ما بال هم عميد بات يطرقني بالود من هند إذ تعدو عواديها باتت تعاتبني هند وتعذلني
والحرب قد شغلت عني مواليها مهلا فلا تعذليني إن من خلقي
ما قد علمت وما إن لست أخفيها مساعف لبني كعب بما كلفوا
حمال عبء وأثقال أعانيها وقد حملت سلاحي فوق مشترف
ساط سبوح إذا يجري يباريها [ ص: 466 ] كأنه إذ جرى عير بفدفدة
مكدم لاحق بالعون يحميها من آل أعوج يرتاح الندي له
كجذع شعراء مستعل مراقيها أعددته ورقاق الحد منتخلا
ومارنا لخطوب قد ألاقيها هذا وبيضاء مثل النهي محكمة
نيطت علي فما تبدو مساويها سقنا كنانة من أطراف ذي يمن
عرض البلاد على ما كان يزجيها قالت كنانة أنى تذهبون بنا
قلنا النخيل فأموها ومن فيها نحن الفوارس يوم الجر من
أحد هابت معد فقلنا نحن نأتيها هابوا ضرابا وطعنا صادقا خذما
مما يرون وقد ضمت قواصيها [ ص: 467 ] ثمت رحنا كأنا عارض برد
وقام هام بني النجار يبكيها كأن هامهم عند الوغى فلق
من قيض ربد نفته عن أداحيها أو حنظل ذعذعته الريح في غصن
بال تعاوره منها سوافيها قد نبذل المال سحا لا حساب له
ونطعن الخيل شزرا في مآقيها وليلة يصطلي بالفرث جازرها
يختص بالنقرى المثرين داعيها وليلة من جمادى ذات أندية
جربى جمادية قد بت أسريها لا ينبح الكلب فيها غير واحدة
من القريس ولا تسري أفاعيها أوقدت فيها لذي الضراء جاحمة
كالبرق ذاكية الأركان أحميها [ ص: 468 ] أورثني ذاكم عمرو ووالده
من قبله كان بالمثنى يغاليها كانوا يبارون أنواء النجوم فما
. دنت عن السورة العليا مساعيها
سقتم كنانة جهلا من سفاهتكم إلى الرسول فجند الله مخزيها
أوردتموها حياض الموت ضاحية فالنار موعدها والقتل لاقيها
جمعتموهم أحابيشا بلا حسب أئمة الكفر غرتكم طواغيها
ألا اعتبرتم بخيل الله إذ قتلت أهل القليب ومن ألقينه فيها
كم من أسير فككناه بلا ثمن وجز ناصية كنا مواليها
ألا هل أتى غسان عنا ودونهم من الأرض خرق سيره متنعنع
صحار وأعلام كأن قتامها من البعد نقع هامد متقطع
تظل به البزل العراميس رزحا ويخلو به غيث السنين فيمرع
به جيف الحسرى يلوح صليبها كما لاح كتان التجار الموضع
به العين والآرام يمشين خلفة وبيض نعام قيضه يتفلع
مجالدنا عن ديننا كل فخمة مذربة فيها القوانس تلمع
[ ص: 470 ] وكل صموت في الصوان كأنها إذا لبست نهي من الماء مترع
ولكن ببدر سائلوا من لقيتم من الناس والأنباء بالغيب تنفع
وإنا بأرض الخوف لو كان أهلها سوانا لقد أجلوا بليل فأقشعوا
إذا جاء منا راكب كان قوله أعدوا لما يزجي ابن حرب ويجمع
فمهما يهم الناس مما يكيدنا فنحن له من سائر الناس أوسع
فلو غيرنا كانت جميعا تكيده ال برية قد أعطوا يدا وتوزعوا
نجالد لا تبقى علينا قبيلة من الناس إلا أن يهابوا ويفظعوا
ولما ابتنوا بالعرض قالت سراتنا علام إذا لم نمنع العرض نزرع
وفينا رسول الله نتبع أمره إذا قال فينا القول لا نتطلع
تدلى عليه الروح من عند ربه ينزل من جو السماء ويرفع
[ ص: 471 ] نشاوره فيما نريد وقصرنا إذا ما اشتهى أنا نطيع ونسمع
وقال رسول الله لما بدوا لنا ذروا عنكم هول المنيات واطمعوا
وكونوا كمن يشري الحياة تقربا إلى ملك يحيا لديه ويرجع
ولكن خذوا أسيافكم وتوكلوا على الله إن الأمر لله أجمع
فسرنا إليهم جهرة في رحالهم ضحيا علينا البيض لا نتخشع
بملمومة فيها السنور والقنا إذا ضربوا أقدامها لا تورع
فجئنا إلى موج من البحر وسطه أحابيش منهم حاسر ومقنع
ثلاثة آلاف ونحن نصية ثلاث مئين إن كثرنا وأربع
نغاورهم تجري المنية بيننا نشارعهم حوض المنايا ونشرع
تهادى قسي النبع فينا وفيهم وما هو إلا اليثربي المقطع
[ ص: 472 ] ومنجوفة حرمية صاعدية يذر عليها السم ساعة تصنع
تصوب بأبدان الرجال وتارة تمر بأعراض البصار تقعقع
وخيل تراها بالفضاء كأنها جراد صبا في قرة يتريع
فلما تلاقينا ودارت بنا الرحا وليس لأمر حمه الله مدفع
ضربناهم حتى تركنا سراتهم كأنهم بالقاع خشب مصرع
لدن غدوة حتى استفقنا عشية كأن ذكانا حر نار تلفع
وراحوا سراعا موجعين كأنهم جهام هراقت ماءه الريح مقلع
ورحنا وأخرانا بطاء كأننا أسود على لحم ببيشة ظلع
[ ص: 473 ] فنلنا ونال القوم منا وربما فعلنا ولكن ما لدى الله أوسع
ودارت رحانا واستدارت رحاهم وقد جعلوا ; كل من الشر يشبع
ونحن أناس لا نرى القتل سبة على كل من يحمي الذمار ويمنع
جلاد على ريب الحوادث لا نرى على هالك عينا لنا الدهر تدمع
بنو الحرب لا نعيا بشيء نقوله ولا نحن مما جرت الحرب نجزع
بنو الحرب إن نظفر فلسنا بفحش ولا نحن من أظفارها نتوجع
وكنا شهابا يتقي الناس حره ويفرج عنه من يليه ويسفع
فخرت على ابن الزبعرى وقد سرى لكم طلب من آخر الليل متبع
فسل عنك في عليا معد وغيرها من الناس من أخزى مقاما وأشنع
ومن هو لم يترك له الحرب مفخرا ومن خده يوم الكريهة أضرع
شددنا بحول الله والنصر شدة عليكم وأطراف الأسنة شرع
تكر القنا فيكم كأن فروغها عزالي مزاد ماؤها يتهزع
[ ص: 474 ] عمدنا إلى أهل اللواء ومن يطر بذكر اللواء فهو في الحمد أسرع
فخانوا وقد أعطوا يدا وتخاذلوا أبى الله إلا أمره وهو أصنع
يا غراب البين أسمعت فقل إنما تنطق شيئا قد فعل
إن للخير وللشر مدى وكلا ذلك وجه وقبل
والعطيات خساس بينهم وسواء قبر مثر ومقل
كل عيش ونعيم زائل وبنات الدهر يلعبن بكل
أبلغن حسان عني آية فقريض الشعر يشفي ذا الغلل
كم ترى بالجر من جمجمة وأكف قد أترت ورجل
[ ص: 475 ] وسرابيل حسان سريت عن كماة أهلكوا في المنتزل
كم قتلنا من كريم سيد ماجد الجدين مقدام بطل
صادق النجدة قرم بارع غير ملتاث لدى وقع الأسل
فسل المهراس ما ساكنه بين أقحاف وهام كالحجل
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
حين حكت بقباء بركها واستحر القتل في عبد الأشل
[ ص: 476 ] ثم خفوا عند ذاكم رقصا رقص الحفان يعلو في الجبل
فقتلنا الضعف من أشرافهم وعدلنا ميل
بدر فاعتدل لا ألوم النفس إلا أننا لو كررنا لفعلنا المفتعل
بسيوف الهند تعلو هامهم عللا تعلوهم بعد نهل
ذهبت بابن الزبعرى وقعة كان منا الفضل فيها لو عدل
ولقد نلتم ونلنا منكم وكذاك الحرب أحيانا دول
[ ص: 477 ] نضع الأسياف في أكتافكم حيث نهوى عللا بعد نهل
نخرج الأصبح من أستاهكم كسلاح النيب يأكلن العصل
إذ تولون على أعقابكم هربا في الشعب أشباه الرسل
إذ شددنا شدة صادقة فأجأناكم إلى سفح الجبل
بخناطيل كأمذاق الملا من يلاقوه من الناس يهل
ضاق عنا الشعب إذ نجزعه وملأنا الفرط منه والرجل
برجال لستم أمثالهم أيدوا جبريل نصرا فنزل
وعلونا يوم بدر بالتقى طاعة الله وتصديق الرسل
[ ص: 478 ] وقتلنا كل رأس منهم وقتلنا كل جحجاج رفل
وتركنا في قريش عورة يوم بدر وأحاديث المثل
ورسول الله حقا شاهدا يوم
بدر والتنابيل الهبل في قريش من جموع جمعوا مثل ما يجمع في الخصب الهمل
نحن لا أمثالكم ولد استها نحضر البأس إذا البأس نزل
