باب جامع لأحكام تتعلق بالجنة وأحاديث شتى وردت فيها
قال الله تعالى :
والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء [ الطور : 21 ] ، أي أن
الله تعالي يرفع درجة الأولاد في الجنة إلى درجة الآباء ، وإن لم يعملوا بعملهم ، ولا ينقص الآباء من أعمالهم حتى يجمع بينهم في الدرجة العالية ليقر أعينهم باجتماعهم هم وذرياتهم .
قال
الثوري ، عن
عمرو بن مرة ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته ، وإن كانوا دونه في العمل ليقر بهم عينه . ثم قرأ : (
والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) . هكذا رواه
ابن جرير ، وابن أبي حاتم في " تفسيريهما ، عن
الثوري موقوفا . وكذا رواه
ابن جرير ، عن
شعبة ، عن
عمرو بن مرة ، عن
سعيد ، عن
ابن عباس موقوفا ،
[ ص: 415 ] ورواه
البزار في " مسنده "
وابن مردويه في " تفسيره " ، من حديث
قيس بن الربيع ، عن
عمرو ، عن
سعيد ، عن
ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه سلم . ورواية
الثوري وشعبة أثبت . والله أعلم .
وروى
ابن أبي حاتم من حديث
الليث ، عن
حبيب بن أبي ثابت ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس في هذه الآية ، قال : هم ذرية المؤمن يموتون على الإيمان ، فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم ألحقوا بآبائهم ، ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوا شيئا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا
محمد بن عبد الرحمن بن غزوان ، حدثنا
شريك ، عن
سالم الأفطس ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، أظنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3514217إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده ، فيقال : إنهم لم يبلغوا درجتك . فيقول : يا رب ، قد عملت لي [ ص: 416 ] ولهم . فيؤمر بإلحاقهم به " . وقرأ
ابن عباس : ( والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ) الآية .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس ، في هذه الآية : والذين أدرك ذريتهم الإيمان ، فعملوا بطاعتي ألحقتهم بإيمانهم إلى الجنة ، وأولادهم الصغار تلحق بهم . وهذا التفسير هو أحد أقوال العلماء في معنى الذرية هنا ، أهم الصغار فقط ، أم يشمل الصغار والكبار أيضا ، لقوله :
ومن ذريته داود وسليمان [ الأنعام : 84 ] ، وقال :
ذرية من حملنا مع نوح [ الإسراء : 3 ] ، وقال :
ذرية بعضها من بعض [ آل عمران : 34 ] ، فأطلق الذرية على الكبار ، كما أطلقها على الصغار ، وتفسير
العوفي ، عن
ابن عباس يشملهما ، وهو اختيار
الواحدي وغيره ، وهذا كله إنما هو إلى الله عز وجل ، فإن الخير في يديه ، والخلق له والأمر له ، وهذا القول محكي عن
الشعبي ، وأبي مجلز ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، وقتادة ، وأبي صالح ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس . وهذا من فضل الله ورحمته على الأبناء ببركة عمل الآباء ، فأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء ، فقد قال الإمام
أحمد : حدثنا
يزيد ، حدثنا
حماد بن [ ص: 417 ] سلمة ، عن
عاصم بن أبي النجود ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3514218إن الله ، عز وجل ، ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة ، فيقول : يا رب ، أنى لي هذه ؟ فيقول : باستغفار ولدك لك " .
وهذا إسناد صحيح ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب ، ولكن له شاهد في " صحيح
مسلم " ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3514219إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ; صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " .