ذكر
خروجه إلى ذي القصة حين عقد ألوية الأمراء الأحد عشر على ما سيأتي
وذلك بعد ما جم جيش
أسامة واستراحوا ، ركب
الصديق أيضا في الجيوش الإسلامية شاهرا سيفه مسلولا ، من
المدينة إلى
ذي القصة ، وهي من
المدينة على مرحلة ،
وعلي بن أبي طالب يقود براحلة
الصديق ، رضي الله عنهما ، كما سيأتي ، فسأله الصحابة ، منهم علي وغيره ، وألحوا عليه أن يرجع إلى
المدينة ، وأن يبعث لقتال الأعراب غيره ممن يؤمره من الشجعان الأبطال ، فأجابهم إلى ذلك ، وعقد لهم الألوية الأحد عشر لأحد عشر أميرا ، على ما سنفصله قريبا
[ ص: 446 ] إن شاء الله .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث
عبد الوهاب بن موسى الزهري ، عن
مالك ، عن
ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
ابن عمر قال : لما برز
أبو بكر إلى
ذي القصة واستوى على راحلته ، أخذ
علي بن أبي طالب بزمامها وقال : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
أحد "
شم سيفك ، ولا تفجعنا بنفسك " . وارجع إلى
المدينة ، فوالله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا . فرجع . هذا حديث غريب من طريق
مالك .
وقد رواه
زكريا الساجي من حديث
عبد الوهاب بن موسى بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أيضا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة قالت : خرج أبي شاهرا سيفه راكبا على راحلته إلى
وادي القصة ، فجاء
علي بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته فقال : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
أحد :
" شم سيفك ، ولا تفجعنا بنفسك " . فوالله لئن أصبنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا . فرجع وأمضى الجيش .
وقال
سيف بن عمر عن
سهل بن يوسف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد : لما
[ ص: 447 ] استراح
أسامة وجنده ، وقد جاءت صدقات كثيرة تفضل عنهم ، قطع
أبو بكر البعوث ، وعقد الألوية ، فعقد أحد عشر لواء ; عقد
nindex.php?page=showalam&ids=22لخالد بن الوليد وأمره
بطليحة بن خويلد ، فإذا فرغ سار إلى
مالك بن نويرة بالبطاح إن أقام له ،
ولعكرمة بن أبي جهل ، وأمره
بمسيلمة ، وبعث
شرحبيل ابن حسنة في أثره إلى
مسيلمة الكذاب ، ثم إلى
بني قضاعة .
وللمهاجر بن أبي أمية ، وأمره بجنود
العنسي ،
ومعونة الأبناء على
nindex.php?page=showalam&ids=7368قيس بن مكشوح - قلت : وذلك لأنه كان قد نزع يده من الطاعة ، على ما سيأتي - قال :
nindex.php?page=showalam&ids=2467ولخالد بن سعيد بن العاص إلى مشارف
الشام .
nindex.php?page=showalam&ids=59ولعمرو بن العاص إلى جماع
قضاعة ووديعة والحارث .
ولحذيفة بن محصن الغطفاني ، وأمره
بأهل دبا .
ولعرفجة بن هرثمة وأمره
بمهرة .
ولطريفة بن حاجز ، وأمره
ببني سليم ومن معهم من
هوازن .
ولسويد بن مقرن ، وأمره
بتهامة اليمن .
nindex.php?page=showalam&ids=386وللعلاء بن الحضرمي ، وأمره
بالبحرين . رضي الله عنهم .
وقد كتب لكل أمير كتاب عهده على حدته ، ففصل كل أمير بجنده من
ذي القصة ، ورجع
الصديق إلى
المدينة ، وقد كتب معهم
الصديق كتابا إلى المرتدة ، وهذه نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم ، من
أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من بلغه كتابي هذا من عامة وخاصة ، أقام على إسلامه أو رجع
[ ص: 448 ] عنه ، سلام على من اتبع الهدى ، ولم يرجع بعد الهدى إلى الضلالة والهوى ، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن
محمدا عبده ورسوله ، نقر بما جاء به ، ونكفر من أبى ذلك ونجاهده ، أما بعد ، فإن الله أرسل
محمدا بالحق من عنده إلى خلقه بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ، فهدى الله بالحق من أجاب إليه ، وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدبر عنه ، حتى صار إلى الإسلام طوعا وكرها ، ثم توفى الله رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد نفذ لأمر الله ، ونصح لأمته ، وقضى الذي عليه ، وكان الله قد بين له ذلك ، ولأهل الإسلام في الكتاب الذي أنزل فقال :
إنك ميت وإنهم ميتون [ الزمر : 30 ] . وقال :
وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون [ الأنبياء : 34 ] . وقال للمؤمنين :
وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين [ آل عمران : 144 ] . فمن كان إنما يعبد
محمدا فإن
محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، حافظ لأمره ، منتقم من عدوه ، وإني أوصيكم بتقوى الله ، وحظكم ونصيبكم من الله ، وما جاءكم به نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وأن تهتدوا بهداه ، وأن تعتصموا بدين الله ، فإن كل من لم يهده الله ضال ، وكل من لم يعافه
[ ص: 449 ] مبتلى ، وكل من لم يعنه الله مخذول ، ومن هداه الله كان مهتديا ، ومن أضله كان ضالا ، قال الله تعالى
من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا [ الكهف : 17 ] . ولم يقبل منه في الدنيا عمل حتى يقر به ، ولم يقبل له في الآخرة صرف ولا عدل ، وقد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أن أقر بالإسلام ، وعمل به ; اغترارا بالله وجهلا بأمره ، وإجابة للشيطان ، قال الله تعالى :
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا [ الكهف : 50 ] . وقال :
إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير [ فاطر : 6 ] . وإني بعثت إليكم فلانا في جيش من
المهاجرين والأنصار ، والتابعين بإحسان ، وأمرته أن لا يقبل من أحد إلا الإيمان بالله ، ولا يقتله حتى يدعوه إلى الله ، عز وجل ، فإن أجاب وأقر وعمل صالحا ، قبل منه وأعانه عليه ، وإن أبى ، حاربه عليه حتى يفيء إلى أمر الله ، ثم لا يبقي على أحد منهم قدر عليه ، وأن يحرقهم بالنار وأن يقتلهم كل قتلة ، وأن يسبي النساء والذراري ، ولا يقبل من أحد غير الإسلام ، فمن اتبعه فهو خير له ، ومن تركه فلن يعجز الله ، وقد أمرت رسولي أن يقرأ كتابه في كل مجمع لكم ، والداعية الأذان ، فإذا أذن المسلمون فكفوا عنهم ، وإن لم يؤذنوا عاجلوهم ، وإن أذنوا فسلوهم ما عليهم ، فإن أبوا
[ ص: 450 ] عاجلوهم ، وإن أقروا قبل منهم وحملهم على ما ينبغي لهم . رواه
سيف بن عمر ، عن
عبد الله بن سعيد ، عن
عبد الرحمن بن كعب بن مالك .