[ ص: 165 ] غزوة ذي قرد
قال
ابن إسحاق : ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة ، فلم يقم بها إلا ليالي قلائل ، حتى أغار
عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري ، في خيل من
غطفان على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم بالغابة ، وفيها رجل من
بني غفار ومعه امرأته ، فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة في اللقاح .
قال
ابن إسحاق : فحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة ،
وعبد الله بن أبي بكر ومن لا أتهم ، عن
عبد الله بن كعب بن مالك - كل قد حدث في غزوة ذي قرد بعض الحديث - أنه كان أول من نذر بهم
nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي ، غدا يريد الغابة متوشحا قوسه ونبله ، ومعه غلام
nindex.php?page=showalam&ids=55لطلحة بن عبيد الله معه فرس له يقوده ، حتى إذا علا
ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم ، فأشرف في ناحية سلع ، ثم صرخ : واصباحاه . ثم خرج يشتد
[ ص: 166 ] في آثار القوم ، وكان مثل السبع حتى لحق بالقوم ، فجعل يردهم بالنبل ويقول إذا رمى :
خذها وانا ابن الأكوع اليوم يوم الرضع
فإذا وجهت الخيل نحوه انطلق هاربا ثم عارضهم ، فإذا أمكنه الرمي رمى ثم قال :
خذها وانا ابن الأكوع اليوم يوم الرضع
قال : فيقول قائلهم : أويكعنا هو أول النهار . قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510527وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح ابن الأكوع ، فصرخ بالمدينة : " الفزع الفزع " . فترامت الخيول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان أول من انتهى إليه من الفرسانالمقداد بن الأسود ، ثم nindex.php?page=showalam&ids=4582عباد بن بشر ، وسعد بن زيد ، وأسيد بن ظهير - يشك فيه - nindex.php?page=showalam&ids=5735وعكاشة بن محصن ، ومحرز بن نضلة ، أخو بني أسد بن خزيمة ، وأبو [ ص: 167 ] قتادة الحارث بن ربعي ، أخو بني سلمة ، وأبو عياش عبيد بن زيد بن صامت ، أخو بني زريق ، قال : فلما اجتمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عليهم سعد بن زيد ، ثم قال : " اخرج في طلب القوم حتى ألحقك في الناس " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عياش فيما بلغني عن رجال من بني زريق : " يا أبا عياش لو أعطيت هذا الفرس رجلا هو أفرس منك فلحق بالقوم " . قال أبو عياش : فقلت : يا رسول الله ، أنا أفرس الناس . ثم ضربت الفرس ، فوالله ما جرى بي خمسين ذراعا حتى طرحني ، فعجبت من ذلك ، فزعم رجال من بني زريق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى فرس أبي عياش معاذ بن ماعص ، أو عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة ، وكان ثامنا . قال : وبعض الناس يعد nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع ثامنا ، ويطرح أسيد بن ظهير ، فالله أعلم أي ذلك كان ، قال : ولم يكن nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع يومئذ فارسا ، وقد كان أول من لحق بالقوم على رجليه . قال : فخرج الفرسان حتى تلاحقوا ، فحدثني nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة أن أول فارس لحق بالقوم محرز بن نضلة ، وكان يقال له الأخرم . ويقال له : قمير . وكانت الفرس التي تحته لمحمود بن مسلمة - وكان يقال للفرس : ذو اللمة - فلما انتهى إلى العدو قال لهم : قفوا معشر بني اللكيعة حتى يلحق بكم من وراءكم من أدباركم من المهاجرين والأنصار . قال : فحمل [ ص: 168 ] عليه رجل منهم فقتله ، وجال الفرس فلم يقدر عليه حتى وقف على أرية من بني عبد الأشهل ، أي رجع إلى مربطه الذي كان فيه بالمدينة .
قال
ابن إسحاق : ولم يقتل يومئذ من المسلمين غيره . قال
ابن هشام : وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أنه قد قتل معه أيضا
وقاص بن مجزز المدلجي .
