[ ص: 252 ] قصة
ثمامة ووفد
بني حنيفة ومعهم
مسيلمة الكذاب لعنه الله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : باب وفد
بني حنيفة وقصة ثمامة بن أثال ; حدثنا
عبد الله بن يوسف حدثنا
الليث بن سعد حدثني
سعيد بن أبي سعيد أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510979بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له : ثمامة بن أثال . فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما عندك يا ثمامة ؟ " قال : عندي خير يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت . فتركه حتى كان الغد ثم قال له : " ما عندك يا ثمامة ؟ " فقال : عندي ما قلت لك . إن تنعم تنعم على شاكر . فتركه حتى بعد الغد فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ فقال : عندي ما قلت لك . فقال : " أطلقوا ثمامة " . فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، يا محمد ، والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان دين أبغض [ ص: 253 ] إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى ؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر ، فلما قدم مكة قال له قائل : صبوت ؟ قال : لا ، ولكن أسلمت مع محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم . وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في موضع آخر
ومسلم وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي كلهم عن
قتيبة عن
الليث به . وفي ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذه القصة في الوفود نظر ; وذلك أن
ثمامة لم يفد بنفسه ، وإنما أسر وقدم به في الوثاق ، فربط بسارية من سواري المسجد . ثم في ذكره مع الوفود سنة تسع نظر آخر ; وذلك أن الظاهر من سياق قصته أنها قبيل الفتح ، لأن أهل
مكة عيروه بالإسلام وقالوا : أصبوت ؟ فتوعدهم بأنه لا يفد إليهم من
اليمامة حبة حنطة ميرة ، حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدل على أن
مكة كانت إذ ذاك دار حرب لم يسلم أهلها بعد . والله أعلم . ولهذا ذكر الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي قصة
ثمامة بن أثال قبل فتح
مكة وهو أشبه ، ولكن ذكرناه هاهنا اتباعا
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري رحمه الله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
أبو اليمان ثنا
شعيب عن
عبد الله بن أبي حسين ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير عن
ابن عباس قال :
قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول : إن جعل لي محمد الأمر من بعده اتبعته . [ ص: 254 ] وقدمها في بشر كثير من قومه ، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة جريد ، حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال : " لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ، ولن تعدو أمر الله فيك ، ولئن أدبرت ليعقرنك الله ، وإني لأراك الذي أريت فيه ما أريت ، وهذا ثابت يجيبك عني " . ثم انصرف عنه . قال ابن عباس : فسألت عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنك أرى الذي أريت فيه ما أريت " . فأخبرني nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب فأهمني شأنهما ، فأوحي إلي في المنام أن انفخهما ، فنفختهما فطارا ، فأولتهما كذابين يخرجان بعدي ; أحدهما العنسي والآخر مسيلمة " .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
إسحاق بن نصر ثنا
عبد الرزاق أخبرني
معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17257همام بن منبه أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينا أنا نائم أتيت بخزائن الأرض ، فوضع في كفي سواران من ذهب ، فكبرا علي ، فأوحي إلي أن انفخهما ، فنفختهما فذهبا ، فأولتهما الكذابين اللذين أنا بينهما ; صاحب صنعاء ، وصاحب اليمامة " .
[ ص: 255 ] ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ثنا
سعيد بن محمد الجرمي ثنا
يعقوب بن إبراهيم حدثنا
أبي عن
صالح عن
ابن عبيدة بن نشيط - وكان في موضع آخر اسمه
عبد الله - أن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510980بلغنا أن مسيلمة الكذاب قدم المدينة ، فنزل في دار بنت الحارث ، وكان تحته بنت الحارث بن كريز ، وهي أم عبد الله بن عامر بن كريز ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس - وهو الذي يقال له : خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم - وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قضيب ، فوقف عليه فكلمه ، فقال له مسيلمة : إن شئت خليت بينك وبين الأمر ثم جعلته لنا بعدك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه ، وإني لأراك الذي أريت فيه ما أريت ، وهذا nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس وسيجيبك عني " . فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال عبيد الله : سألت ابن عباس عن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكر ، فقال ابن عباس : ذكر لي أن [ ص: 256 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بينا أنا نائم ، رأيت أنه وضع في يدي سواران من ذهب ، ففظعتهما وكرهتهما ، فأذن لي فنفختهما فطارا ، فأولتهما كذابين يخرجان " . فقال عبيد الله : أحدهما العنسي الذي قتله فيروز باليمن ، والآخر مسيلمة الكذاب . .
