فصل (
تسمية أيام الحج )
اليوم السادس من ذي الحجة ، قال بعضهم : يقال له
يوم الزينة . لأنه تزين فيه البدن بالجلال وغيرها ، واليوم السابع يقال له :
يوم التروية . لأنهم يتروون فيه
[ ص: 655 ] من الماء ، ويحملون منه ما يحتاجون إليه حال الوقوف وما بعده ، واليوم الثامن يقال له :
يوم منى . لأنهم يرحلون فيه من الأبطح إلى
منى . واليوم التاسع يقال له :
يوم عرفة . لوقوفهم فيه بها ، واليوم العاشر يقال له :
يوم النحر ويوم الأضحى ويوم الحج الأكبر . واليوم الذي يليه يقال له :
يوم القر . لأنهم يقرون فيه ويقال له :
يوم الرءوس لأنهم يأكلون فيه رءوس الأضاحي . وهو أول أيام التشريق . وثاني أيام التشريق يقال له :
يوم النفر الأول . لجواز النفر فيه وقيل : هو اليوم الذي يقال له : يوم الرءوس . واليوم الثالث من أيام التشريق يقال له :
يوم النفر الآخر . قال الله تعالى :
فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ( البقرة : 203 ) الآية فلما كان يوم النفر الآخر ، وهو اليوم الثالث من أيام التشريق ، وكان يوم الثلاثاء ، ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ، فنفر بهم من
منى فنزل
المحصب ، وهو واد بين
مكة ومنى ، فصلى به العصر .
كما قال البخاري : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، ثنا
إسحاق بن يوسف ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
عبد العزيز بن رفيع قال :
سألت أنس بن مالك : أخبرني بشيء عقلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ; أين صلى الظهر يوم التروية ؟ قال : بمنى . قلت : فأين صلى العصر يوم النفر ؟ قال : بالأبطح ، افعل كما يفعل أمراؤك . وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم النفر بالأبطح ، وهو المحصب . فالله أعلم .
[ ص: 656 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
عبد المتعال بن طالب ، ثنا
ابن وهب ، أخبرني
عمرو بن الحارث أن
قتادة حدثه أن
أنس بن مالك حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ورقد رقدة بالمحصب ، ثم ركب إلى البيت فطاف به . قلت : يعني طواف الوداع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ثنا
عبد الله بن عبد الوهاب ، ثنا
خالد بن الحارث قال : سئل
عبيد الله عن
المحصب ، فحدثنا
عبيد الله عن
نافع قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511210نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر . وعن
نافع أن
ابن عمر كان يصلي بها - يعني
المحصب - الظهر والعصر - أحسبه قال : والمغرب . قال
خالد : لا أشك في العشاء - ثم يهجع هجعة ، ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال الإمام
أحمد : ثنا
نوح بن ميمون ، أنبأنا
عبد الله ، عن
نافع ، عن
ابن عمر ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان نزلوا المحصب . هكذا رأيته في " مسند الإمام
أحمد " من حديث
عبد الله العمري ، عن
نافع .
وقد روى
الترمذي هذا الحديث عن
إسحاق بن منصور ، وأخرجه
ابن ماجه عن
محمد بن يحيى ، كلاهما عن
عبد الرزاق ، عن
عبيد الله بن عمر ، عن
نافع ، عن
ابن عمر قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان ينزلون الأبطح . قال
الترمذي : وفي الباب عن
عائشة ، وأبي رافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
[ ص: 657 ] وحديث
ابن عمر حسن غريب ، وإنما نعرفه من حديث
عبد الرزاق ، عن
عبيد الله بن عمر به .
وقد رواه
مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17030محمد بن مهران الرازي ، عن
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
أيوب ، عن
نافع ، عن
ابن عمر ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511211أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون الأبطح . ورواه
مسلم أيضا من حديث
صخر بن جويرية ، عن
نافع ، عن
ابن عمر ، أنه كان يرى
التحصيب سنة ، وكان يصلي الظهر يوم النفر بالحصبة . قال
نافع : قد حصب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والخلفاء بعده .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
يونس ، ثنا
حماد - يعني
ابن سلمة - عن
أيوب وحميد ، عن
بكر بن عبد الله ، عن
ابن عمر ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء ، ثم هجع هجعة ، ثم دخل - يعني مكة - فطاف بالبيت .
