[ ص: 318 ] خبر يهود بني قينقاع من أهل
المدينة
، وقد زعم
الواقدي أنها كانت في يوم السبت ، النصف من شوال سنة ثنتين من الهجرة ، فالله أعلم . وهم المرادون بقوله تعالى :
كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم [ الحشر : 15 ] .
قال
ابن إسحاق : وقد كان فيما بين ذلك من غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
بني قينقاع . قال : وكان من حديثهم
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم في سوقهم ، ثم قال : يا معشر يهود ، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة وأسلموا ; فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل ، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم . فقالوا : يا محمد ، إنك ترى أنا قومك ! لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب ، فأصبت منهم فرصة ، إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس .
قال
ابن إسحاق : فحدثني مولى لآل
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، عن
سعيد بن جبير ، أو عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : ما نزل هؤلاء الآيات إلا
[ ص: 319 ] فيهم :
قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا يعني أصحاب
بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقريش :
فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار .
قال
ابن إسحاق : وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة أن
بني قينقاع كانوا أول
يهود نقضوا العهد وحاربوا فيما بين
بدر وأحد .
قال
ابن هشام : فذكر
عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة ، عن
أبي عون قال : كان من أمر
بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها ، فباعته بسوق
بني قينقاع وجلست إلى صائغ هناك منهم ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها ، فأبت ، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ، فلما قامت انكشفت سوأتها ; فضحكوا بها ، فصاحت ، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ، وكان يهوديا ، فشدت
اليهود على المسلم فقتلوه ، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على
اليهود [ ص: 320 ] فأغضب المسلمون ، فوقع الشر بينهم وبين
بني قينقاع .
قال
ابن إسحاق : فحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة قال : فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه ، فقام إليه
عبد الله بن أبي ابن سلول حين أمكنه الله منهم ، فقال : يا
محمد ، أحسن في موالي - وكانوا حلفاء الخزرج - قال : فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال يا
محمد ، أحسن في موالي . قال : فأعرض عنه . قال : فأدخل يده في جيب درع النبي صلى الله عليه وسلم . قال
ابن هشام : وكان يقال لها : ذات الفضول - فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسلني . وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأوا لوجهه ظللا ، ثم قال : ويحك ! أرسلني . قال : لا والله ، لا أرسلك حتى تحسن في موالي ; أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع ، قد منعوني من الأحمر والأسود ، تحصدهم في غداة واحدة ، إني والله امرؤ أخشى الدوائر . قال : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هم لك .
[ ص: 321 ]
قال
ابن هشام : واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على
المدينة في محاصرته إياهم
أبا لبابة بشير بن عبد المنذر وكانت محاصرته إياهم خمس عشرة ليلة .
قال
ابن إسحاق : وحدثني أبي ، عن
عبادة بن الوليد ، عن
عبادة بن الصامت قال : لما حاربت
بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تشبث بأمرهم
عبد الله بن أبي وقام دونهم ، ومشى
عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان من
بني عوف له من حلفه مثل الذي لهم من
عبد الله بن أبي فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم ، وقال : يا رسول الله ، أتولى الله ورسوله والمؤمنين ، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم . قال : ففيه وفي
عبد الله بن أبي نزلت القصة من المائدة :
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض الآيات ، حتى قوله :
فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة يعني
عبد الله بن أبي إلى قوله :
[ ص: 322 ] ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون [ المائدة : 51 - 56 ] يعني
عبادة بن الصامت . وقد تكلمنا على ذلك في التفسير .