[ ص: 401 ] ذكر طول يوم القيامة ، وما ورد في مقداره
قال الله سبحانه :
ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [ الحج : 47 ] . قال بعض المفسرين : هو يوم القيامة .
وقال تعالى :
سأل سائل بعذاب واقع إلى قوله :
فاصبر صبرا جميلا [ المعارج : 1 - 5 ] .
وقد ذكرنا في " التفسير " اختلاف السلف والخلف في معنى هذه الآية ، فروى
ليث بن أبي سليم وغيره ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس أنه قال : ذلك مقدار ما بين العرش إلى الأرض السابعة .
وقال
ابن عباس في قوله :
يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون [ السجدة : 5 ] . يعني بذلك نزول الأمر من السماء إلى الأرض ، ومن الأرض إلى السماء ، لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام . رواه
ابن أبي حاتم .
ورواه
ابن جرير ، عن
مجاهد أيضا ، وذهب إليه
الفراء ، وقاله
أبو عبد الله الحليمي ، فيما حكاه عنه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي في كتاب " البعث
[ ص: 402 ] والنشور " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14164الحليمي : فالملك يقطع هذه المسافة في بعض يوم ، ولو أنها مسافة يمكن البشر قطعها لم يتمكن أحد من قطعها إلا في مقدار خمسين ألف سنة . قال : وليس هذا من تقدير يوم القيامة بسبيل ، بل هذا مقدار ما بين العرش إلى الأرض السابعة . ورجح
nindex.php?page=showalam&ids=14164الحليمي هذا بقوله تعالى :
من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه [ المعارج : 3 ، 4 ] وذي المعارج : أي العلو والعظمة ، كما قال تعالى :
رفيع الدرجات ذو العرش [ غافر : 15 ] ثم فسر ذلك بقوله :
تعرج الملائكة والروح إليه أي في مسافة كان مقدارها خمسين ألف سنة ، أي بعدها واتساعها هذه المدة .
فعلى هذا القول المراد بذلك : مسافة المكان . هذا قول . وقد حاول
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي الجمع بين هذه الآية وبين قوله :
رفيع الدرجات بأن الملائكة تقطع هذه المسافة في الدنيا في ألف سنة ، فإذا كان يوم القيامة لا تقطعها إلا في خمسين ألف سنة؟ لما يشاهدون من هول ذلك اليوم ، وعظمته ، وغضب الرب عز وجل ، والله أعلم .
والقول الثاني : أن المراد بذلك مدة عمر الدنيا .
قال
أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في " تفسيره " : حدثنا
أبو زرعة ، حدثنا
إبراهيم بن موسى ، حدثنا
ابن أبي زائدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، في قوله تعالى :
كان مقداره خمسين ألف سنة . قال : الدنيا عمرها خمسون
[ ص: 403 ] ألف سنة ، ذلك عمرها يوم سماها الله تعالى يوما :
تعرج الملائكة والروح إليه قال : اليوم الدنيا .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، وعن
الحكم بن أبان ، عن
عكرمة :
في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قالا : الدنيا من أولها إلى آخرها خمسون ألف سنة ، لا يدري أحد كم مضى ، ولا كم بقي إلا الله ، عز وجل . وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق
محمد بن ثور ، عن
معمر ، به . وهذا قول غريب جدا ، لا يوجد في كثير من الكتب المشهورة ، والله أعلم . القول الثالث : أن المراد بذلك فصل ما بين الدنيا ويوم القيامة . وهو مدة المقام في البرزخ . رواه
ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، وهو غريب أيضا .
القول الرابع : أن المراد بذلك مقدار الفصل بين العباد يوم القيامة . قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12260أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ، عن
إسرائيل ، عن
سماك ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس :
في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة . قال : يوم القيامة . إسناده صحيح . ورواه
الثوري ، عن
سماك ، عن
عكرمة من قوله ، وبه قال
الحسن ، والضحاك ، وابن زيد .
[ ص: 404 ] وقال
ابن أبي الدنيا : حدثنا
محمد بن إدريس ، حدثنا
الحسن بن واقع ، حدثنا
ضمرة ، عن
ابن شوذب ، عن
يزيد الرشك ، قال : يقوم الناس يوم القيامة أربعين ألف سنة ، ويقضى بينهم في مقدار عشرة آلاف سنة .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قال : يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة . وقال
الكلبي في " تفسيره " ، وهو يرويه عن
أبي صالح ، عن
ابن عباس ، قال : لو ولي محاسبة العباد غير الله تعالى لم يفرغ في خمسين ألف سنة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وفيما ذكر
حماد بن زيد ، عن
أيوب ، قال : قال
الحسن : ما ظنك بيوم قام العباد فيه على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة ، لم يأكلوا فيها أكلة ، ولم يشربوا فيها شربة ، حتى تقطعت أعناقهم عطشا ، واحترقت أجوافهم جوعا ، ثم انصرف بهم إلى النار ، فسقوا من عين آنية ، قد أنى حرها ، واشتد نضجها . وقد ورد هذا في أحاديث متعددة ، فالله أعلم .