ورواه
أحمد أيضا ، عن
عفان ، عن
حماد ، عن
حميد ، عن
بكر ، عن
ابن عمر ، فذكره وزاد في آخره : وكان
ابن عمر يفعله . وكذلك رواه
أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ، ثنا
الوليد ، ثنا
الأوزاعي ، حدثني
الزهري ،
[ ص: 658 ] عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد يوم النحر بمنى : " نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر " . يعني بذلك
المحصب . الحديث . ورواه
مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11997زهير بن حرب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن
الأوزاعي ، فذكر مثله سواء .
وقال الإمام
أحمد : ثنا
عبد الرزاق ، أنبأنا
معمر ، عن
الزهري ، عن
علي بن الحسين ، عن
عمرو بن عثمان ، عن
أسامة بن زيد قال :
قلت : يا رسول الله ، أين تنزل غدا ؟ في حجته قال : " وهل ترك لنا عقيل منزلا ؟ " ثم قال : " نحن نازلون غدا ، إن شاء الله ، بخيف بني كنانة ، يعني المحصب ، حيث قاسمت قريش على الكفر " . وذلك أن بني كنانة حالفت قريشا على بني هاشم أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يؤووهم - يعني حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - ثم قال عند ذلك : " لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم " قال
الزهري :
والخيف : الوادي . أخرجاه من حديث
عبد الرزاق .
وهذان الحديثان فيهما دلالة على أنه ، عليه الصلاة والسلام ، قصد النزول في
المحصب ; مراغمة لما كان تمالأ عليه
كفار قريش لما كتبوا الصحيفة في مصارمة
بني هاشم وبني المطلب ، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قدمنا بيان ذلك في موضعه . وكذلك نزله عام الفتح ، فعلى هذا يكون نزوله سنة مرغبا فيها ، وهو أحد قولي العلماء .
[ ص: 659 ] وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ثنا
أبو نعيم ، حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة قالت :
إنما كان منزلا ينزله النبي صلى الله عليه وسلم ليكون أسمح لخروجه . يعني
الأبطح . وأخرجه
مسلم من حديث
هشام به .
ورواه
أبو داود ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، عن
يحيى بن سعيد ، عن
هشام ، عن أبيه ، عن
عائشة قالت :
إنما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب ; ليكون أسمح لخروجه ، وليس بسنة ، فمن شاء نزله ، ومن شاء لم ينزله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
علي بن عبد الله ، ثنا
سفيان ، قال : قال
عمرو ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511212ليس التحصيب بشيء ، إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم . ورواه
مسلم عن
أبي بكر بن أبي شيبة وغيره ، عن
سفيان - وهو
ابن عيينة - به .
وقال
أبو داود : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=16544وعثمان بن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=17072ومسدد ، المعنى ، قالوا : ثنا
سفيان ، ثنا
صالح بن كيسان ، عن
سليمان بن يسار ، قال : قال
أبو رافع :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511213لم يأمرني - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن أنزله ولكن ضربت قبته فنزله . قال
مسدد : وكان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم . وقال
عثمان : يعني في
[ ص: 660 ] الأبطح . ورواه
مسلم عن
قتيبة وأبي بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11997وزهير بن حرب ، عن
سفيان بن عيينة به .