قال
ابن إسحاق : وحدثني بعض من لا أتهم ، عن
عبد الله بن كعب بن مالك ، أن
محرزا كان على فرس
nindex.php?page=showalam&ids=5735لعكاشة بن محصن يقال لها : الجناح . فقتل
محرز واستلبت الجناح . فالله أعلم .
قال :
ولما تلاحقت الخيل قتل أبو قتادة حبيب بن عيينة وغشاه برده ، ثم لحق بالناس ، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين - قال ابن هشام : واستعمل على المدينة nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم - فإذا حبيب مسجى ببرد nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ، فاسترجع الناس ، وقالوا : قتل أبو قتادة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس بأبي قتادة ، ولكنه قتيل لأبي قتادة ، ووضع عليه برده لتعرفوا أنه صاحبه " . قال : وأدرك nindex.php?page=showalam&ids=5735عكاشة بن محصن أوبارا وابنه عمرو بن أوبار ، وهما على بعير واحد ، فانتظمهما بالرمح فقتلهما جميعا واستنقذوا بعض اللقاح . قال : وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالجبل من ذي قرد ، وتلاحق به الناس ، فأقام عليه يوما وليلة ، وقال [ ص: 169 ] له nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع : يا رسول الله لو سرحتني في مائة رجل لاستنقذت بقية السرح وأخذت بأعناق القوم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - : إنهم الآن ليغبقون في غطفان " فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه في كل مائة رجل جزورا ، وأقاموا عليه ، ثم رجع قافلا حتى قدم المدينة . قال : وأقبلت امرأة الغفاري على ناقة من إبل النبي صلى الله عليه وسلم حتى قدمت عليه المدينة فأخبرته الخبر . فلما فرغت قالت : يا رسول الله ، إني قد نذرت الله أن أنحرها إن نجاني الله عليها . قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : " بئس ما جزيتها أن حملك الله عليها ونجاك بها ثم تنحرينها ، إنه لا نذر في معصية الله ، ولا فيما لا تملكين ، إنما هي ناقة من إبلي ، فارجعي إلى أهلك على بركة الله قال
ابن إسحاق : والحديث في ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير المكي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري هكذا أورد
ابن إسحاق هذه القصة بما ذكره من الإسناد والسياق .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، رحمه الله ، بعد قصة
الحديبية وقبل
خيبر : غزوة ذي قرد ، وهي الغزوة التي أغاروا على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم قبل
خيبر بثلاث ، حدثنا
قتيبة بن سعيد ، حدثنا
حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17349يزيد بن أبي عبيد ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510529خرجت قبل أن يؤذن بالأولى ، وكانت لقاح النبي صلى الله عليه وسلم ترعى بذي قرد . قال : فلقيني غلام nindex.php?page=showalam&ids=38لعبد الرحمن بن عوف فقال : أخذت لقاح النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : من أخذها ؟ قال : غطفان . قال : فصرخت ثلاث صرخات : يا [ ص: 170 ] صباحاه . قال : فأسمعت ما بين لابتي المدينة ، ثم اندفعت على وجهي حتى أدركتهم وقد أخذوا يستقون من الماء ، فجعلت أرميهم بنبلي - وكنت راميا - وأقول : أنا ابن الأكوع ، اليوم يوم الرضع . وأرتجز حتى استنقذت اللقاح منهم واستلبت منهم ثلاثين بردة . قال : وجاء النبي صلى الله عليه وسلم والناس فقلت : يا رسول الله ، قد حميت القوم الماء ، وهم عطاش ، فابعث إليهم الساعة . فقال : " يا ابن الأكوع ، ملكت فأسجح " . ثم رجعنا ، ويردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته حتى قدمنا المدينة . وهكذا رواه
مسلم ، عن
قتيبة ، به ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12063أبي عاصم النبيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17349يزيد بن أبي عبيد ، عن مولاه
سلمة ، بنحوه .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11920هاشم بن القاسم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12443إياس بن سلمة بن الأكوع ، عن أبيه قال : قدمنا
المدينة زمن
الحديبية مع
[ ص: 171 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجت أنا
ورباح غلام النبي صلى الله عليه وسلم بظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرجت بفرس