وقال
محمد بن إسحاق : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد
بني حنيفة ، فيهم
مسيلمة بن حبيب الكذاب . وقال
ابن هشام هو
مسيلمة بن ثمامة ، ويكنى أبا ثمامة .
وقال
أبو القاسم السهيلي : هو
مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن هفان بن ذهل بن الدول بن حنيفة ، ويكنى أبا ثمامة ، وقيل أبا هارون . وكان قد تسمى بالرحمن ، فكان يقال له : رحمن
اليمامة . وكان عمره يوم قتل مائة وخمسين سنة ، وكان يعرف أبوابا من
[ ص: 257 ] النيرجات فكان يدخل البيضة إلى القارورة ، وهو أول من فعل ذلك ، وكان يقص جناح الطير ثم يصله ، ويدعي أن ظبية تأتيه من الجبل فيحلب لبنها .
قلت وسنذكر أشياء من خبره عند ذكر مقتله ، لعنه الله .
قال
ابن إسحاق : وكان منزلهم في دار
بنت الحارث ، امرأة من الأنصار ، ثم من
بني النجار ، فحدثني بعض علمائنا من أهل
المدينة nindex.php?page=hadith&LINKID=3510981أن بني حنيفة أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم تستره بالثياب ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه ، معه عسيب من سعف النخل في رأسه خوصات ، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسترونه بالثياب كلمه وسأله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه " قال
ابن إسحاق : وحدثني شيخ من
بني حنيفة من أهل
اليمامة ، أن حديثه كان على غير هذا ، وزعم أن وفد
بني حنيفة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خلفوا
مسيلمة في رحالهم ، فلما أسلموا ذكروا مكانه فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد خلفنا صاحبا لنا في رحالنا وفي ركائبنا يحفظها لنا . قال : فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما أمر به للقوم وقال : " أما إنه ليس بشركم مكانا " . أي لحفظه ضيعة أصحابه ، ذلك الذي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : ثم
[ ص: 258 ] انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاءوا
مسيلمة بما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انتهوا إلى
اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ وتكذب لهم ، وقال : إني قد أشركت في الأمر معه . وقال لوفده الذين كانوا معه : ألم يقل لكم حين ذكرتموني له : " أما إنه ليس بشركم مكانا ؟ " ما ذاك إلا لما كان يعلم أني قد أشركت في الأمر معه . ثم جعل يسجع لهم السجعات ويقول لهم فيما يقول ; مضاهاة للقرآن : لقد أنعم الله على الحبلى أخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشا . وأحل لهم الخمر والزنا ، ووضع عنهم الصلاة ، وهو مع هذا يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه نبي ، فأصفقت معه
بنو حنيفة على ذلك . قال
ابن إسحاق : فالله أعلم أي ذلك كان .
وذكر
السهيلي وغيره أن
الرجال بن عنفوة واسمه
نهار بن عنفوة كان قد أسلم وتعلم شيئا من القرآن ، وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة ، وقد مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وفرات بن حيان ، فقال لهم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510982أحدكم ضرسه في النار مثل أحد " . فلم يزالا خائفين حتى ارتد
الرجال مع
مسيلمة وشهد له زورا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشركه في الأمر معه ، وألقى إليه شيئا مما كان
[ ص: 259 ] يحفظه من القرآن ، فادعاه
مسيلمة لنفسه فحصل بذلك فتنة عظيمة
لبني حنيفة ، وقد قتله
nindex.php?page=showalam&ids=3161زيد بن الخطاب يوم
اليمامة كما سيأتي .