والمقصود أن هؤلاء كلهم اتفقوا على
نزول النبي صلى الله عليه وسلم في المحصب لما نفر من منى ، ولكن اختلفوا ; فمنهم من قال : لم يقصد نزوله وإنما نزله اتفاقا ; ليكون أسمح لخروجه . ومنهم من أشعر كلامه بقصده ، عليه الصلاة والسلام ، نزوله وهذا هو الأشبه ، وذلك أنه ، عليه الصلاة والسلام ، أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، وكانوا قبل ذلك ينصرفون من كل وجه ، كما قال
ابن عباس : فأمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت . يعني طواف الوداع ، فأراد ، عليه الصلاة والسلام ، أن يطوف هو ومن معه من المسلمين بالبيت طواف الوداع ، وقد نفر من
منى قريب الزوال ، فلم يكن يمكنه أن يجيء البيت في بقية يومه ويطوف به ، ويرحل إلى ظاهر
مكة من جانب
المدينة ; لأن ذلك قد يتعذر على هذا الجم الغفير ، فاحتاج أن يبيت قبل
مكة ، ولم يكن منزل أنسب لمبيته من
المحصب ، الذي كانت
قريش قد عاقدت
بني كنانة على
بني هاشم وبني المطلب فيه ، فلم يبرم الله
لقريش أمرا ، بل كبتهم وردهم خائبين ، وأظهر الله دينه ، ونصر نبيه ، وأعلى كلمته ، وأتم له الدين القويم ، وأوضح به الصراط المستقيم ، فحج بالناس ، وبين لهم شرائع الله وشعائره ، وقد نفر بعد إكمال المناسك ، فنزل في الموضع الذي تقاسمت قريش فيه على الظلم والعدوان والقطيعة ، فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وهجع هجعة ، وقد
[ ص: 661 ] كان بعث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين مع أخيها
عبد الرحمن ; ليعمرها من
التنعيم ، فإذا فرغت أتته ، فلما قضت عمرتها ورجعت أذن في المسلمين بالرحيل إلى
البيت العتيق .
كما قال
أبو داود : حدثنا
وهب بن بقية ، ثنا
خالد ، عن
أفلح ، عن
القاسم ، عن
عائشة قالت :
أحرمت من التنعيم بعمرة ، فدخلت فقضيت عمرتي ، وانتظرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح حتى فرغت ، وأمر الناس بالرحيل . قالت : وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فطاف به ، ثم خرج . وأخرجاه في " الصحيحين " من حديث
أفلح بن حميد .
ثم قال
أبو داود : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، ثنا
أبو بكر - يعني الحنفي - ثنا
أفلح ، عن
القاسم ، عنها - يعني
عائشة - قالت :
خرجت معه - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - النفر الآخر ونزل المحصب - قال أبو داود : فذكر ابن بشار قصة بعثها إلى التنعيم - قالت : ثم جئته بسحر ، فأذن في الصحابة بالرحيل ، فارتحل ، فمر بالبيت قبل صلاة الصبح ، فطاف به حين خرج ، ثم انصرف متوجها إلى المدينة . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار به .
قلت : والظاهر أنه ، عليه الصلاة والسلام ، صلى الصبح يومئذ عند
الكعبة بأصحابه ، وقرأ في صلاته تلك بسورة
والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور [ ص: 662 ] السورة بكمالها .
وذلك لما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حيث قال : حدثنا
إسماعيل ، حدثني
مالك ، عن
محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن
عروة بن الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=170زينب بنت أبي سلمة ، عن
أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511214شكوت إلى رسول الله أني أشتكي ، قال : " طوفي من وراء الناس وأنت راكبة " . فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حينئذ إلى جنب البيت ، وهو يقرأ : " والطور وكتاب مسطور " وأخرجه بقية الجماعة إلا
الترمذي من حديث
مالك بإسناده نحوه .
وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
زينب ، عن
أم سلمة ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو بمكة وأراد الخروج ، ولم تكن أم سلمة طافت وأرادت الخروج ، فقال لها : " إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون " . فذكر الحديث .
فأما ما رواه الإمام
أحمد : حدثنا
أبو معاوية ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=170زينب بنت أبي سلمة ، عن
أم سلمة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي معه صلاة الصبح يوم النحر بمكة . فهو إسناد كما ترى على شرط " الصحيحين " ، ولم يخرجه أحد من هذا الوجه بهذا اللفظ ولعل قوله : يوم النحر . غلط من الراوي أو من الناسخ ، وإنما هو يوم النفر ، ويؤيده ما ذكرناه من
[ ص: 663 ] رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . والله أعلم .
والمقصود
أنه ، عليه الصلاة والسلام ، لما فرغ من صلاة الصبح طاف بالبيت سبعا ، ووقف في الملتزم بين الركن الذي فيه الحجر الأسود وبين باب الكعبة ، فدعا الله ، عز وجل ، وألزق خده بجدار الكعبة .
قال
الثوري ، عن
المثنى بن الصباح ، عن
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال :
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزق وجهه وصدره بالملتزم . المثنى ضعيف .