[ ص: 9 ] فصل
ثم ذكر
ابن إسحاق من مال إلى هؤلاء الأضداد من
اليهود ، من
المنافقين من الأوس والخزرج ، فمن
الأوس ، زوي بن الحارث ، وجلاس بن سويد بن الصامت الأنصاري ، وفيه نزل :
يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم [ التوبة : 74 ] وذلك أنه قال حين تخلف عن غزوة تبوك : لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمر . فنماها ابن امرأته
عمير بن سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنكر
الجلاس ذلك وحلف ما قال ، فنزل فيه ذلك . قال : وقد زعموا أنه تاب وحسنت توبته حتى عرف منه الإسلام والخير . قال : وأخوه
الحارث بن سويد ، وهو الذي قتل
المجذر بن ذياد البلوي ، وقيس بن زيد أحد
بني ضبيعة يوم
أحد ، خرج مع المسلمين ، وكان منافقا فلما التقى الناس ، عدا عليهما فقتلهما ، ثم لحق
بقريش .
قال
ابن هشام : وكان
المجذر قد قتل أباه
سويد بن الصامت في بعض حروب الجاهلية ، فأخذ بثأر أبيه منه يوم أحد . كذا قال
ابن هشام . وقد ذكر
ابن إسحاق أن الذي قتل
سويد بن الصامت إنما هو
nindex.php?page=showalam&ids=178معاذ بن عفراء ، قتله في غير حرب ، قبل يوم بعاث ، رماه بسهم فقتله . وأنكر
ابن هشام أن يكون
[ ص: 10 ] الحارث قتل
قيس بن زيد ، قال : لأن
ابن إسحاق لم يذكره في قتلى أحد .
قال
ابن إسحاق : وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
عمر بن الخطاب بقتله إن هو ظفر به ، فبعث
الحارث إلى أخيه
الجلاس يطلب له التوبة ، ليرجع إلى قومه ، فأنزل الله ، فيما بلغني عن
ابن عباس :
كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين [ آل عمران : 86 ] إلى آخر القصة . قال :
وبجاد بن عثمان بن عامر ، ونبتل بن الحارث ، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب أن ينظر إلى شيطان فلينظر إلى هذا . وكان جسيما ، أدلم ثائر شعر الرأس أحمر العينين ، أسفع الخدين ، وكان يسمع الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينقله إلى المنافقين ، وهو الذي قال : إنما
محمد أذن ، من حدثه بشيء صدقه . فأنزل الله فيه :
ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن الآية [ التوبة : 61 ] . قال :
وأبو حبيبة بن الأزعر ، وكان ممن بنى مسجد الضرار
وثعلبة بن حاطب ، ومعتب بن قشير ، وهما اللذان عاهدا الله
لئن آتانا من فضله لنصدقن ثم نكثا فنزل فيهما ذلك
ومعتب هو الذي قال
[ ص: 11 ] يوم أحد
لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا فنزل فيه الآية ، وهو الذي قال يوم الأحزاب : كأن
محمدا يعدنا أن نأكل كنوز
كسرى وقيصر ، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط ، فنزل فيه :
وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا [ الأحزاب : 12 ]
قال
ابن إسحاق : والحارث بن حاطب . قال
ابن هشام : ومعتب بن قشير ، وثعلبة والحارث ابنا
حاطب - وهما من
بني أمية بن زيد - من أهل بدر ، وليسوا من المنافقين ، فيما ذكر لي من أثق به من أهل العلم . قال : وقد ذكر
ابن إسحاق ثعلبة والحارث في
بني أمية بن زيد ، في أسماء
أهل بدر .
