حديث فيه أن
الله تعالى يصالح عن عبده الذي له به عناية من ظلمه بما يريه من قصور الجنة ونعيمها
قال
أبو يعلى : حدثنا
مجاهد بن موسى ، حدثنا
عبد الله بن بكر ، حدثنا
عباد بن شيبة الحبطي ، عن
سعيد بن أنس ، عن
أنس ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513639بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر ؟ ما أضحكك يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ؟ فقال : " رجلان جثيا من أمتي بين يدي رب العزة ، تبارك وتعالى ، فقال أحدهما : يا رب ، خذ لي مظلمتي من أخي . قال الله تعالى : أعط أخاك مظلمته . قال : يا رب ، لم يبق من حسناتي شيء . قال [ ص: 40 ] الله تعالى للطالب : كيف تصنع بأخيك ؟ لم يبق من حسناته شيء . قال : يا رب ، فليحمل عني من أوزاري " . قال : وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ، ثم قال : " إن ذلك ليوم عظيم ، يوم يحتاج فيه الناس إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم ، فقال الله تعالى للطالب : ارفع بصرك ، فانظر في الجنان . فرفع رأسه ، فقال : يا رب ، أرى مدائن من فضة ، وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ ، لأي نبي هذا ؟ لأي صديق هذا ؟ لأي شهيد هذا ؟ قال : هذا لمن أعطى الثمن . قال : يا رب ، ومن يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه . قال : بماذا يا رب ؟ قال : بعفوك عن أخيك . قال : يا رب ، فإني قد عفوت عنه . قال الله تعالى : خذ بيد أخيك ، فأدخله الجنة " . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " فاتقوا الله ، وأصلحوا ذات بينكم ; فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة " . إسناد غريب ، وسياق غريب ، ومعنى حسن عجيب .
وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، من حديث
عبد الله بن بكر ، به ، وحكى عن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه قال :
سعيد بن أنس عن أبيه في المظالم لا يتابع عليه . ثم أورده
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق
زياد بن ميمون البصري ، عن
أنس مرفوعا ، بنحوه ، وفيه نظر أيضا ، وقد يستشهد له بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513640من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله " .
[ ص: 41 ] وقد روى
أبو الوليد الطيالسي ، عن
عبد القاهر بن السري ، ورواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ، من حديثه ، عن ابن
لكنانة بن عباس بن مرداس السلمي ، وفي رواية
ابن ماجه ، عن
عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس ، عن أبيه ، عن جده
عباس بن مرداس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513641دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة ، فأكثر الدعاء ، فأجابه الله تعالى : " إني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا " . فقال : " يا رب ، إنك قادر أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته ، وتغفر لهذا الظالم " . فلم يجبه تلك العشية ، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء ، فأجابه الله : " إني قد غفرت لهم " . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بعض أصحابه : يا رسول الله ، تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها ؟ فقال : " تبسمت من عدو الله إبليس ، إنه لما علم أن الله سبحانه ، قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور ، ويحثو التراب على رأسه " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وهذا العفو يحتمل أن يكون بعد عذاب يمسهم ، ويحتمل أن يكون خاصا ببعض الناس ، ويحتمل أن يكون عاما في كل أحد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي : حدثنا
صدقة بن موسى ، حدثنا
أبو عمران [ ص: 42 ] الجوني ، عن
قيس بن زيد - أو
زيد بن قيس - عن قاضي المصرين
شريح ، عن
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513642إن الله يدعو صاحب الدين يوم القيامة ، فيقول : يا بن آدم ، فيم أضعت حقوق الناس ؟ فيم أذهبت أموالهم ؟ فيقول : يا رب ، لم أفسد ، ولكني أصبت ، إما غرقا ، وإما سرقا . فيقول : أنا أحق من قضى عنك اليوم ، فترجح حسناته على سيئاته ، فيؤمر به إلى الجنة " .
وثبت في " صحيح
مسلم " ، عن
أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي يقول الله عز وجل : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513643اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، واتركوا كبارها . فيقال له : هل تنكر من هذا شيئا ؟ فيقول ؟ لا . وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه ، فيقول الله تعالى : إنا قد أبدلناك مكان كل سيئة حسنة . فيقول : يا رب ، إني قد عملت ذنوبا لا أراها هاهنا ؟ " قال : وضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه .
وتقدم حديث
ابن عمر في حديث النجوى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513644يدني الله العبد يوم القيامة ، حتى يضع عليه كنفه ، ويقرره بذنوبه ، حتى إذا ظن أنه قد هلك ، قال : سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم . ويعطى كتاب حسناته بيمينه " .
