سلطنة الملك الأشرف ناصر الدين شعبان بن حسين ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون في يوم الثلاثاء خامس عشر شعبان
لما كان عشية السبت تاسع عشر شعبان من هذه السنة - أعني
سنة أربع وستين وسبعمائة - قدم أمير من الديار المصرية فنزل بالقصر الأبلق ، وأخبر
[ ص: 677 ] بزوال مملكة
الملك المنصور بن المظفر حاجي ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون ، ومسك ، واعتقل ، وبويع للملك
الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر بن المنصور قلاوون ، وله من العمر قريب العشر ، فدقت البشائر
بالقلعة المنصورة ، وأصبح الناس يوم الأحد في الزينة . وأخبرني قاضي القضاة
تاج الدين والصاحب
سعد الدين ماجد ناظر الدواوين ، أنه لما كان يوم الثلاثاء الخامس عشر من شعبان عزل
الملك المنصور ، وأودع منزله ، وأجلس
الملك الأشرف ناصر الدين شعبان على سرير الملك ، وبويع لذلك ، وقد وقع رعد في هذا اليوم ومطر كثير ، وجرت المزاريب ، فصار غدرانا في الطرقات ، وذلك في خامس حزيران ، فتعجب الناس من ذلك ، هذا وقد وقع وباء في
مصر في أول شعبان فتزايد ، وجمهوره في
اليهود ، وقد وصلوا إلى الخمسين في كل يوم ، وبالله المستعان .
وفي يوم الاثنين سابعه اشتهر الخبر عن الجيش بأن الأعراب اعترضوا التجريدة القاصدين إلى الرحبة ، وأوقفوهم ، وقتلوا منهم ، ونهبوا ، وجرحوا ، وقد سار البريد خلف النائب والأمراء ليقدموا إلى البلد لأجل البيعة للسلطان الجديد ، جعله الله مباركا على المسلمين ، ثم قدم جماعة من الأمراء المنهزمين من الأعراب في أسوأ حال وذلة ، ثم جاء البريد من الديار المصرية بردهم إلى العسكر الذي مع نائب السلطنة على
تدمر ، متوعدين بأنواع العقوبات ، وقطع الإقطاعات .
وفي شهر رمضان تفاقم الحال بسبب الطاعون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ،
[ ص: 678 ] وجمهوره في
اليهود ، لعله قد فقد منهم من مستهل شعبان إلى مستهل رمضان نحو الألف نسمة خبيثة ، كما أخبر بذلك القاضي صلاح
الدين الصفدي وكيل بيت المال ، ثم كثر ذلك فيهم في شهر رمضان جدا ، وغدت العدة من المسلمين والذمة ثمانين .
وفي يوم السبت حادي عشره صلينا بعد الظهر على الشيخ المعمر
الصدر بدر الدين محمد بن الزقاق المعروف بابن الجوخي ، وعلى الشيخ
صلاح الدين محمد بن شاكر الكتبي ، تفرد في صناعته ، وجمع تاريخا مفيدا نحوا من عشر مجلدات ، وكان يحفظ ويذاكر ويفيد ، رحمه الله وسامحه .