قال
السهيلي : وكان مؤذن
مسيلمة يقال له :
حجير . وكان مدبر الحرب بين يديه
محكم بن الطفيل وأضيف إليهم
سجاح ، وكانت تكنى
أم صادر ، تزوجها
مسيلمة وله معها أخبار فاحشة ، واسم مؤذنها
زهير بن عمرو وقيل :
جنبة بن طارق . ويقال : إن
شبث بن ربعي أذن لها أيضا ، ثم أسلم . وقد أسلمت هي أيضا أيام
عمر بن الخطاب فحسن إسلامها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير عن ابن إسحاق وقد كان
مسيلمة بن حبيب كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : من
مسيلمة رسول الله إلى
محمد رسول الله ، سلام عليك ، أما بعد ، فإني قد أشركت في الأمر معك ، فإن لنا نصف الأمر ،
ولقريش نصف الأمر ، ولكن
قريشا قوم يعتدون . فقدم عليه رسولان بهذا الكتاب ، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بسم الله الرحمن الرحيم من
محمد رسول الله إلى
مسيلمة الكذاب سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين " قال : وكان ذلك في آخر سنة عشر . يعني ورود هذا الكتاب .
[ ص: 260 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير عن
ابن إسحاق فحدثني
سعد بن طارق عن
سلمة بن نعيم بن مسعود عن أبيه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه رسولا مسيلمة الكذاب بكتابه ، يقول لهما : " وأنتما تقولان مثل ما يقول ؟ " قالا : نعم . فقال : " أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما " . .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي : حدثنا
المسعودي عن
عاصم عن
أبي وائل عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال :
جاء ابن النواحة وابن أثال رسولين لمسيلمة الكذاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما : " أتشهدان أني رسول الله ؟ " فقالا : نشهد أن مسيلمة رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آمنت بالله ورسله ، ولو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : فمضت السنة بأن
الرسل لا تقتل . قال
عبد الله : فأما
ابن أثال فقد كفاه الله ، وأما
ابن النواحة فلم يزل في نفسي منه حتى أمكن الله منه .
قال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : أما
أسامة بن أثال فإنه أسلم ، وقد مضى الحديث في إسلامه ، وأما
ابن النواحة فأخبرنا
أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي أنبأنا
أبو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا
محمد بن عبد الوهاب ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون أنبأنا
إسماعيل بن أبي خالد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم قال : جاء رجل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود فقال : إني مررت ببعض مساجد
بني حنيفة وهم يقرءون قراءة
[ ص: 261 ] ما أنزلها الله على
محمد صلى الله عليه وسلم : والطاحنات طحنا ، والعاجنات عجنا ، والخابزات خبزا ، والثاردات ثردا ، واللاقمات لقما . قال : فأرسل إليهم
عبد الله فأتي بهم ، وهم سبعون رجلا ، ورأسهم
عبد الله بن النواحة . قال : فأمر به
عبد الله فقتل ، ثم قال : ما كنا بمحرزين الشيطان من هؤلاء ، ولكنا نحوزهم إلى
الشام ، لعل الله أن يكفيناهم .
وقال
الواقدي :
كان وفد بني حنيفة بضعة عشر رجلا عليهم
سلمى بن حنظلة وفيهم ;
الرجال ابن عنفوة وطلق بن علي وعلي بن سنان ومسيلمة بن حبيب الكذاب فأنزلوا في دار
رملة بنت الحارث وأجريت عليهم الضيافة ، فكانوا يؤتون بغداء وعشاء ; مرة خبزا ولحما ، ومرة خبزا ولبنا ، ومرة خبزا ، ومرة خبزا وسمنا ، ومرة تمرا ينثر لهم . فلما قدموا المسجد أسلموا ، وقد خلفوا
مسيلمة في رحالهم ، ولما أرادوا الانصراف أعطاهم جوائزهم خمس أواق من فضة ، وأمر
لمسيلمة بمثل ما
[ ص: 262 ] أعطاهم لما ذكروا أنه في رحالهم ، فقال : " أما إنه ليس بشركم مكانا " . فلما رجعوا إليه أخبروه بما قال عنه ، فقال : إنما قال ذلك ; لأنه عرف أن الأمر لي من بعده . وبهذه الكلمة تشبث ، قبحه الله ، حتى ادعى النبوة . قال
الواقدي : وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معهم بإدواة فيها فضل طهوره ، وأمرهم أن يهدموا بيعتهم ، وينضحوا هذا الماء مكانها ويتخذوه مسجدا ، ففعلوا ، وسيأتي ذكر مقتل
الأسود العنسي في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومقتل
مسيلمة الكذاب في أيام
الصديق ، وما كان من أمر
بني حنيفة ، إن شاء الله تعالى .