[ ص: 43 ] وقال
ابن أبي الدنيا : حدثنا
هارون بن عبد الله ، حدثنا
سيار بن حاتم ، أنبأنا
جعفر بن سليمان ، أنبأنا
أبو عمران الجوني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : يدني الله تعالى العبد يوم القيامة ، فيضع عليه كنفه ليستره من الخلائق كلها ، ويدفع إليه كتابه ، في ذلك الستر ، فيقول تعالى : " اقرأ يا بن
آدم كتابك " . فيمر بالحسنة فيبيض لها وجهه ، ويسر بها قلبه ، فيقول الله تعالى : " أتعرف يا عبدي ؟ " فيقول : نعم ، يا رب ، أعرف . فيقول : " إني قد تقبلتها منك " . قال : فيخر ساجدا ، قال : فيقول الله تعالى : " ارفع رأسك ، وعد في قراءة كتابك . فيمر بالسيئة ، فتسوءه ويسود لها وجهه ، ويوجل منها قلبه ، وترعد منها فرائصه ، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعلمه غيره ، فيقول الله تعالى له : " أتعرف يا عبدي ؟ " فيقول : نعم ، يا رب ، أعرف . فيقول الله سبحانه : " فإني قد غفرتها لك " . " فيخر ساجدا فيقول الله عز وجل : " ارفع رأسك " . فلا يزال في حسنة تقبل ، وسيئة تغفر ، وسجود عند كل حسنة وسيئة ، لا يرى الخلائق منه إلا ذاك السجود ، حتى ينادي الخلائق بعضها بعضا : طوبى لهذا العبد الذي لم يعص الله قط . ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين الله عز وجل ، مما قد وقفه عليه .
وقال
ابن أبي الدنيا : وقال
أبو ياسر عمار بن نصر : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، حدثنا
عثمان بن أبي العاتكة ، أو غيره ، قال : من أوتي كتابه بيمينه أتي
[ ص: 44 ] بكتاب في باطنه سيئاته ، وفي ظاهره حسناته ، فيقال له : اقرأ كتابك . فيقرأ باطنه ، فيساء بما فيه من سيئاته ، حتى إذا أتى على آخرها قرأ فيه : " هذه سيئاتك ، وقد سترتها عليك في الدنيا ، وغفرتها لك اليوم " . ويغبطه بها الأشهاد - أو قال : أهل الجمع - مما يقرءون في ظاهر كتابه من حسناته ، ويقولون : سعد هذا . ثم يؤمر بتحويله ، وقراءة ما في ظاهره ، فيحوله ، ويبدل الله عز وجل ما كان في باطنه من سيئاته ، فيجعلها الله حسنات ، ويقرأ حسناته حتى يأتي على آخرها ، ثم يقول : " هذه حسناتك ، قد قبلتها منك " . فعند ذلك يقول لأهل الجمع :
هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه [ الحاقة : 19 ، 20 ] . قال : ومن أوتي كتابه وراء ظهره يأخذه بشماله ، ثم يقال له : اقرأ كتابك . فيقرأ كتابه في باطنه حسناته ، وفي ظاهره سيئاته ، فيقرؤها أهل الموقف - أو قال : أهل الجمع - ويقولون : هلك هذا . فإذا أتى على آخر حسناته ، قيل : " هذه حسناتك ، وقد رددتها عليك " . ويؤمر بتحويله ، فيقرأ سيئاته . حتى يأتي على آخرها ، فعند ذلك يقول لأهل الجمع :
يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه [ الحاقة : 25 - 29 ] .
وقال
ابن أبي الدنيا : حدثنا
علي بن الجعد ، أنبأنا
المبارك بن فضالة ، عن
الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513645يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج - والبذج ولد الشاة - فيقول له ربه عز وجل : أين ما خولتك ؟ أين ما ملكتك ؟ أين ما أعطيتك ؟ فيقول : يا رب ، جمعته وثمرته ، وتركته أكثر ما كان . [ ص: 45 ] فيقول : ما قدمت منه ؟ فلا يرى قدم شيئا ، فيطلب من الله الرجعة إلى الدنيا وليس براجع إلى الدنيا أبدا " .
وحدثني
حمزة بن العباس ، أنبأنا
عبد الله بن عثمان ، أنبأنا
ابن المبارك ، أخبرنا
إسماعيل بن مسلم ، عن
الحسن ، وقتادة ، عن
أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه ، وزاد فيه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513646فيقول : يا رب أرجعني آتك به كله . فإذا أعيد لم يقدم شيئا ، فيمضى به إلى النار " . ثم ساقه من طريق
يزيد الرقاشي ، عن
أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . وقد قال تعالى :
ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم [ الأنعام : 94 ] .
وفي " صحيح
مسلم " : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513647يقول ابن آدم : مالي ، مالي . وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت " ، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس " . وقال تعالى : يقول أهلكت مالا لبدا أيحسب أن لم يره أحد [ البلد : 6 ، 7 ] .
وقال
ابن أبي الدنيا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15972سريج بن يونس ، حدثنا
سيف بن محمد ، ابن أخت سفيان الثوري ، عن
ليث بن أبي سليم ، عن
عدي بن عدي ، عن
الصنابحي ، عن
معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513648لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ; عن عمره : فيم أفناه ؟ وعن جسده : فيم أبلاه ؟ [ ص: 46 ] وعن علمه : ما عمل فيه ؟ وعن ماله : من أين اكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ " وقد تقدم عن
ابن مسعود نحوه . وروي عن
أبي ذر قريب منه ، والله أعلم .
وقال
ابن أبي الدنيا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15972سريج بن يونس ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن
الغضور بن عتيق ، عن
مكحول ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
يا عويمر ، يا أبا الدرداء ، كيف بك إذا قيل لك يوم القيامة : علمت أو جهلت ؟ فإن قلت : علمت . قيل لك : فماذا عملت فيما علمت ؟ وإن قلت : جهلت . قيل : فماذا كان عذرك فيما جهلت ؟ ألا تعلمت " وقد روي من وجه آخر موقوفا " على
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، فالله أعلم .