[ ص: 448 ] فصل
قال
ابن إسحاق : ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة فلقيته
حمنة بنت جحش كما ذكر لي ، فلما لقيت الناس نعي إليها أخوها
عبد الله بن جحش ، فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نعي لها خالها
حمزة بن عبد المطلب ، فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نعي لها زوجها
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير فصاحت وولولت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن زوج المرأة منها لبمكان . لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها ، وصياحها على زوجها .
وقد قال
ابن ماجه : حدثنا
محمد بن يحيى ، حدثنا
إسحاق بن محمد الفروي ، حدثنا
عبد الله بن عمر ، عن
إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش عن أبيه ،
عن حمنة بنت جحش أنه قيل : لها : قتل أخوك . فقالت : رحمه الله ، وإنا لله وإنا إليه راجعون . قالوا : قتل زوجك . قالت : واحزناه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للزوج من المرأة لشعبة ، ما هي لشيء .
[ ص: 449 ]
قال
ابن إسحاق : وحدثني
عبد الواحد بن أبي عون ، عن
إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال :
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار ، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد فلما نعوا لها قالت : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : خيرا يا أم فلان ، هو بحمد الله كما تحبين . قالت : أرونيه حتى أنظر إليه . قال : فأشير لها إليه ، حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل . قال
ابن هشام : الجلل يكون . من القليل ومن الكثير ، وهو هاهنا من القليل .
قال
امرؤ القيس :
لقتل بني أسد ربهم ألا كل شيء خلاه جلل
أي صغير وقليل .
قال
ابن إسحاق : فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ناول سيفه ابنته
فاطمة فقال : اغسلي عن هذا دمه يا بنية ، والله لقد صدقني في هذا اليوم . وناولها
علي بن أبي طالب سيفه فقال : وهذا فاغسلي عنه دمه ، فوالله لقد
[ ص: 450 ] صدقني اليوم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن كنت صدقت القتال ، لقد صدقه معك
سهل بن حنيف ،
nindex.php?page=showalam&ids=262وأبو دجانة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة في موضع آخر : ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيف
علي مخضبا بالدماء قال : لئن كنت أحسنت القتال فقد أحسن
عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ،
والحارث بن الصمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=3753وسهل بن حنيف .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، عن
سفيان بن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510416جاء علي بن أبي طالب بسيفه يوم أحد قد انحنى ، فقال لفاطمة : هاك السيف حميدا ; فإنها قد شفتني . فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كنت أجدت الضرب بسيفك ، لقد أجاده سهل بن حنيف ، nindex.php?page=showalam&ids=262وأبو دجانة ، وعاصم بن ثابت ، والحارث بن الصمة .
قال
ابن هشام : وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا هو ذو الفقار . قال : وحدثني بعض أهل العلم ، عن
ابن أبي نجيح قال : نادى مناد يوم
أحد : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا
علي . قال : وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لعلي لا يصيب المشركون منا مثلها حتى يفتح الله علينا .
قال
ابن إسحاق : ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدار
بني عبد الأشهل فسمع
[ ص: 451 ] البكاء والنوائح على قتلاهم ، فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قال : لكن
حمزة لا بواكي له . فلما رجع
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ ،
nindex.php?page=showalam&ids=168وأسيد بن الحضير إلى دار
بني عبد الأشهل أمرا نساءهن أن يتحزمن ، ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فحدثني
حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن بعض رجال
بني عبد الأشهل قال : لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهن على
حمزة خرج عليهن ، وهن على باب مسجده يبكين عليه ، فقال : ارجعن يرحمكن الله ، فقد آسيتن بأنفسكن قال :
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ عن النوح . فيما قال
ابن هشام . وهذا الذي ذكره
ابن إسحاق منقطع ، ومنه مرسل .
وقد أسنده
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد فقال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب ، حدثني
أسامة بن زيد ، حدثني
نافع ، عن
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من أحد ، فجعل نساء الأنصار يبكين على من قتل من أزواجهن ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولكن حمزة لا بواكي له . قال : ثم نام فاستنبه ، وهن [ ص: 452 ] يبكين قال : فهن اليوم إذا يبكين يندبن حمزة ؟ ! وهذا على شرط
مسلم .
وقد رواه
ابن ماجه ، عن
هارون بن سعيد ، عن
ابن وهب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12308أسامة بن زيد الليثي ، عن
نافع ، عن
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنساء بني عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أحد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكن حمزة لا بواكي له . فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة ، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ويحهن ! ما انقلبن بعد ؟ ! مروهن فلينقلبن ، ولا يبكين على هالك بعد اليوم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزقة
المدينة إذا النوح والبكاء في الدور ، قال : ما هذا ؟ قالوا : هذه نساء
الأنصار يبكين قتلاهم . فقال : " لكن
حمزة لا بواكي له " واستغفر له ، فسمع ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ ،
nindex.php?page=showalam&ids=228وسعد بن عبادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل ،
nindex.php?page=showalam&ids=82وعبد الله بن رواحة فمشوا إلى دورهم ، فجمعوا كل نائحة باكية كانت
بالمدينة فقالوا : والله لا تبكين قتلى
الأنصار حتى تبكين عم النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه قد ذكر أنه لا بواكي له
بالمدينة . وزعموا أن الذي جاء بالنوائح
عبد الله بن رواحة ، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما هذا ؟ فأخبر بما فعلت
الأنصار بنسائهم ، فاستغفر لهم ، وقال لهم خيرا
[ ص: 453 ] وقال : " ما هذا أردت ، وما أحب البكاء " . ونهى عنه . وهكذا ذكر
ابن لهيعة ، عن
أبي الأسود ، عن
عروة بن الزبير سواء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : وأخذ المنافقون ، عند بكاء المسلمين ، في المكر والتفريق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحزين المسلمين ، وظهر غش
اليهود وفارت
المدينة بالنفاق فور المرجل ، وقالت :
اليهود لو كان نبيا ما ظهروا عليه ، ولا أصيب منه ما أصيب ، ولكنه طالب ملك ; تكون له الدولة وعليه . وقال المنافقون مثل قولهم ، وقالوا للمسلمين : لو كنتم أطعتمونا ما أصابكم الذين أصابوا منكم . فأنزل الله القرآن في طاعة من أطاع ونفاق من نافق ، وتعزية المسلمين ; يعني فيمن قتل منهم ، فقال :
وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم [ آل عمران 121 ] الآيات كلها ، كما تكلمنا على ذلك في التفسير ، ولله الحمد والمنة .