nindex.php?page=showalam&ids=55لطلحة بن عبيد الله ، كنت أريد أن أنديه مع الإبل ، فلما كان بغلس أغار
عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتل راعيها وخرج يطردها هو وأناس معه في خيل ، فقلت : يا
رباح ، اقعد على هذا الفرس فألحقه
بطلحة ، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أغير على سرحه . قال : وقمت على تل فجعلت وجهي من قبل
المدينة ثم ناديت ثلاث مرات : يا صباحاه . قال : ثم اتبعت القوم معي سيفي ونبلي ، فجعلت أرميهم وأعقر بهم ، وذلك حين يكثر الشجر فإذا رجع إلي فارس جلست له في أصل شجرة ثم رميت فلا يقبل علي فارس إلا عقرت به ، فجعلت أرميهم ، وأنا أقول : أنا
ابن الأكوع واليوم يوم الرضع . قال : فألحق برجل منهم فأرميه ، وهو على راحلته فيقع سهمي في الرجل حتى انتظم كتفه ، فقلت :
خذها وانا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع
فإذا كنت في الشجر أحرقتهم بالنبل ، فإذا تضايقت الثنايا علوت الجبل
[ ص: 172 ] فرديتهم بالحجارة ، فما زال ذاك شأني وشأنهم أتبعهم وأرتجز حتى ما خلق الله شيئا من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري ، فاستنقذته من أيديهم ، ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحا ، وأكثر من ثلاثين بردة يستخفون منها ، ولا يلقون من ذلك شيئا إلا جعلت عليه حجارة ، وجمعت على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا امتد الضحى أتاهم
عيينة بن بدر الفزاري مددا لهم ، وهم في ثنية ضيقة ، ثم علوت الجبل ، فأنا فوقهم ، فقال
عيينة : ما هذا الذي أرى ؟ قالوا : لقينا من هذا البرح ، ما فارقنا بسحر حتى الآن ، وأخذ كل شيء في أيدينا وجعله وراء ظهره فقال
عيينة : لولا أن هذا يرى أن وراءه طلبا لقد ترككم ، ليقم إليه نفر منكم . فقام إليه نفر منهم أربعة ، فصعدوا في الجبل ، فلما أسمعتهم الصوت قلت : أتعرفونني ؟ قالوا : ومن أنت ؟ قلت : أنا
ابن الأكوع ، والذي كرم وجه
محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني . فقال رجل منهم : إن أظن . قال : فما برحت مقعدي ذلك حتى نظرت إلى فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر ، وإذا أولهم
الأخرم الأسدي ، وعلى أثره
أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى أثر
nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة المقداد بن الأسود الكندي ، فولى المشركون
[ ص: 173 ] مدبرين ، وأنزل من الجبل فآخذ عنان فرسه ، فقلت : يا
أخرم انذر القوم - يعني احذرهم - فإني لا آمن أن يقتطعوك ، فاتئد حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال : يا
سلمة ، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة . قال : فخليت عنان فرسه ، فيلحق
بعبد الرحمن بن عيينة ، ويعطف عليه
عبد الرحمن ، فاختلفا طعنتين ، فعقر
الأخرم بعبد الرحمن ، وطعنه
عبد الرحمن فقتله ، فتحول
عبد الرحمن على فرس
الأخرم ، فيلحق
أبو قتادة بعبد الرحمن فاختلفا طعنتين فعقر
nindex.php?page=showalam&ids=60بأبي قتادة ، وقتله
أبو قتادة ، وتحول
أبو قتادة على فرس
الأخرم ، ثم إني خرجت أعدو في أثر القوم حتى ما أرى من غبار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، ويعرضون قبل غيبوبة الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له :
ذو قرد . فأرادوا أن يشربوا منه ، فأبصروني أعدو وراءهم فعطفوا عنه ، واشتدوا في الثنية
ثنية ذي بئر ، وغربت الشمس ، وألحق رجلا فأرميه فقلت :
خذها وانا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع
قال : فقال : يا ثكل أم أكوع بكرة . فقلت : نعم ، أي عدو نفسه . وكان الذي رميته بكرة وأتبعته سهما آخر فعلق به سهمان ، ويخلفون فرسين
[ ص: 174 ] فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي أجليتهم عنه -
ذو قرد - وإذا بنبي الله صلى الله عليه وسلم في خمسمائة ، وإذا
بلال قد نحر جزورا مما خلفت ، فهو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، خلني فأنتخب من أصحابك مائة ، فآخذ على الكفار بالعشوة ، فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته . فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510530 " أكنت فاعلا ذلك يا سلمة ؟ " . قال : قلت : نعم والذي أكرمك . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت نواجذه في ضوء النار ، ثم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510531إنهم يقرون الآن بأرض غطفان " . فجاء رجل من