قال الإمام
أحمد : حدثنا
الحسن بن موسى ، حدثنا
ابن لهيعة ، حدثنا
دراج ، عن
أبي الهيثم ، عن
أبي سعيد ، قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513413يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟ ما أطول هذا اليوم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، إنه ليخفف على المؤمن ، حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة [ ص: 405 ] يصليها في الدنيا " . ورواه
ابن جرير في " تفسيره " ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، عن
ابن وهب ، عن
عمرو بن الحارث ، عن
دراج ، به .
ودراج أبو السمح وشيخه
أبو الهيثم سليمان بن عمرو العتواري ، ضعيفان ، على أنه قد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بلفظ آخر ، وقال : أخبرنا
أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13720أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14624محمد بن إسحاق الصغاني ، حدثنا
أبو سلمة الخزاعي ، حدثنا
خلاد بن سليمان الحضرمي - وكان رجلا من الخائفين - قال : سمعت
دراجا أبا السمح يخبر عمن حدثه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، أنه
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أخبرني من يقوى على القيام يوم القيامة الذي قال الله تعالى : يوم يقوم الناس لرب العالمين المطففين : 6 فقال : " يخفف على المؤمن حتى يكون كالصلاة المكتوبة " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص : إن للمؤمنين يوم القيامة كراسي من نور ، يجلسون عليها ، ويظلل عليهم الغمائم ، ويكون يوم القيامة عليهم كساعة من نهار ، أو كأحد طرفيه . رواه
ابن أبي الدنيا في " الأهوال " .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
أبو كامل ، حدثنا
حماد ، عن
سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513415ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه إلا جعل كنزه صفائح يحمى عليها في نار جهنم ، فتكوى بها [ ص: 406 ] جبهته ، وجنبه ، وظهره ، حتى يحكم الله بين عباده ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة ، وإما إلى النار . . . " . وذكر بقية الحديث في مانع زكاة الغنم ، والإبل ، أنه يبطح لها بقاع قرقر ، تطؤه بأخفافها وأظلافها ، وتنطحه بقرونها ، كلما مرت عليه أخراها أعيدت عليه أولاها ، حتى يقضي الله بين العباد ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار .
وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في " مسنده " : أخبرنا
وهيب بن خالد ، وكان ثقة ، حدثنا
سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه . وأخرجه
مسلم من حديث
روح بن القاسم ، وعبد العزيز بن المختار ، كلاهما عن
سهيل ، به مثله . وأخرجه
مسلم أيضا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا في الذهب ، والفضة ، والإبل ، والبقر ، والغنم .
وقد رواه الإمام
أحمد ، وأبو داود ، من حديث
شعبة ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، كلاهما عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16432أبي عمر الغداني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513416من كانت له إبل لا يعطي حقها في [ ص: 407 ] نجدتها ورسلها - يعني في عسرها ويسرها - فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكبره وأسمنه وآشره ، حتى يبطح لها بقاع قرقر ، فتطؤه بأخفافها ، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله . وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها ، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكبره وأسمنه وآشره ، ثم يبطح لها بقاع قرقر ، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها ، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها ، ليس فيها عقصاء ولا عضباء ، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله . وإذا كان له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها ، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكبره وأسمنه وآشره ، حتى يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها ، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها ، ليس فيها عقصاء ولا عضباء ، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وهذا لا يحتمل إلا تقدير ذلك اليوم بخمسين ألف سنة مما تعدون ، والله أعلم ، ثم لا يكون ذلك كذلك إلا على الذي لا يغفر له ، فأما من غفر له ذنبه من المؤمنين ، فقد أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا
الحسن بن [ ص: 408 ] محمد بن حليم ، أخبرنا
أبو الموجه ، أخبرنا
عبدان ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله ، هو ابن المبارك ، عن
معمر ، عن
قتادة ، عن
زرارة بن أوفى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : يوم القيامة على المؤمنين كقدر ما بين الظهر والعصر . ثم قال : هذا هو المحفوظ ، وقد روي مرفوعا ، أخبرناه
أبو عبد الله الحافظ ، حدثني
عبد الله بن عمر بن علي الجوهري بمرو ، حدثنا
يحيى بن ساسويه بن عبد الكريم ، حدثنا
سويد بن نصر ، حدثنا
ابن المبارك ، فذكره بإسناده مرفوعا .
وقال
يعقوب بن سفيان : حدثنا
حرملة بن يحيى ، حدثنا
ابن وهب ، حدثني
عبد الرحمن بن ميسرة ، عن
أبي هانئ ، عن
أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن
عبد الله بن عمرو ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513417تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : يوم يقوم الناس لرب العالمين [ المطففين : 6 ] . قال : " كيف بكم إذا جمعكم الله كما يجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة لا ينظر إليكم " .
وقال
ابن أبي الدنيا : حدثنا
حمزة بن العباس ، حدثنا
عبد الله بن عثمان ، حدثنا
ابن المبارك ، حدثنا
سفيان ، عن
ميسرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو ، عن
أبي عبيدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال : لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء ، ثم قرأ : ( ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ) . قال
ابن المبارك : هكذا هي في قراءة
ابن مسعود .
[ ص: 409 ] ثم قال : حدثنا
إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
سفيان ، عن
ميسرة النهدي ، عن المنهال
بن عمرو ، عن
أبي عبيدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود في قوله : [ الفرقان : 24 ] . قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء .