بعث خالد بن الوليد إلى العراق .
لما فرغ
خالد بن الوليد من
اليمامة ، بعث إليه
الصديق أن يسير إلى
العراق ، وأن يبدأ
بفرج الهند ، وهي
الأبلة ، ويأتي
العراق من أعاليها ، وأن يتألف الناس ويدعوهم إلى الله ، عز وجل ، فإن أجابوا وإلا أخذ منهم الجزية ، فإن امتنعوا من ذلك كله قاتلهم في الله ، وأمره أن لا يكره أحدا على المسير معه ، ولا يستعين بمن ارتد عن الإسلام ، وإن كان قد عاد إليه ، وأمره أن يستصحب كل امرئ مر به من المسلمين ، وشرع
أبو بكر في تجهيز السرايا والبعوث والجيوش إمدادا
لخالد ، رضي الله عنه .
قال
الواقدي : اختلف في
خالد ، فقائل يقول : مضى من وجهه ذلك من
[ ص: 512 ] اليمامة إلى
العراق . وقائل يقول : رجع من
اليمامة إلى
المدينة ، ثم سار إلى
العراق من
المدينة ، فمر على طريق
الكوفة حتى انتهى إلى
الحيرة . قلت : والمشهور الأول .
وقد ذكر
المدائني بإسناده أن
خالدا توجه إلى
العراق في المحرم سنة اثنتي عشرة ، فجعل طريقه
البصرة وفيها
قطبة بن قتادة ، وعلى
الكوفة المثنى بن حارثة الشيباني .
وقال
محمد بن إسحاق عن
صالح بن كيسان : إن
أبا بكر كتب إلى
خالد أن يسير إلى
العراق ، فمضى
خالد يريد
العراق حتى نزل بقريات من السواد يقال لها :
بانقيا ، وباروسما ، وأليس وصاحبها
جابان ، فصالحه أهلها .
قلت : وقد قتل منهم المسلمون قبل الصلح خلقا كثيرا ، وكان الصلح على ألف درهم ، وقيل : دينار . في رجب ، وكان الذي صالحه
بصبهرى بن صلوبا ، ويقال :
صلوبا بن بصبهرى . فقبل منهم
خالد ، وكتب
[ ص: 513 ] لهم كتابا ، ثم أقبل حتى نزل
الحيرة ، فخرج إليه أشرافها مع
قبيصة بن إياس بن حية الطائي ، وكان أمره عليها
كسرى بعد
النعمان بن المنذر ، فقال لهم
خالد : أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام ، فإن أجبتم إليه فأنتم من المسلمين ، لكم ما لهم وعليكم ما عليهم ، فإن أبيتم فالجزية ، فإن أبيتم الجزية فقد أتيتكم بأقوام هم أحرص على الموت منكم على الحياة ; جاهدناكم حتى يحكم الله بيننا وبينكم . فقال له
قبيصة : ما لنا بحربك من حاجة ، بل نقيم على ديننا ونعطيكم الجزية . فقال لهم
خالد : تبا لكم ! إن الكفر فلاة مضلة ، فأحمق العرب من سلكها ، فلقيه منهم رجلان ; أحدهما عربي والآخر أعجمي ، فتركه واستدل بالعجمي . ثم صالحهم على تسعين ألفا . وفي رواية : مائتي ألف درهم . فكانت
أول جزية أخذت من العراق وحملت إلى
المدينة هي والقريات قبلها التي صالح عليها
ابن صلوبا .
قلت : وقد كان مع نائب
كسرى على
الحيرة ممن وفد إلى
خالد عبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة ، وكان من
نصارى العرب ، فقال له
خالد : من أين أثرك ؟ قال : من ظهر أبي . قال : ومن أين خرجت ؟ قال : من بطن أمي . قال : ويحك ! على أي شيء أنت ؟ قال : على الأرض . قال : ويلك ! وفي أي شيء أنت ؟ قال : في ثيابي . قال : ويحك ! تعقل ؟ ! قال : نعم
[ ص: 514 ] وأقيد . قال : إنما أسألك . قال : وأنا أجيبك . قال : أسلم أنت أم حرب ؟ قال : بل سلم . قال : فما هذه الحصون التي أرى ؟ قال : بنيناها للسفيه نحبسه حتى يجيء الحليم فينهاه . ثم دعاهم إلى الإسلام أو الجزية أو القتال ، فأجابوا إلى الجزية بتسعين أو مائتي ألف ، كما تقدم .
ثم بعث
خالد بن الوليد كتابا إلى أمراء
كسرى بالمدائن ومرازبته ووزرائه ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12861هشام بن الكلبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12145أبي مخنف ، عن
مجالد ، عن
الشعبي قال : أقرأني
بنو بقيلة كتاب
خالد بن الوليد إلى
أهل المدائن : من
خالد بن الوليد إلى مرازبة
أهل فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فالحمد لله الذي فض خدمتكم وسلب ملككم ، ووهن كيدكم ، وإنه من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ما لنا وعليه ما علينا ، أما بعد ، فإذا جاءكم كتابي فابعثوا إلي بالرهن ، واعتقدوا مني الذمة ، وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة . فلما قرأوا الكتاب أخذوا يتعجبون .
وقال
سيف بن عمر عن
طلحة الأعلم ، عن
المغيرة بن عتيبة ، وكان قاضي
أهل الكوفة ، قال : فرق
خالد مخرجه من
اليمامة إلى
العراق ، جنده ثلاث فرق ، ولم يحملهم على طريق واحدة ، فسرح
المثنى قبله بيومين ودليله
ظفر ،
[ ص: 515 ] وسرح
عدي بن حاتم وعاصم بن عمرو ودليلاهما
مالك بن عباد وسالم بن نصر ، أحدهما قبل صاحبه بيوم ، وخرج
خالد - يعني في آخرهم - ودليله
رافع ، فواعدهم جميعا الحفير ليجتمعوا به ، ويصادموا عدوهم ، وكان
فرج الهند أعظم فروج
فارس شأنا وأشدها شوكة ، وكان صاحبه يحارب العرب في البر ، والهند في البحر ، وهو
هرمز ، فكتب إليه
خالد ، فبعث
هرمز بكتاب
خالد إلى
شيرى بن كسرى ،
وأردشير بن شيرى ، وجمع
هرمز وهو نائب
كسرى ، جموعا كثيرة ، وسار بهم إلى
كاظمة ، وعلى مجنبتيه
قباذ وأنوشجان - وهما من بيت الملك - وقد تقرن الجيش في السلاسل ; لئلا يفروا ، وكان
هرمز هذا من أخبث الناس طوية وأشدهم كفرا ، وكان شريفا في
الفرس ، وكان الرجل كلما ازداد شرفا زاد في حليته ، فكانت قلنسوة
هرمز بمائة ألف ، وقدم
خالد ومن معه من الجيش ، وهم ثمانية عشر ألفا فنزل تجاههم على غير ماء ، فشكى إليه أصحابه ذلك ، فقال : جالدوهم حتى تجلوهم عن الماء ، فإن الله جاعل الماء لأصبر الطائفتين . فلما استقر بالمسلمين المنزل وهم ركبان على خيولهم ، بعث الله سحابة فأمطرتهم حتى صار لهم غدران من ماء ، فقوي المسلمون بذلك ، وفرحوا فرحا شديدا ، فلما تواجه الصفان وتقابل الفريقان ،