غطفان فقال : مروا على فلان الغطفاني ، فنحر لهم جزورا ، فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة ، فتركوها وخرجوا هرابا ، فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510532 " خير فرساننا اليوم أبو قتادة ، وخير رجالتنا سلمة " . فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الفارس والراجل جميعا ، ثم أردفني وراءه على العضباء راجعين إلى
المدينة فلما كان بيننا وبينها قريب من ضحوة ، وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق جعل ينادي : هل من مسابق ؟ ألا رجل يسابق إلى المدينة ؟ فأعاد ذلك مرارا ، وأنا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم مردفي ، فقلت له : أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا ؟ قال : لا ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : قلت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، خلني فلأسابق الرجل . قال :
[ ص: 175 ] " إن شئت " قلت : اذهب إليك . فطفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة ، ثم إني ربطت عليه شرفا أو شرفين ، يعني استبقيت من نفسي ، ثم إني عدوت حتى ألحقه ، فأصك بين كتفيه بيدي ، قلت : سبقتك والله . أو كلمة نحوها . قال : فضحك وقال : إن أظن . حتى قدمنا
المدينة . وهكذا رواه
مسلم ، من طرق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار ، بنحوه ، وعنده : سبقته إلى
المدينة ، فلم نلبث إلا ثلاثا حتى خرجنا إلى
خيبر .
nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد هذا السياق .
ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي هذه الغزوة بعد
الحديبية وقبل
خيبر ، وهو أشبه مما ذكره
ابن إسحاق والله أعلم . فينبغي تأخيرها إلى أوائل سنة سبع من الهجرة ، فإن
خيبر كانت في صفر منها .
وأما قصة المرأة التي نجت على ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ونذرت نحرها لنجاتها عليها ، فقد أوردها
ابن إسحاق بروايته ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري مرسلا . وقد جاء متصلا من وجوه أخر .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا
حماد بن زيد ، حدثنا
أيوب ، عن
أبي قلابة ، عن
أبي المهلب ، عن
عمران بن حصين قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510533كانت العضباء [ ص: 176 ] لرجل من بني عقيل ، وكانت من سوابق الحاج فأسر الرجل ، فأخذت العضباء معه . قال : فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في وثاق ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار عليه قطيفة فقال : يا محمد ، علام تأخذوني وتأخذون سابقة الحاج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نأخذك بجريرة حلفائك ثقيف " . قال : وكانت ثقيف قد أسروا رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . وقال فيما قال : وإني مسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو قلتها وأنت تملك أمرك ، أفلحت كل الفلاح " . قال : ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، إني جائع فأطعمني وإني ظمآن فاسقني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه حاجتك " . ثم فدي بالرجلين ، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله . قال : ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة ، فذهبوا به ، وكانت العضباء فيه ، قال : وأسروا امرأة من المسلمين . قال : وكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم . قال : فقامت المرأة ذات ليلة بعد ما نوموا ، فجعلت كلما أتت على بعير رغا حتى أتت على العضباء ، فأتت على ناقة ذلول مجرسة فركبتها ، ثم وجهتها قبل المدينة . قال : ونذرت إن الله أنجاها عليها لتنحرنها ، فلما قدمت المدينة عرفت الناقة ، فقيل : ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنذرها أو أتته فأخبرته فقال : " بئس ما جزيتها " . أو : " بئس ما جزتها أن أنجاها الله عليها لتنحرنها " . قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا [ ص: 177 ] فيما لا يملك ابن آدم " ورواه
مسلم ، عن
أبي الربيع الزهراني ، عن
حماد بن زيد ، به .
