[ ص: 550 ] قصة عمرو بن سعدى القرظي حين مر على ديار بني النضير ، وقد صارت يبابا ليس بها داع ولا مجيب .
وقد كانت
بنو النضير أشرف من
بني قريظة حتى حداه ذلك على الإسلام ، وأظهر
صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التوراة .
قال
الواقدي : حدثنا
إبراهيم بن جعفر ، عن أبيه قال : لما خرجت
بنو النضير من
المدينة أقبل
عمرو بن سعدى فأطاف بمنازلهم فرأى خرابها ، وفكر ثم رجع إلى
بني قريظة فوجدهم في الكنيسة ، فنفخ في بوقهم ، فاجتمعوا ، فقال
الزبير بن باطا : يا
أبا سعيد ، أين كنت منذ اليوم لم نرك ؟ وكان لا يفارق الكنيسة ، وكان يتأله في اليهودية ، قال : رأيت اليوم عبرا قد عبرنا بها ; رأيت منازل إخواننا خالية بعد ذلك العز والجلد ، والشرف الفاضل والعقل البارع ، قد تركوا أموالهم ، وملكها غيرهم ، وخرجوا
[ ص: 551 ] خروج ذل ، ولا والتوراة ما سلط هذا على قوم قط لله بهم حاجة ، وقد أوقع قبل ذلك
بابن الأشرف ذي عزهم ، ثم بيته في بيته آمنا ، وأوقع
بابن سنينة سيدهم ، وأوقع
ببني قينقاع فأجلاهم ، وهم أهل جد يهود ، وكانوا أهل عدة وسلاح ونجدة ، فحصرهم ، فلم يخرج إنسان منهم رأسه حتى سباهم ، وكلم فيهم ، فتركهم على أن أجلاهم من
يثرب ، يا قوم ، قد رأيتم ما رأيتم ، فأطيعوني وتعالوا نتبع
محمدا ، فوالله إنكم لتعلمون أنه نبي ، قد بشرنا به وبأمره
ابن الهيبان أبو عمير ،
وابن حراش وهما أعلم يهود ، جاءانا يتوكفان قدومه ، وأمرانا باتباعه ، جاءانا من
بيت المقدس ، وأمرانا أن نقرئه منهما السلام ، ثم ماتا على دينهما ، ودفناهما بحرتنا هذه . فأسكت القوم فلم يتكلم منهم متكلم ، ثم أعاد هذا الكلام ونحوه ، وخوفهم بالحرب والسباء والجلاء . فقال
الزبير بن باطا : قد والتوراة قرأت صفته في كتاب باطا ; التوراة التي نزلت على
موسى ليس في المثاني الذي أحدثنا . قال : فقال له
كعب بن أسد : ما يمنعك يا
أبا عبد الرحمن من اتباعه ؟ قال : أنت . قال
كعب : فلم ، والتوراة ما حلت بينك وبينه قط ؟ قال
الزبير : بل أنت صاحب عهدنا وعقدنا ، فإن اتبعته اتبعناه ،
وإن أبيت أبينا . فأقبل
عمرو بن سعدى على
[ ص: 552 ] كعب . فذكر ما تقاولا في ذلك ، إلى أن قال
كعب : ما عندي في أمره إلا ما قلت : ما تطيب نفسي أن أصير تابعا . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي .