[ ص: 396 ] فصل (
إذا قام الناس من قبورهم وجدوا الأرض غير صفة الأرض التي كانوا فيها )
فإذا قام الناس من قبورهم وجدوا الأرض غير صفة الأرض التي كانوا فيها وفارقوها ، قد دكت جبالها ، وزالت تلالها ، وتغيرت أحوالها ، وانقطعت أنهارها ، وبادت أشجارها ، ومساكنها ، ومدنها ، وبلادها ، وسجرت بحارها ، وتساوت وهادها ، ورباها ، وخربت مدائنها ، وقراها ، وزالت قصورها ، وبيوتها ، وأسواقها ، وزلزلت زلزالها ، وأخرجت أثقالها ، وقال الإنسان : مالها ؟! يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ، وكذلك يجدون السماوات قد بدلت ، ونجومها قد انكدرت وانتثرت ، ونواحيها قد تشققت ، وأرجاؤها قد تفطرت ، والملائكة على أرجائها قد أحدقت ، وشمسها وقمرها مكسوفان ، بل مخسوفان ، وفي مكان واحد مجموعان ، ثم يكوران بعد ذلك ، ثم يلقيان في النار ، كما في الحديث الذي سنورده في " النيران " كأنهما ثوران عقيران .
قال
أبو بكر بن عياش : قال
ابن عباس : يخرجون من قبورهم ، فينظرون إلى الأرض غير الأرض التي عهدوها ، وإلى الناس غير الناس الذين كانوا يعرفون ويعهدون . قال : ثم تمثل
ابن عباس :
فما الناس بالناس الذين عهدتهم ولا الدار بالدار التي كنت تعرف
وقد قال تعالى :
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار [ إبراهيم : 48 ] . وقال :
يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا الطور : [ 9 ، 10 ] . وقال :
فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان [ ص: 397 ] [ الرحمن : 137 ] . وقال :
وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة [ الحاقة : 14 ، 15 ] . وقال تعالى :
إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت الآيات [ التكوير : 1 - 3 ] .
وثبت في " الصحيحين " من حديث
أبي حازم ، عن
سهل بن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513407يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ، ليس فيها معلم لأحد " .
وقال
محمد بن قيس ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير : تبدل الأرض خبزة بيضاء ، يأكل منها المؤمن من تحت قدميه .
وقال
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15848خيثمة ، عن
ابن مسعود ، قال :
الأرض كلها يوم القيامة نار ، والجنة من ورائها ترى كواعبها وأكوابها ، ويلجمهم العرق ، ويبلغ منهم كل مبلغ ، ولم يبلغوا الحساب . وكذا رواه
الأعمش عن
المنهال ، عن
قيس بن السكن ، عن
ابن مسعود ، فذكره .
وقال
إسرائيل وشعبة ، عن
أبي إسحاق ، عن
عمرو بن ميمون ، عن
ابن مسعود ، قال :
يوم تبدل الأرض غير الأرض [ إبراهيم : 48 ] . قال : أرض بيضاء كالفضة البيضاء ، نقية لم يسفك فيها دم ، ولم يعمل فيها خطيئة ، ينفذهم
[ ص: 398 ] البصر ، ويسمعهم الداعي ، حفاة عراة كما خلقوا . أراه قال : قياما حتى يلجمهم العرق .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عفان ، حدثنا
القاسم بن الفضل ، قال : قال
الحسن :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513408قالت عائشة : يا رسول الله ، أرأيت قوله تعالى : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات أين يكون الناس؟ قال : " إن هذا لشيء ما سألني عنه أحد من أمتي قبلك؟ الناس على الصراط " . تفرد به
أحمد .
ورواه
ابن أبي الدنيا : أخبرنا
علي بن الجعد ، أخبرنا
القاسم بن الفضل ، سمعت
الحسن ، قال : قالت
عائشة ، فذكره . ورواه
قتادة ، عن
حسان بن بلال المزني ، عن
عائشة ، بمثل هذا سواء .
وقال
ابن أبي الدنيا : أنبأ
عبيد الله بن جرير العتكي ، حدثنا
محمد بن بكار الصيرفي ، أنبأ
الفضل بن معروف القطعي ، أخبرنا
بشر بن حرب ، عن
أبي سعيد ، عن عائشة ، قالت : بينما النبي صلى الله عليه وسلم واضع رأسه في حجري بكيت فرفع رأسه ، فقال : " ما أبكاك ؟ " قلت : بأبي أنت وأمي ، ذكرت قول الله : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات . أين الناس يومئذ ؟ قال : " الناس يومئذ على جسر جهنم ، والملائكة وقوف تقول : رب سلم سلم . فمن بين زال وزالة " . هذا حديث غريب من هذا الوجه ، لم يخرجه
أحمد ، ولا أحد من
[ ص: 399 ] أصحاب الكتب الستة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
محمد بن أبي عدي ، عن
داود ، عن
الشعبي ، عن
مسروق ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3513410عن عائشة ، أنها قالت : أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات . قالت : قلت : أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال : " على الصراط " .
وأخرجه
مسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند . وقال
الترمذي : حسن صحيح . ورواه
أحمد ، عن
عفان ، عن
وهيب ، عن
داود ، عن
الشعبي ، عنها ، ولم يذكر
مسروقا .
ورواه
أحمد أيضا من حديث
حبيب بن أبي عمرة ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس ، عن
عائشة ، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ، ثم قالت : أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال : " هم على متن جهنم " .
وروى
مسلم من حديث
أبي سلام ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11806أبي أسماء الرحبي ، عن
ثوبان ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3513411أن حبرا من اليهود سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ، أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم في الظلمة دون الجسر " .
[ ص: 400 ] وقال
ابن جرير : حدثني
ابن عوف ، حدثنا
أبو المغيرة ، حدثنا
ابن أبي مريم ، حدثنا
سعيد بن ثوبان الكلاعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري ، قال :
أتى النبي صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود ، فقال : أرأيت إذ يقول الله في كتابه : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات فأين الخلق عند ذلك؟ فقال : " أضياف الله ، فلن يعجزهم ما لديه " . وكذا رواه
ابن أبي حاتم ، من حديث
أبي بكر بن أبي مريم .
وقد يكون هذا التبديل بعد المحشر ، ويكون تبديلا ثانيا إلى صفة أخرى غير الأولى ، وبعدها ، والله سبحانه أعلم ، كما قال
ابن أبي الدنيا : أخبرنا
يوسف بن موسى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
شعبة ، عن
المغيرة بن مالك ، عن رجل من
بني مجاشع ، يقال له :
عبد الكريم . أو يكنى
بأبي عبد الكريم ، قال : أقامني على رجل
بخراسان ، فقال : حدثني هذا أنه سمع
علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، يقول :
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات قال : ذكر لنا أن الأرض تبدل فضة ، والسماوات ذهبا . وكذا روي عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد بن جبر وغيرهم ، والله سبحانه أعلم .