قال
ابن إسحاق : وكان مما قيل من
الأشعار في غزوة ذي قرد قول
حسان بن ثابت ، رضي الله عنه :
لولا الذي لاقت ومس نسورها بجنوب ساية أمس في التقواد
للقينكم يحملن كل مدجج حامي الحقيقة ماجد الأجداد
ولسر أولاد اللقيطة أننا سلم غداة فوارس المقداد
كنا ثمانية وكانوا جحفلا لجبا فشكوا بالرماح بداد
كنا من القوم الذين يلونهم ويقدمون عنان كل جواد
كلا ورب الراقصات إلى منى يقطعن عرض مخارم الأطواد [ ص: 178 ]
حتى نبيل الخيل في عرصاتكم ونئوب بالملكات والأولاد
رهوا بكل مقلص وطمرة في كل معترك عطفن وواد
أفنى دوابرها ولاح متونها يوم تقاد به ويوم طراد
فكذاك إن جيادنا ملبونة والحرب مشعلة بريح غواد
وسيوفنا بيض الحدائد تجتلي جنن الحديد وهامة المرتاد
أخذ الإله عليهم لحرامه ولعزة الرحمن بالأسداد
كانوا بدار ناعمين فبدلوا أيام ذي قرد وجوه عناد
قال
ابن إسحاق : فغضب
سعد بن زيد أمير سرية الفوارس
[ ص: 179 ] المتقدمين أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم على
حسان ، وحلف لا يكلمه أبدا ، وقال : انطلق إلى خيلي وفوارسي فجعلها
nindex.php?page=showalam&ids=53للمقداد . فاعتذر إليه
حسان بأنه وافق الروي اسم
المقداد ، ثم قال أبياتا يمدح بها
سعد بن زيد :
إذا أردتم الأشد الجلدا أو ذا غناء فعليكم سعدا
سعد بن زيد لا يهد هدا
قال : فلم تقع منه بموقع . وقال
حسان بن ثابت في يوم ذي قرد :
أظن عيينة إذ زارها بأن سوف يهدم فيها قصورا
فأكذبت ما كنت صدقته وقلتم سنغنم أمرا كبيرا
فعفت المدينة إذ زرتها وآنست للأسد فيها زئيرا
وولوا سراعا كشد النعام ولم يكشفوا عن ملط حصيرا
أمير علينا رسول المليك أحبب بذاك إلينا أميرا
رسول نصدق ما جاءه ويتلو كتابا مضيئا منيرا
وقال كعب بن مالك في يوم ذي قرد ، يمدح الفرسان يومئذ من المسلمين :
[ ص: 180 ] أيحسب أولاد اللقيطة أننا على الخيل لسنا مثلهم في الفوارس
وإنا أناس لا نرى القتل سبة ولا ننثني عند الرماح المداعس
وإنا لنقري الضيف من قمع الذرى ونضرب رأس الأبلخ المتشاوس
نرد كماة المعلمين إذا انتخوا بضرب يسلي نخوة المتقاعس
بكل فتى حامي الحقيقة ماجد كريم كسرحان الغضاة مخالس
يذودون عن أحسابهم وتلادهم ببيض تقد الهام تحت القوانس
فسائل بني بدر إذا ما لقيتهم بما فعل الإخوان يوم التمارس
إذا ما خرجتم فاصدقوا من لقيتم ولا تكتموا أخباركم في المجالس
وقولوا زللنا عن مخالب خادر به وحر في الصدر ما لم يمارس