[ ص: 402 ] ذكر وفاة
إبراهيم الخليل عليه السلام وما قيل في عمره
ذكر
ابن جرير في تاريخه أن مولده كان في زمن
النمرود بن كنعان وهو فيما قيل الضحاك الملك المشهور الذي يقال : إنه ملك ألف سنة وكان في غاية الغشم والظلم ، وذكر بعضهم أنه من
بني راسب الذين بعث إليهم
نوح عليه السلام ، وأنه كان إذ ذاك ملك الدنيا ، وذكروا أنه طلع نجم أخفى ضوء الشمس والقمر ، فهال ذلك أهل ذلك الزمان ، وفزغ
النمرود فجمع الكهنة والمنجمين وسألهم عن ذلك فقالوا : يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه ، فأمر عند ذلك بمنع الرجال عن النساء وأن يقتل المولودون من ذلك الحين ، فكان مولد
إبراهيم الخليل في ذلك الحين ، فحماه الله عز وجل وصانه من كيد الفجار ، وشب شبابا باهرا ، وأنبته الله نباتا حسنا حتى كان من أمره ما تقدم ، وكان مولده
بالسوس . وقيل :
ببابل . وقيل :
بالسواد من ناحية
كوثى . وتقدم عن
ابن عباس أنه ولد
ببرزة شرقي
دمشق ، فلما أهلك الله
نمرود على يديه ، وهاجر إلى
حران ، ثم إلى أرض
الشام ، وأقام ببلاد
إيليا كما ذكرنا ، وولد له
إسماعيل وإسحاق ، وماتت
سارة قبله بقرية
حبرون التي في
أرض كنعان ، ولها من العمر مائة وسبع وعشرون سنة فيما ذكر
أهل [ ص: 403 ] الكتاب فحزن عليها
إبراهيم عليه السلام ، ورثاها رحمها الله ، واشترى من رجل من
بني حيث يقال له :
عفرون بن صخر مغارة بأربعمائة مثقال فضة ، ودفن فيها
سارة هنالك . قالوا : ثم خطب
إبراهيم على ابنه
إسحاق فزوجه
رفقا بنت ثبويل بن ناحور بن تارخ وبعث مولاه ، فحملها من بلادها ومعها مرضعتها وجواريها على الإبل . قالوا : ثم تزوج
إبراهيم عليه السلام
قنطورا فولدت له ؛
زمران ،
ويقشان ، ومادان ،
ومدين ،
وشياق ،
وشوح ، وذكروا ما ولد كل واحد من هؤلاء أولاد
قنطورا .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن غير واحد من السلف عن أخبار
أهل الكتاب في صفة مجيء ملك الموت إلى
إبراهيم عليه السلام أخبارا كثيرة الله أعلم بصحتها . وقد قيل : إنه مات فجأة . وكذا
داود وسليمان والذي ذكره
أهل الكتاب وغيرهم خلاف ذلك . قالوا : ثم مرض
إبراهيم عليه السلام ومات عن مائة وخمس وسبعين . ودفن في المغارة المذكورة عند امرأته
سارة التي في
مزرعة عفرون الحيثي ، وتولى دفنه
إسماعيل وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
وقد ورد ما يدل أنه عاش مائتي سنة ، كما قاله
ابن الكلبي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053أبو حاتم بن حبان في صحيحه : أنبأنا
المفضل بن محمد الجندي [ ص: 404 ] بمكة ، حدثنا
علي بن زياد اللحجي ، حدثنا
أبو قرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
اختتن إبراهيم بالقدوم ، وهو ابن عشرين ومائة سنة ، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة . وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13359الحافظ ابن عساكر من طريق
عكرمة بن إبراهيم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15637وجعفر بن عون العمري ، عن
يحيى بن سعيد ، عن
سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة موقوفا .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن رفع هذا الخبر وهم ، أخبرنا
محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست ، حدثنا
قتيبة بن سعيد ، حدثنا
الليث ، عن
ابن عجلان ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
اختتن إبراهيم حين بلغ مائة وعشرين سنة ، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة ، واختتن بقدوم . وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13359الحافظ ابن عساكر من طريق
يحيى بن سعيد ، عن
ابن عجلان ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509782وقد أتت عليه ثمانون سنة . ثم روى
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، عن
عبد الرزاق أنه قال : القدوم اسم القرية . قلت : الذي في الصحيح أنه اختتن وقد أتت عليه ثمانون سنة ، وفي رواية
وهو ابن ثمانين سنة . وليس فيهما تعرض لما عاش بعد ذلك ، والله أعلم .
[ ص: 405 ] وقال
محمد بن إسماعيل الحساني الواسطي راوي تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عنه فيما ذكره من الزيادات ، حدثنا
أبو معاوية ، عن
يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : كان
إبراهيم أول من تسرول ، وأول من فرق ، وأول من استحد ، وأول من اختتن بالقدوم وهو ابن عشرين ومائة سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة ، وأول من قرى الضيف ، وأول من شاب . هكذا رواه موقوفا ، وهو أشبه بالمرفوع خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13053لابن حبان ، والله أعلم .
وقال
مالك : عن
يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : كان
إبراهيم أول من أضاف الضيف ،
وأول الناس اختتن ،
وأول الناس قص شاربه ،
وأول الناس رأى الشيب ، فقال : يا رب ما هذا ؟ فقال الله : وقار . فقال : يا رب زدني وقارا . وزاد غيرهما : وأول من قص شاربه ، وأول من استحد ، وأول من لبس السراويل ، فقبره وقبر ولده
إسحاق وقبر ولد ولده
يعقوب في
المربعة التي بناها
سليمان بن داود عليه السلام ببلد
حبرون ، وهو البلد المعروف
بالخليل اليوم . وهذا متلقى بالتواتر أمة بعد أمة ، وجيلا بعد جيل من زمن
بني إسرائيل ، وإلى زماننا هذا أن قبره
بالمربعة تحقيقا . فأما تعيينه منها فليس فيه خبر صحيح عن معصوم ، فينبغي أن تراعى تلك المحلة ، وأن تحترم احترام مثلها ، وأن
[ ص: 406 ] تبجل ، وأن تجل أن يداس في أرجائها خشية أن يكون قبر
الخليل أو أحد من أولاده الأنبياء عليهم السلام تحتها . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر بسنده إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه قال : وجد عند قبر
إبراهيم الخليل على حجر كتابة خلقة :
ألهى جهولا أمله يموت من جا أجله ومن دنا من حتفه
لم تغن عنه حيله وكيف يبقى آخره
من مات عنه أوله والمرء لا يصحبه
في القبر إلا عمله