كائنة غريبة جدا
لما كان يوم الأربعاء الرابع والعشرين من رجب من هذه السنة نهدت جماعة من مجاوري الجامع
بدمشق من مشهد
علي وغيره ، واتبعهم جماعة من الفقراء والمغاربة ،
وجاءوا إلى أماكن متهمة بالخمر وبيع الحشيش ، فكسروا أشياء كثيرة من أواني الخمر ، وأراقوا ما فيها ، وأتلفوا شيئا كثيرا من الحشيش ، وغيره ، ثم انتقلوا
[ ص: 578 ] إلى حكر السماق وغيرهم ، فثار عليهم من البارذارية ، والكلابرية ، وغيرهم من الرعاع ، فتناوشوا ، وجرت بينهم ضربات بالأيدي ، وغيرها ، وربما سل بعض الفساق السيوف عليهم كما ذكر . وقد رسم ملك الأمراء لوالي
المدينة ، ووالي البر أن يكونوا عضدا لهم ، وعونا على الخمارين والحشاشة ، فنصروهم عليهم ، غير أنه كثر معهم الضجيج ، ونصبوا راية ، واجتمع عليهم خلق كثير . ولما كان في أواخر النهار تقدم جماعة من النقباء والخزاندارية ، ومعهم جنازير ، فأخذوا جماعة من مجاوري الجامع وغيرهم ، وضربوا بالمقارع ، وطيف بهم في البلد ، ونادوا عليهم : هذا جزاء من يتعرض لما لا يعنيه تحت علم السلطان . فتعجب الناس من ذلك ، وأنكروه ، حتى إنه أنكر اثنان من العامة على المنادية ، فضرب بعض الجند أحدهما بدبوس فقتله ، وضرب الآخر ، فيقال : إنه مات أيضا . فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وفي شعبان من هذه السنة حكي عن جارية من عتيقات الأمير
سيف الدين تمر المهمندار أنها حملت قريبا من سبعين يوما ، ثم شرعت تطرح ما في بطنها ، فوضعت قريبا من أربعين يوما في أيام متوالية ومتفرقة أربع عشرة بنتا ، وصبيا بعدهن ، كلهن يعرف بشكل الذكر من الأنثى .
وجاء الخبر بأن الأمير
سيف الدين شيخون مدبر الممالك بالديار المصرية والشامية ، ظفر عليه مملوك من مماليك السلطان ، فضربه بالسيف ضربات فجرحه في أماكن في جسده; منها ما هو في وجهه ، ومنها ما هو في يده ، فحمل إلى منزله صريعا طريحا جريحا ، وغضبت لذلك طوائف من الأمراء حتى قيل إنهم ركبوا ،
[ ص: 579 ] ودعوا إلى المبارزة ، فلم يجئ إليهم ، وعظم الخطب بذلك جدا ، واتهموا به الأمير
سيف الدين صرغتمش ، وغيره ، وأن هذا إنما فعل عن ممالأة منهم . فالله أعلم .