار بعد مدة إلى
مصر ، ومات بها كما سيأتي .
وفي ربيع الآخر تكامل فتح
آياس ومعاملتها ، وانتزاعها من أيدي الأرمن ، وأخذ البرج الأطلس ، وبينه وبينها في البحر رمية ونصف ، فأخذه المسلمون بإذن الله وخربوه ، وكانت حجارته مطلية بالحديد والرصاص ،
[ ص: 217 ] وعرض سوره ثلاثة عشر ذراعا بالنجاري ، وغنم المسلمون غنائم كثيرة جدا ، وحاصروا كوارة ، فقوي عليهم الحر والذباب ، فرسم السلطان بعودهم ، فحرقوا ما كان معهم من المجانيق ، وأخذوا حديدها ، وأقبلوا سالمين غانمين ، وكان معهم خلق من المتطوعين .
وفي يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادى الأولى كمل بسط داخل الجامع ، فاتسع على الناس ، ولكن حصل حرج بحمل الأمتعة على خلاف العادة ، فإن الناس كانوا يمرون وسط الرواقات ويخرجون من باب البرادة ، ومن شاء استمر يمشي إلى الباب الآخر بنعليه ، ولم يكن ممنوعا سوى المقصورة ، لا يمكن أحدا الدخول إليها بالمداسات ، بخلاف باقي الرواقات ، فأمر نائب السلطنة بتكميل بسطه ، بإشارة ناظره
ابن مراجل .
وفي جمادى الآخرة رجعت العساكر من بلاد
سيس ومقدمهم
آقوش نائب
الكرك .
وفي آخر رجب باشر القاضي
محيي الدين إسماعيل بن جهبل نيابة الحكم عن
ابن صصرى عوضا عن
الداراني الجعفري ، واستغنى
الداراني بخطبة جامع العقيبة عنها .
[ ص: 218 ] وفي ثالث عشر رجب ركب نائب السلطنة إلى خدمة السلطان ، فأكرمه وخلع عليه ، وعاد في أول شعبان ، ففرح به الناس .
وفي رجب كملت
عمارة الحمام الذي بناه الأمير علاء الدين بن صبح جوار داره شمالي
الشامية البرانية .
وفي يوم الاثنين تاسع شعبان عقد الأمير
سيف الدين أبو بكر بن أرغون نائب السلطنة عقده على ابنة السلطان
الملك الناصر ، وختن في هذا اليوم جماعة من أولاد الأمراء بين يديه ، ومد سماطا عظيما ، ونثرت الفضة على رءوس المطهرين ، وكان يوما مشهودا . ورسم السلطان في هذا الشهر بوضع المكس عن المأكولات
بمكة ، وعوض صاحبها عن ذلك بإقطاع في بلاد الصعيد .
وفي أواخر رمضان كملت
عمارة الحمام الذي بناه بهاء الدين ابن عليمة بزقاق الماجية من
قاسيون بالقرب من سكنه ، وانتفع به أهل تلك الناحية ومن جاورهم .
وخرج الركب الشامي يوم الخميس ثامن شوال وأميره
سيف الدين بلطى نائب
الرحبة ، وكان سكنه داخل باب الجابية
بدرب ابن صبرة ، وقاضيه
شمس الدين بن النقيب قاضي
حمص .
[ ص: 219 ]