[ ص: 516 ] ترجل
هرمز ودعا إلى البراز ، فترجل
خالد وتقدم إلى
هرمز ، فاختلفا ضربتين واحتضنه
خالد ، وجاءت حامية
هرمز فما شغله عن قتله ، وحمل
القعقاع بن عمرو على حامية
هرمز فأناموهم ، وانهزم
أهل فارس ، وركب المسلمون أكتافهم إلى الليل ، واستحوذ
خالد على أمتعتهم وسلاحهم ، فبلغ وقر ألف بعير ، وسميت هذه الغزوة ذات السلاسل ; لكثرة من سلسل بها من فرسان فارس ، وأفلت
قباذ وأنوشجان . ولما رجع الطلب نادى منادي
خالد بالرحيل ، فسار بالناس وتبعته الأثقال حتى نزل بموضع الجسر الأعظم من
البصرة اليوم ، وبعث بالفتح والبشارة والخمس ، مع
زر بن كليب ، إلى
الصديق ، وبعث معه بفيل ، فلما رآه نسوة أهل
المدينة جعلن يقلن : أمن خلق الله هذا أم شيء مصنوع ؟ ! فرده
الصديق مع
زر ، وبعث
أبو بكر لما بلغه الخبر إلى
خالد ، فنفله سلب
هرمز ، وكانت قلنسوته بمائة ألف ، وكانت مرصعة بالجوهر ، وبعث
خالد الأمراء يمينا وشمالا يحاصرون حصونا هنالك ، ففتحوها عنوة وصلحا ، وأخذوا منها أموالا جمة ، ولم يكن
خالد يتعرض للفلاحين - من لم يقاتل منهم - ولا لأولادهم ، بل للمقاتلة من
أهل فارس .
ثم كانت
وقعة المذار في صفر من هذه السنة . ويقال لها : وقعة الثني . وهو النهر . قال
ابن جرير : ويومئذ قال الناس : صفر الأصفار ، فيه يقتل كل جبار ،
[ ص: 517 ] على مجمع الأنهار . وكان سببها أن
هرمز كان قد كتب إلى
أردشير وشيرى بقدوم
خالد نحوه من
اليمامة ، فبعث إليه
كسرى بمدد مع أمير يقال له :
قارن بن قريانس . فلم يصل إلى هرمز حتى كان من أمره مع
خالد ما تقدم ، وفر من فر من
الفرس ، فتلقاهم
قارن ، فالتفوا عليه فتذامروا واتفقوا على العود إلى
خالد ، فساروا إلى موضع يقال له : المذار . وعلى مجنبتي
قارن قباذ وأنوشجان ، فلما انتهى الخبر إلى
خالد ، قسم ما كان معه من أربعة أخماس غنيمة يوم ذات السلاسل ، وأرسل إلى الصديق بخبره مع
الوليد بن عقبة ، وسار خالد
بمن معه من الجيوش حتى نزل على المذار ، وهو على تعبئته ، فاقتتلوا قتال حنق وحفيظة ، وخرج
قارن يدعو إلى البراز ، فبرز إليه
خالد ، وابتدره الشجعان من الأمراء ، فقتل
معقل بن الأعشى بن النباش قارن ، وقتل
عدي بن حاتم قباذ ، وقتل
عاصم أنوشجان ، وفرت
الفرس ، وركبهم المسلمون في ظهورهم ، فقتلوا منهم يومئذ ثلاثين ألفا ، وغرق كثير منهم في الأنهار والمياه ، وأقام
خالد بالمذار ، وسلم الأسلاب إلى من قتل - وكان
قارن قد انتهى شرفه في أبناء
فارس - وجمع بقية الغنيمة وخمسها ، وبعث بالخمس والفتح والبشارة إلى
الصديق ، مع
سعيد بن النعمان ، أخي بني عدي بن كعب ، وأقام
خالد هناك حتى قسم أربعة الأخماس وسبى ذراري من حضره من المقاتلة ، دون الفلاحين ; فإنه أقرهم بالجزية ، وكان في هذا السبي
حبيب أبو الحسن البصري ، وكان نصرانيا
، ومافنة مولى عثمان ،
وأبو زياد مولى المغيرة بن شعبة . ثم أمر على الجند
سعيد بن النعمان وعلى الجزية
سويد بن مقرن ، وأمره أن ينزل
الحفير ; ليجبي إليه
[ ص: 518 ] الأموال ، وأقام
خالد يتحسس الأخبار عن الأعداء .
