قدوم قاضي القضاة بهاء الدين أحمد ابن قاضي القضاة تقي الدين عوضا عن أخيه قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب
قدم يوم الثلاثاء قبل العصر ، فبدأ بملك الأمراء فسلم عليه ثم ذهب إلى أمير علي نائب السلطنة المعزول ، وهو بداره بالقصاعين ، فسلم عليه ، ثم مشى إلى دار الحديث ، فصلى هناك ، ثم مشى إلى المدرسة الركنية ، فنزل بها عند ابن أخته قاضي القضاة
بدر الدين بن أبي الفتح - قاضي العساكر - وذهب الناس للسلام عليه ، وهو يكره من يلقبه بقاضي القضاة ، وعليه تواضع ، وتقشف ، ويظهر
[ ص: 664 ] عليه تأسف على مفارقة بلده ووطنه ، وولده ، وأهله ، والله المسئول المأمول أن يحسن العاقبة .
وخرج المحمل السلطاني يوم الخميس ثاني عشر شوال ، وأمير الحاج الملك
صلاح الدين ابن الملك الكامل بن السعيد ابن العادل الكبير ، وقاضيه الشيخ
بهاء الدين بن سبع - مدرس الأمينية
ببعلبك . وفي هذا الشهر وقع الحكم بعود ما يخص المجاهدين من وقف المدرسة التقوية إليهم ، وأذن القضاة الأربعة إليهم بحضرة ملك الأمراء في ذلك .
وفي ليلة الأحد سادس شهر ذي القعدة توفي القاضي
ناصر الدين محمد بن يعقوب كاتب السر ، وشيخ الشيوخ ، ومدرس الناصرية الجوانية ، والشامية الجوانية
بدمشق ، ومدرس الأسدية
بحلب ، وقد باشر كتابة السر
بحلب أيضا ، وقضاء العساكر ، وأفتى من زمان ولاية الشيخ
كمال الدين بن الزملكاني قضاء
حلب ، أذن له هنالك في حدود سنة سبع وعشرين وسبعمائة ، ومولده سنة سبع وسبعمائة ، وقد قرأ " التنبيه " ، و " مختصر
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب " في الأصول وفي العربية ، وكان عنده نباهة وممارسة للعلم ، وفيه جودة طباع وإحسان بحسب ما يقدر عليه ، وليس يتوسم منه سوء ، وفيه ديانة وعفة ، حلف لي في وقت بالأيمان المغلظة أنه لم يكن قط منه فاحشة اللواط ، ولا خطر له ذلك ، ولم يزن ، ولم يشرب مسكرا ، ولا أكل حشيشة ، فرحمه الله وأكرم مثواه . صلي عليه بعد الظهر يومئذ ،
[ ص: 665 ] وخرجوا بالجنازة من باب النصر ، فخرج نائب السلطنة من
دار السعادة ، فحضر الصلاة عليه هنالك ، ودفن بمقبرة لهم بالصوفية ، وتأسفوا عليه ، وترحموا ، وتزاحم جماعة من الفقهاء في طلب مدارسه .