[ ص: 517 ] سرية nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري على إثر مقتل
خبيب
قال
الواقدي : حدثني
إبراهيم بن جعفر عن أبيه
وعبد الله بن أبي عبيدة ، عن
جعفر بن الفضل بن الحسن بن عمرو بن أمية الضمري ،
nindex.php?page=showalam&ids=166وعبد الله بن جعفر ، عن
عبد الواحد بن أبي عون وزاد بعضهم على بعض ، قالوا : كان
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من
قريش بمكة : ما أحد يغتال
محمدا ؟ فإنه يمشي في الأسواق فندرك ثأرنا ؟ فأتاه رجل من العرب فدخل عليه منزله ، وقال له : إن أنت قويتني خرجت إليه حتى أغتاله ، فإني هاد بالطريق خريت ، معي خنجر مثل خافية النسر . قال : أنت صاحبنا . وأعطاه بعيرا ونفقة ، وقال : اطو أمرك ;
[ ص: 518 ] فإني لا آمن أن يسمع هذا أحد فينميه إلى
محمد . قال : قال
العربي : لا يعلمه أحد . فخرج ليلا على راحلته فسار خمسا ، وصبح ظهر الحرة صبح سادسة ، ثم أقبل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى المصلى ، فقال له قائل : قد توجه إلى
بني عبد الأشهل . فخرج الأعرابي يقود راحلته حتى انتهى إلى
بني عبد الأشهل فعقل راحلته ، ثم أقبل يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجده في جماعة من أصحابه ، يحدث في مسجده ، فدخل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : إن هذا الرجل يريد غدرا ، والله حائل بينه وبين ما يريده . فوقف وقال : أيكم
ابن عبد المطلب ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا
ابن عبد المطلب فذهب يجنئ على رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يساره ، فجبذه
nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن حضير وقال : تنح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وجذب بداخلة إزاره ، فإذا الخنجر ، فقال : يا رسول الله ، هذا غادر . فأسقط في يد الأعرابي ، وقال : دمي دمي يا
محمد . وأخذ
أسيد بن حضير يلببه ، فقال له
النبي صلى الله عليه وسلم : اصدقني ، ما أنت وما أقدمك ؟ فإن صدقتني نفعك الصدق ، وإن كذبتني فقد أطلعت على ما هممت به . قال
العربي : فأنا آمن ؟ قال : فأنت آمن
[ ص: 519 ] فأخبره بخبر
أبي سفيان وما جعل له ، فأمر به فحبس عند
nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن حضير ثم دعا به من الغد فقال : قد آمنتك ، فاذهب حيث شئت ، أو خير لك من ذلك ؟ قال : وما هو ؟ فقال : أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك أنت رسول الله ، والله يا
محمد ، ما كنت أفرق من الرجال ، فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي وضعفت ثم اطلعت على ما هممت به مما سبقت به الركبان ، ولم يطلع عليه أحد ، فعرفت أنك ممنوع وأنك على حق ، وأن حزب
أبي سفيان حزب الشيطان . فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يتبسم ، وأقام أياما ، ثم استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فخرج من عنده ولم يسمع له بذكر . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=243لعمرو بن أمية الضمري ،
ولسلمة بن أسلم بن حريش : اخرجا حتى تأتيا
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان بن حرب فإن أصبتما منه غرة فاقتلاه . قال
عمرو : فخرجت أنا وصاحبي حتى أتينا بطن
يأجج فقيدنا بعيرنا ، وقال لي صاحبي : يا
عمرو ، هل لك في أن نأتي
مكة فنطوف
بالبيت أسبوعا ونصلي ركعتين ؟ فقلت : إني أعرف
بمكة من الفرس الأبلق ، وإنهم إن رأوني عرفوني ، وأنا أعرف
أهل مكة إنهم إذا
[ ص: 520 ] أمسوا انفجعوا بأفنيتهم ، فأبى علي فانطلقنا فأتينا
مكة فطفنا أسبوعا وصلينا ركعتين ، فلما خرجت لقيني
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان فعرفني وقال :
عمرو بن أمية ! وأخبر أباه فنذر بنا
أهل مكة فقالوا : ما جاء
عمرو في خير . وكان
عمرو فاتكا في الجاهلية ، فحشد
أهل مكة وتجمعوا ، وهرب
عمرو ،
وسلمة وخرجوا في طلبهما ، واشتدوا في الجبل . قال
عمرو : فدخلت غارا فتغيبت عنهم حتى أصبحت ، وباتوا يطلبوننا في الجبل ، وعمى الله عليهم طريق
المدينة أن يهتدوا لراحلتنا ، فلما كان الغد ضحوة ، أقبل
عثمان بن مالك بن عبيد التيمي يختلي لفرسه حشيشا ، فقلت
لسلمة بن أسلم : إذا أبصرنا أشعر بنا
أهل مكة وقد انفضوا عنا . فلم يزل يدنو من باب الغار حتى أشرف علينا . قال : فخرجت إليه فطعنته طعنة تحت الثدي بخنجري فسقط وصاح ، فأسمع
أهل مكة فأقبلوا بعد تفرقهم ، ودخلت الغار ، وقلت
[ ص: 521 ] لصاحبي : لا تتحرك . فأقبلوا حتى أتوه ، وقالوا : من قتلك ؟ قال :
nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري . فقال
أبو سفيان : قد علمنا أنه لم يأت لخير . ولم يستطع أن يخبرهم بمكاننا ، فإنه كان بآخر رمق فمات ، وشغلوا عن طلبنا بصاحبهم ، فحملوه ، فمكثنا ليلتين في مكاننا حتى خرجنا ، فقال صاحبي : يا
عمرو بن أمية هل لك في
nindex.php?page=showalam&ids=290خبيب بن عدي ننزله ؟ فقلت له : أين هو ؟ قال : هو ذاك مصلوب ، حوله الحرس . فقلت : أمهلني وتنح عني فإن خشيت شيئا فانح إلى بعيرك فاقعد عليه ، فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر ودعني ، فإني عالم بالمدينة . ثم اشتددت عليه حتى وجدته فحملته على ظهري ، فما مشيت به إلا عشرين ذراعا حتى استيقظوا ، فخرجوا في أثري فطرحت الخشبة ، فما أنسى وقعها دب - يعني صوتها - ثم أهلت عليه التراب برجلي ، فأخذت طريق الصفراء ، فأعيوا ورجعوا ، وكنت لا أدرك مع بقاء نفس ، فانطلق صاحبي إلى البعير فركبه وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، وأقبلت حتى أشرفت على الغميم
غميم ضجنان فدخلت في غار معي قوسي وأسهمي وخنجري ، فبينما أنا فيه إذ أقبل رجل من
بني بكر من
بني الديل [ ص: 522 ] أعور طويل ، يسوق غنما ومعزى ، فدخل الغار وقال : من الرجل ؟ فقلت : رجل من
بني بكر . فقال : وأنا من
بني بكر . ثم اتكأ ورفع عقيرته يتغنى ويقول :
فلست بمسلم ما دمت حيا ولست أدين دين المسلمينا
فقلت في نفسي : والله إني لأرجو أن أقتلك . فلما نام قمت إليه ، فقتلته شر قتلة قتلتها أحدا قط ، ثم خرجت حتى هبطت ، فلما أسهلت في الطريق إذا رجلان بعثتهما
قريش يتجسسان الأخبار ، فقلت : استأسرا . فأبى أحدهما ، فرميته فقتلته ، فلما رأى ذلك الآخر استأسر ، فشددته وثاقا ، ثم أقبلت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قدمت
المدينة رآني صبيان وهم يلعبون ، وسمعوا أشياخهم يقولون : هذا
عمرو . فاشتد الصبيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه ، وأتيته بالرجل قد ربطت إبهاميه بوتر قوسي ، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، ثم دعا لي بخير . وكان قدوم
سلمة قبل قدوم
عمرو بثلاثة أيام . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي .
وقد تقدم أن
عمرا لما أهبط
خبيبا لم ير له رمة ولا جسدا ، فلعله دفن مكان سقوطه . والله أعلم . وهذه السرية إنما استدركها
ابن هشام على
ابن إسحاق [ ص: 523 ] وساقها بنحو من سياق
الواقدي لها ، لكن عنده أن رفيق
عمرو بن أمية في هذه السرية
جبار بن صخر . فالله أعلم ، ولله الحمد .