قال
ابن إسحاق : وعباد بن حنيف ، أخو
سهل بن حنيف وبحزج وكان ممن بنى
مسجد الضرار ،
وعمرو بن خذام ، وعبد الله بن نبتل ، وجارية بن عامر بن العطاف ، وابناه
يزيد ومجمع ابنا
جارية ، وهم ممن اتخذ مسجد الضرار ، وكان
مجمع غلاما حدثا ، قد جمع أكثر القرآن وكان يصلي بهم فيه ، فلما خرب مسجد الضرار - كما سيأتي بيانه بعد غزوة
تبوك - وكان في أيام
عمر ، سأل أهل
قباء عمر أن يصلي بهم
مجمع فقال :
[ ص: 12 ] لا والله ، أوليس إمام المنافقين في مسجد الضرار ؟ فحلف بالله ما علمت بشيء من أمرهم . فزعموا أن
عمر تركه فصلى بهم . قال :
ووديعة بن ثابت ، وكان ممن بنى مسجد الضرار ، وهو الذي قال : إنما كنا نخوض ونلعب . فنزل فيه ذلك قال :
وخذام بن خالد ، وهو الذي أخرج مسجد الضرار من داره . قال
ابن هشام مستدركا على
ابن إسحاق في منافقي
بني النبيت من
الأوس :
وبشر ورافع ابنا
زيد .
قال
ابن إسحاق : ومربع بن قيظي ،
وكان أعمى ، وهو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أجاز في حائطه وهو ذاهب إلى
أحد : لا أحل لك ، إن كنت نبيا ، أن تمر في حائطي . وأخذ في يده حفنة من تراب ، ثم قال : والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك لرميتك بها . فابتدره القوم ليقتلوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصر . وقد ضربه
سعد بن زيد الأشهلي بالقوس فشجه . قال : وأخوه
أوس بن قيظي ، وهو الذي قال : إن بيوتنا عورة . قال الله :
وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا [ الأحزاب : 13 ] قال :
وحاطب بن أمية بن رافع ، وكان شيخا جسيما ، قد عسا في جاهليته ، وكان له ابن من خيار المسلمين يقال له :
يزيد بن حاطب . أصيب يوم أحد حتى أثبتته الجراحات ، فحمل إلى دار
بني ظفر [ ص: 13 ] فحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة ، أنه اجتمع إليه من بها من رجال المسلمين ونسائهم وهو يموت ، فجعلوا يقولون : أبشر بالجنة
يابن حاطب . قال : فنجم نفاق أبيه ، فجعل يقول : أجل ، جنة من حرمل ، غررتم والله هذا المسكين من نفسه . قال :
وبشير بن أبيرق أبو طعمة ، سارق الدرعين ، الذي أنزل الله فيه :
ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم [ النساء : 107 ] الآيات . قال :
وقزمان حليف
لبني ظفر ، الذي قتل يوم أحد سبعة نفر ، ثم لما آلمته الجراحة ، قتل نفسه وقال : والله ما قاتلت إلا حمية على قومي . ثم مات ، لعنه الله .
قال
ابن إسحاق : ولم يكن في
بني عبد الأشهل منافق ولا منافقة يعلم ، إلا أن
الضحاك بن ثابت كان يتهم بالنفاق وحب
يهود . فهؤلاء كلهم من
الأوس .
قال
ابن إسحاق : ومن
الخزرج ، رافع بن وديعة ،
وزيد بن عمرو ،
وعمرو بن قيس ،
وقيس بن عمرو بن سهل ،
والجد بن قيس ، وهو الذي قال :
ائذن لي ولا تفتني [ التوبة : 49 ]
وعبد الله بن أبي ابن سلول ، وكان رأس المنافقين - ورئيس
الخزرج والأوس أيضا ، كانوا قد أجمعوا على أن يملكوه عليهم في الجاهلية ، فلما هداهم الله للإسلام قبل ذلك ، شرق اللعين
[ ص: 14 ] بريقه وغاظه ذلك جدا - وهو
الذي قال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل [ المنافقون : 8 ] وقد نزلت فيه آيات كثيرة جدا ، وفيه وفي وديعة - رجل من
بني عوف -
ومالك بن أبي قوقل ،
وسويد وداعس ، وهم من رهطه
نزل قوله تعالى لئن أخرجوا لا يخرجون معهم [ الحشر : 12 ] الآيات . حين مالوا في الباطن إلى
بني النضير .