نشجت وهل لك من منشج وكنت متى تذكر تلجج
تذكر قوم أتاني لهم أحاديث في الزمن الأعوج
فقلبك من ذكرهم خافق من الشوق والحزن المنضج
[ ص: 479 ] وقتلاهم في جنان النعيم كرام المداخل والمخرج
بما صبروا تحت ظل اللواء لواء الرسول بذي الأضوج
غداة أجابت بأسيافها جميعا بنو الأوس والخزرج
وأشياع أحمد إذ شايعوا على الحق ذي النور والمنهج
فما برحوا يضربون الكماة ويمضون في القسطل المرهج
كذلك حتى دعاهم مليك إلى جنة دوحة المولج
فكلهم مات حر البلاء على ملة الله لم يحرج
كحمزة لما وفى صادقا بذي هبة صارم سلجج
فلاقاه عبد بني نوفل يبربر كالجمل الأدعج
فأوجره حربة كالشهاب تلهب في اللهب الموهج
[ ص: 480 ] ونعمان أوفى بميثاقه وحنظلة الخير لم يحنج
عن الحق حتى غدت روحه إلى منزل فاخر الزبرج
أولئك لا من ثوى منكم من النار في الدرك المرتج
يا مي قومي فاندبن بسحيرة شجو النوائح
كالحاملات الوقر بالث قل الملحات الدوالح
[ ص: 481 ] المعولات الخامشا ت وجوه حرات صحائح
وكأن سيل دموعها ال أنصاب تخضب بالذبائح
ينقضن أشعارا لهن هناك بادية المسائح
وكأنها أذناب خي ل بالضحى شمس روامح
من بين مشرور ومج زور يذعذع بالبوارح
يبكين شجوا مسلبا ت كدحتهن الكوادح
ولقد أصاب قلوبها مجل له جلب قوارح
إذ أقصد الحدثان من كنا نرجي إذ نشايح
أصحاب أحد غالهم دهر ألم له جوارح
[ ص: 482 ] من كان فارسنا وحا مينا إذا بعث المسالح
يا حمز لا والله لا أنساك ما صر اللقائح
لمناخ أيتام وأض ياف وأرملة تلامح
ولما ينوب الدهر في حرب لحرب وهي لاقح
يا فارسا يا مدرها يا حمز قد كنت المصامح
عنا شديدات الخطو ب إذا ينوب لهن فادح
ذكرتني أسد الرسو ل وذاك مدرهنا المنافح
عنا وكان يعد إذ عد الشريفون الجحاجح
يعلو القماقم جهرة سبط اليدين أغر واضح
[ ص: 483 ] لا طائش رعش ولا ذو علة بالحمل آنح
بحر فليس يغيب جا را منه سيب أو منادح
أودى شباب أولي الحفا ئظ والثقيلون المراجح
المطعمون إذا المشا تي ما يصفقهن ناضح
لحم الجلاد وفوقه من شحمه شطب شرائح
ليدافعوا عن جارهم ما رام ذو الضغن المكاشح
لهفي لشبان رزئ ناهم كأنهم المصابح
شم بطارقة غطا رفة خضارمة مسامح
[ ص: 484 ] المشترون الحمد بال أموال إن الحمد رابح
والجامزون بلجمهم يوما إذا ما صاح صائح
من كان يرمى بالنوا قر من زمان غير صالح
ما إن تزال ركابه يرسمن في غبر صحاصح
راحت تبارى وهو في ركب صدورهم رواشح
حتى تئوب له المعا لي ليس من فوز السفائح
يا حمز قد أوحدتني كالعود شذبه الكوافح
أشكوا إليك وفوقك التر ب المكور والصفائح
من جندل يلقيه فو قك إذ أجاد الضرح ضارح
في واسع يحشونه بالترب سوته المماسح
[ ص: 485 ] فعزاؤنا أنا نقو ل وقولنا برح بوارح
من كان أمسى وهو عما أوقع الحدثان جانح
فليأتنا فلتبك عي ناه لهلكانا النوافح
القائلين الفاعلي ن ذوي السماحة والممادح
من لا يزال ندى يدي ه له طوال الدهر مائح
طرقت همومك فالرقاد مسهد وجزعت أن سلخ الشباب الأغيد
ودعت فؤادك للهوى ضمرية فهواك غوري وصحوك منجد
[ ص: 486 ] فدع التمادي في الغواية سادرا قد كنت في طلب الغواية تفند
ولقد أنى لك أن تناهى طائعا أو تستفيق إذا نهاك المرشد
ولقد هددت لفقد حمزة هدة ظلت بنات الجوف منها ترعد
ولو انه فجعت حراء بمثله لرأيت راسي صخرها يتبدد
قرم تمكن في ذؤابة هاشم حيث النبوة والندى والسؤدد
