بشارة عظيمة بوضع الشطر من مكس الغنم
مع ولاية الصاحب
سعد الدين ماجد بن التاج إسحاق من الديار المصرية على نظر الدواوين
بالشام المحروس ، وربما خوطب بالوزارة عوضا عن
البدر حسن بن النابلسي الذي كان ناظر الدواوين قبله ، ففرح الناس بولاية هذا وقدومه ، وبعزل الأول وانصرافه عن البلد فرحا شديدا ، ومعه مرسوم شريف بوضع نصف
[ ص: 671 ] مكس الغنم ، وكان عبرته أربعة دراهم ، ونصفا ، فصار إلى درهمين وربع درهم ، وقد نودي بذلك في البلد يوم الاثنين العشرين من شهر ربيع الآخر ، ففرح الناس بذلك فرحا شديدا ، ولله الحمد والمنة ، وتضاعفت أدعيتهم لمن كان السبب في ذلك ، وذلك أنه يكثر الجلب برخص اللحم على الناس ، ويأخذ الديوان نظير ما كان يؤخذ قبل ذلك ، وقدر الله تعالى قدوم وفود وقفول بتجائر متعددة ، وأخذ منها الديوان السلطاني في الزكاة والوكالة ، وقدم مواكب كثيرة ، فأخذ منها في العشر أضعاف ما أطلق من المكس ، ولله الحمد والمنة ، ثم قرئ على الناس بعد صلاة الجمعة قبل العصر .
وفي يوم الاثنين العشرين منه ضرب الفقيه
شمس الدين الصفدي بدار السعادة بسبب خانقاه الطواويس ، فإنه جاء في جماعة منهم يتظلمون من كاتب السر الذي هو شيخ الشيوخ ، وقد تكلم معهم فيما يتعلق بشرط الواقف مما فيه مشقة عليهم ، فتكلم
الصفدي المذكور بكلام فيه غلظ ، فبطح ليضرب ، فشفع فيه ، ثم تكلم فشفع فيه ، ثم بطح الثالثة فضرب ، ثم أمر به إلى السجن ، ثم أخرج بعد ليلتين أو ثلاث .
وفي صبيحة يوم الأحد السادس والعشرين منه درس قاضي القضاة الشافعي بمدارسه ، وحضر درس الناصرية الجوانية بمقتضى شرط الواقف الذي أثبته أخوه بعد موت القاضي
ناصر الدين كاتب السر ، وحضر عنده جماعة من الأعيان
[ ص: 672 ] وبعض القضاة ، وأخذ في سورة الفتح ، قرئ عليه من تفسير والده في قوله :
إنا فتحنا لك فتحا مبينا [ الفتح : 1 ] .
وفي مستهل جمادى الأولى يوم الجمعة بعد صلاة الفجر - مع الإمام الكبير - صلي على القاضي
قطب الدين محمد بن المحسن الحاكم بحمص ، جاء إلى
دمشق لتلقي أخي زوجته قاضي القضاة
تاج الدين السبكي الشافعي ، فتمرض مدة ثم كانت وفاته
بدمشق ، فصلي عليه بالجامع كما ذكرنا ، وخارج
باب الفرج ، ثم صعدوا به إلى سفح
جبل قاسيون ، وقد جاوز الثمانين بسنتين ، وقد حدث وروى شيئا يسيرا ، رحمه الله .
وفي يوم الأحد قدم قاضيا قضاة الحنفية والحنابلة
بحلب ، والخطيب بها ، والشيخ
شهاب الدين الأذرعي ، والشيخ
زين الدين الباريني ، وآخرون معهم ، فنزلوا
بالمدرسة الإقبالية ، وهم وقاضي قضاتهم
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - وهو
كمال الدين المصري - مطلوبون إلى الديار المصرية ، فتحرر ما ذكروه عن قاضيهم ، وما نقموه عليه من السيرة السيئة فيما يذكرون في المواقف الشريفة
بمصر ، وتوجهوا إلى الديار المصرية يوم السبت عاشره .
وفي يوم الخميس قدم الأمير
زين الدين زبالة نائب
القلعة من الديار المصرية على البريد في تجمل عظيم هائل ، وتلقاه الناس بالشموع في أثناء الطريق ، ونزل
بدار الذهب ، وراح الناس للسلام عليه وتهنئته بالعود إلى نيابة
[ ص: 673 ] القلعة على عادته ، وهذه ثالث مرة وليها; لأنه مشكور السيرة فيها ، وله فيها سعي محمود في أوقات متعددة .
وفي يوم الخميس حادي عشره صلى نائب السلطنة والقاضيان الشافعي والحنفي ، وكاتب السر ، وجماعة من الأمراء ، والأعيان - بالمقصورة ، وقرئ كتاب السلطان على السدة بوضع مكس الغنم إلى كل رأس بدرهمين ، فتضاعفت الأدعية لولي الأمر ، ولمن كان السبب في ذلك .