ثم كان
أمر الولجة في صفر أيضا من هذه السنة ، فيما ذكره
ابن جرير ، وذلك لأنه لما انتهى الخبر بما كان
بالمذار من قتل
قارن وأصحابه ، إلى
أردشير ، وهو ملك
الفرس يومئذ ، بعث أميرا شجاعا يقال له :
الأندرزغر . وكان من أبناء السواد ، ولد
بالمدائن ونشأ بها ، وأمده بجيش آخر مع أمير يقال له :
بهمن جاذويه . فساروا حتى بلغوا مكانا يقال له :
الولجة . فسمع بهم
خالد فسار بمن معه من الجنود ، ووصى من استخلفه هنالك بالحذر وقلة الغفلة ، فنازل
أندرزغر ومن تأشب معه ، واجتمع عنده
بالولجة ، فاقتتلوا قتالا شديدا هو أشد مما قبله ، حتى ظن الفريقان أن الصبر قد فرغ ، واستبطأ كمينه ; الذي كان قد أرصدهم وراءه في موضعين ، فما كان إلا يسير حتى خرج الكمينان من ها هنا وها هنا ، ففرت صفوف الأعاجم ، فأخذهم
خالد من أمامهم ، والكمينان من ورائهم ، فلم يعرف رجل منهم مقتل صاحبه ، وهرب
الأندرزغر من الوقعة فمات عطشا ، وقام
خالد في الناس خطيبا فرغبهم في بلاد الأعاجم ، وزهدهم في بلاد العرب ، وقال : ألا ترون ما ها هنا من الأطعمات ؟ وبالله لو لم يلزمنا الجهاد في سبيل
[ ص: 519 ] الله والدعاء إلى الإسلام ، ولم يكن إلا المعاش ، لكان الرأي أن نقاتل على هذا الريف حتى نكون أولى به ، ونولي الجوع والإقلال من تولاه ممن اثاقل عما أنتم عليه . ثم خمس الغنيمة ، وقسم أربعة أخماسها بين الغانمين ، وبعث الخمس إلى
الصديق ، وأسر من أسر من ذراري المقاتلة ، وأقر الفلاحين بالجزية .
وقال
سيف بن عمر عن عمرو ، عن
الشعبي قال : بارز خالد
يوم الولجة رجلا من الأعاجم يعدل بألف رجل ، فقتله ، ثم اتكأ عليه وأتي بغدائه فأكله وهو متكئ عليه . يعني بين الصفين .
ثم كانت
وقعة أليس في صفر أيضا ، وذلك أن
خالدا كان قد قتل يوم
الولجة طائفة من
بكر بن وائل ، من
نصارى العرب ممن كان مع
الفرس ، فاجتمع عشائرهم ، وأشدهم حنقا
عبد الأسود العجلي ، وكان قد قتل له ابن بالأمس ، فكاتبوا
الأعاجم فأرسل إليهم
أردشير جيشا مددا ، فاجتمعوا بمكان يقال له :
أليس . فبينما هم قد نصبوا لهم سماطا فيه طعام يريدون أكله ، إذ غافلهم
خالد بجيشه ، فلما رأوه أشار من أشار منهم بأكل الطعام وعدم الاعتناء
بخالد ، وقال أمير
كسرى ، واسمه
جابان : بل ننهض إليه . فلم يسمعوا منه . فلما نزل
خالد تقدم بين يدي جيشه ونادى بأعلى صوته لشجعان من هنالك من
[ ص: 520 ] الأعراب : أين فلان ، أين فلان ؟ فكلهم نكلوا عنه إلا رجلا يقال له :
مالك بن قيس ، من
بني جذرة ، فإنه برز إليه ، فقال له
خالد : يا ابن الخبيثة ، ما جرأك علي من بينهم وليس فيك وفاء ؟ ! فضربه فقتله . ونفرت
الأعاجم عن الطعام ، وقاموا إلى السلاح ، فاقتتلوا قتالا شديدا جدا ، والمشركون يرقبون قدوم بهمن مددا من جهة الملك إليهم ، فهم في قوة وشدة وكلب في القتال ، وصبر المسلمون صبرا بليغا ، وقال خالد
: اللهم لك علي إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحدا أقدر عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم . ثم إن الله ، عز وجل ، منح المسلمين أكتافهم ، فنادى منادي
خالد : الأسر ، الأسر ، لا تقتلوا إلا من امتنع من الأسر . فأقبلت الخيول بهم أفواجا يساقون سوقا ، وقد وكل بهم رجالا يضربون أعناقهم في النهر ، ففعل ذلك بهم
خالد يوما وليلة ، ويطلبهم في الغد ومن بعد الغد ، وكلما حضر منهم أحد ضربت عنقه في النهر ، وقد صرف ماء النهر إلى موضع آخر ، فقال له بعض الأمراء : إن النهر لا يجري بدمائهم حتى ترسل الماء على الدم فيجري معه ، فتبر يمينك . فأرسله فسال النهر دما عبيطا ، فلذلك سمي نهر الدم ، إلى اليوم ، فدارت الطواحين بذلك الماء المختلط بالدم العبيط ما كفى العسكر بكماله ثلاثة أيام ، وبلغ عدد القتلى سبعين ألفا ، ولما هزم
خالد الجيش ورجع من رجع من الناس ، عدل
خالد إلى الطعام الذي كانوا
[ ص: 521 ] قد وضعوه ليأكلوه ، فقال للمسلمين : هذا نفل فانزلوا فكلوا . فنزل الناس فأكلوا عشاء . وقد جعل
الأعاجم على طعامهم جردقا كثيرا ، فجعل من يراه من أهل البادية من الأعراب يقولون : ما هذه الرقع ؟ يحسبونها ثيابا . فيقول لهم من يعرف ذلك من أهل الأرياف والمدن : أما سمعتم برقيق العيش ؟ قالوا : بلى . قالوا : فهذا رقيق العيش . فسموه يومئذ رقاقا ، وإنما كانت العرب تسميه القرن .
وقد قال
سيف بن عمر عن عمرو بن محمد ، عن
الشعبي ، عمن حدث عن
خالد ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل الناس يوم خيبر الخبز والطبيخ والشواء وما أكلوا غير ذلك ، غير متأثليه .
وكان كل من قتل بهذه الوقعة يوم أليس من بلدة يقال لها :
أمغيشيا . فعدل إليها
خالد وأمر بخرابها ، واستولى على ما بها ، فوجدوا فيها مغنما عظيما ، فقسم بين الغانمين فأصاب الفارس بعد النفل ألفا وخمسمائة ، غير ما تهيأ له مما قبله . وبعث خالد
إلى الصديق
بالبشارة والفتح والخمس من الأموال والسبي مع رجل يقال له : جندل
. من بني عجل ، وكان دليلا صارما ، فلما بلغ الصديق
الرسالة ، وأدى الأمانة ، أثنى عليه وأجازه جارية من السبي ، وقال [ ص: 522 ] الصديق
: يا معشر قريش ، إن أسدكم قد عدا على الأسد ، فغلبه على خراذيله ، عجزت النساء أن تلدن مثل خالد بن الوليد . ثم جرت أمور طويلة
لخالد في أماكن متعددة يمل سماعها ، وهو مع ذلك لا يكل ولا يمل ولا يهن ولا يحزن ، بل كل ما له في قوة وصرامة وشدة وشهامة ، ومثل هذا إنما خلقه الله ، عز وجل ، عزا للإسلام وأهله ، وذلا للكفر وشتات شمله .