والعاقر الكوم الجلاد إذا غدت ريح يكاد الماء منها يجمد
والتارك القرن الكمي مجدلا يوم الكريهة والقنا يتقصد
وتراه يرفل في الحديد كأنه ذو لبدة شثن البراثن أربد
[ ص: 487 ] عم النبي محمد وصفيه ورد الحمام فطاب ذاك المورد
وأتى المنية معلما في أسرة نصروا النبي ومنهم المستشهد
ولقد إخال بذاك هندا بشرت لتميت داخل غصة لا تبرد
مما صبحنا بالعقنقل قومها يوما تغيب فيه عنها الأسعد
وببئر بدر إذ يرد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد
حتى رأيت لدى النبي سراتهم قسمين يقتل من يشاء ويطرد
فأقام بالعطن المعطن منهم سبعون عتبة منهم والأسود
وابن المغيرة قد ضربنا ضربة فوق الوريد لها رشاش مزبد
وأمية الجمحي قوم ميله عضب بأيدي المؤمنين مهند
فأتاك فل المشركين كأنهم والخيل تثفنهم نعام شرد
شتان من هو في جهنم ثاويا أبدا ومن هو في الجنان مخلد
[ ص: 488 ]
بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد الإله غداة قالوا أحمزة ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعا هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يعلى لك الأركان هدت وأنت الماجد البر الوصول
عليك سلام ربك في جنان مخالطها نعيم لا يزول
ألا يا هاشم الأخيار صبرا فكل فعالكم حسن جميل
رسول الله مصطبر كريم بأمر الله ينطق إذ يقول
ألا من مبلغ عني لؤيا فبعد اليوم دائلة تدول
وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا وقائعنا بها يشفى الغليل
نسيتم ضربنا بقليب بدر غداة أتاكم الموت العجيل
غداة ثوى أبو جهل صريعا عليه الطير حائمة تجول
وعتبة وابنه خرا جميعا وشيبة عضه السيف الصقيل
[ ص: 489 ] ومتركنا أمية مجلعبا وفي حيزومه لدن نبيل
وهام بني ربيعة سائلوها ففي أسيافنا منها فلول
ألا يا هند فابكي لا تملي فأنت الواله العبرى الهبول
ألا يا هند لا تبدي شماتا بحمزة إن عزكم ذليل
أسائلة أصحاب أحد مخافة بنات أبي من أعجم وخبير
فقال الخبير إن حمزة قد ثوى وزير رسول الله خير وزير
دعاه إله الحق ذو العرش دعوة إلى جنة يحيا بها وسرور
فذلك ما كنا نرجي ونرتجي لحمزة يوم الحشر خير مصير
فوالله لا أنساك ما هبت الصبا بكاء وحزنا محضري ومسيري
على أسد الله الذي كان مدرها يذود عن الإسلام كل كفور [ ص: 490 ]
فيا ليت شلوي عند ذاك وأعظمي لدى أضبع تعتادني ونسور
أقول وقد أعلى النعي عشيرتي جزى الله خيرا من أخ ونصير
يا عين جودي بفيض غير إبساس على كريم من الفتيان لباس
صعب البديهة ميمون نقيبته حمال ألوية ركاب أفراس
أقول لما أتى الناعي له جزعا أودى الجواد وأودى المطعم الكاسي
وقلت لما خلت منه مجالسه لا يبعد الله منا قرب شماس
اقني حياءك في ستر وفي كرم فإنما كان شماس من الناس
لا تقتلي النفس إذ حانت منيته في طاعة الله يوم الروع والباس
[ ص: 491 ] قد كان حمزة ليث الله فاصطبري فذاق يومئذ من كأس شماس
رجعت وفي نفسي بلابل جمة وقد فاتني بعض الذي كان مطلبي
من أصحاب بدر من قريش وغيرهم بني هاشم منهم ومن أهل يثرب
ولكنني قد نلت شيئا ولم يكن كما كنت أرجو في مسيري ومركبي
طاوعوا الشيطان إذ أخزاهم فاستبان الخزي فيهم والفشل
حين صاحوا صيحة واحدة مع أبي سفيان قالوا اعل هبل
فأجبناهم جميعا كلنا ربنا الرحمن أعلى وأجل
اثبتوا نسقيكموها مرة من حياض الموت والموت نهل
[ ص: 492 ] واعلموا أنا إذا ما نضجت عن حيال الموت قدر تشتعل