صفحة جزء
صفة لون رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال البخاري : ثنا يحيى بن بكير ، ثنا الليث ، عن خالد ، هو ابن يزيد ، عن سعيد ، يعني ابن أبي هلال ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال : سمعت أنس بن مالك يصف النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان ربعة من القوم ، ليس بالطويل ولا بالقصير ، أزهر اللون ; ليس بأبيض أمهق ولا بآدم ، ليس بجعد قطط ولا سبط رجل ، أنزل عليه وهو ابن أربعين فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه ، وبالمدينة عشر سنين ، وتوفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء . قال ربيعة : فرأيت شعرا من شعره ، فإذا هو أحمر . فسألت فقيل : احمر من الطيب .

[ ص: 391 ] ثم قال البخاري : ثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك بن أنس ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أنه سمعه يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ، وليس بالأبيض الأمهق ولا بالآدم ، وليس بالجعد القطط ولا بالسبط ، بعثه الله على رأس أربعين سنة ، فأقام بمكة عشر سنين ، وبالمدينة عشر سنين ، فتوفاه الله وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء . وكذا رواه مسلم عن يحيى بن يحيى ، عن مالك ، ورواه أيضا عن قتيبة ويحيى بن أيوب وعلي بن حجر ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر وعن القاسم بن زكريا ، عن خالد بن مخلد ، عن سليمان بن بلال ، ثلاثتهم عن ربيعة به . ورواه الترمذي والنسائي جميعا ، عن قتيبة عن مالك به ، وقال الترمذي : حسن صحيح .

قال الحافظ البيهقي : ورواه ثابت عن أنس فقال : كان أزهر اللون . قال : ورواه حميد كما أخبرنا . ثم ساق بإسناده عن يعقوب بن سفيان ، حدثني عمرو بن عون وسعيد بن منصور قالا : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمر اللون .

وهكذا روى هذا الحديث الحافظ أبو بكر البزار عن الحسن بن علي ، [ ص: 392 ] عن خالد بن عبد الله ، عن حميد عن أنس . قال : وحدثناه محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا حميد ، عن أنس قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطويل ولا بالقصير ، وكان إذا مشى تكفأ ، وكان أسمر اللون . ثم قال البزار : لا نعلم رواه عن حميد إلا خالد وعبد الوهاب .

ثم قال البيهقي ، رحمه الله : وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو جعفر الرزاز ، ثنا يحيى بن جعفر ، ثنا علي بن عاصم ، ثنا حميد ، سمعت أنس بن مالك يقول . . . فذكر الحديث في صفة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : كان أبيض ، بياضه إلى السمرة . قلت : وهذا السياق أصح من الذي قبله وهو يقتضي أن السمرة التي كانت تعلو وجهه عليه الصلاة والسلام من كثرة أسفاره وبروزه للشمس . والله أعلم .

فقد قال يعقوب بن سفيان الفسوي أيضا : حدثني عمرو بن عون وسعيد بن منصور قالا : ثنا خالد بن عبد الله ، عن الجريري ، عن أبي الطفيل قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبق أحد رآه غيري . فقلنا له : صف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كان أبيض مليح الوجه . ورواه مسلم عن سعيد بن منصور به . ورواه [ ص: 393 ] أيضا أبو داود من حديث سعيد بن إياس الجريري ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض مليحا ، إذا مشى كأنما ينحط في صبوب . لفظ أبي داود .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا الجريري قال : كنت أطوف مع أبي الطفيل فقال : ما بقي أحد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري . قلت : ورأيته ؟ قال : نعم . قال : قلت : كيف كانت صفته ؟ قال : كان أبيض مليحا مقصدا . وقد رواه الترمذي عن بندار وسفيان بن وكيع ، كلاهما عن يزيد بن هارون به .

وقال البيهقي : أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا عبد الله بن جعفر أو أبو الفضل محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن سلمة ، ثنا واصل بن عبد الأعلى الأسدي ، ثنا محمد بن فضيل ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي جحيفة قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض قد شاب ، وكان الحسن بن علي يشبهه . ثم قال : رواه مسلم عن واصل بن عبد الأعلى . ورواه البخاري ، عن عمرو بن علي ، عن محمد بن فضيل . وأصل الحديث كما ذكر في " الصحيحين " ولكن بلفظ آخر كما سيأتي .

وقال محمد بن إسحاق : عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن مالك بن [ ص: 394 ] جعشم عن أبيه ، أن سراقة بن مالك قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما دنوت منه وهو على ناقته ، جعلت أنظر إلى ساقه كأنها جمارة . وفي رواية يونس عن ابن إسحاق والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة . قلت : يعني من شدة بياضها كأنها جمارة طلع النخل .

وقال الإمام أحمد : ثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية ، عن مولى لهم مزاحم بن أبي مزاحم ، عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، عن رجل من خزاعة يقال له : محرش أو مخرش . لم يكن سفيان يقف على اسمه ، وربما قال : محرش . ولم أسمعه أنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الجعرانة ليلا ، فاعتمر ، ثم رجع فأصبح بها كبائت ، فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة . تفرد به أحمد . وهكذا رواه يعقوب بن سفيان ، عن الحميدي ، عن سفيان بن عيينة .

وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء ، حدثني عمرو بن الحارث ، حدثني عبد الله بن سالم عن الزبيدي ، أخبرني محمد بن مسلم ، عن سعيد بن المسيب ، أنه سمع أبا هريرة يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كان شديد البياض . وهذا إسناد جيد ، ولم يخرجوه .

[ ص: 395 ] وقال الإمام أحمد : ثنا حسن ، ثنا عبد الله بن لهيعة ، ثنا أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة ، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان كأن الشمس تجري في جبهته ، وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . كأنما الأرض تطوى له ، إنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث . ورواه الترمذي عن قتيبة ، عن ابن لهيعة به ، وقال : كأن الشمس تجري في وجهه صلى الله عليه وسلم . وقال : غريب . ورواه البيهقي من حديث عبد الله بن المبارك ، عن رشدين بن سعد المصري ، عن عمرو بن الحارث ، عن أبي يونس ، عن أبي هريرة . وقال : كأن الشمس تجري في وجهه . وكذلك رواه ابن عساكر من حديث حرملة ، عن ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن أبي يونس ، عن أبي هريرة ، فذكره ، وقال : كأنما الشمس تجري في وجهه .

وقال البيهقي : أنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار ، ثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا حجاج ، ثنا حماد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن محمد بن علي ، يعني ابن الحنفية ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون .

[ ص: 396 ] وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا المسعودي ، عن عثمان بن عبد الله بن هرمز عن نافع بن جبير ، عن علي بن أبي طالب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشربا وجهه حمرة .

وقال يعقوب بن سفيان : ثنا ابن الأصبهاني ، ثنا شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، عن نافع بن جبير قال : وصف لنا علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كان أبيض مشرب الحمرة . وقد رواه الترمذي بنحوه من حديث المسعودي ، عن عثمان بن مسلم بن هرمز وقال : هذا حديث صحيح .

قال البيهقي : وقد روي هكذا عن علي من وجه آخر . قلت : رواه ابن جريج ، عن صالح بن سعيد ، عن نافع بن جبير ، عن علي . قال البيهقي : ويقال : إن المشرب منه حمرة ما ضحا للشمس والرياح ، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية