فتح خالد للأنبار ، وتسمى هذه الغزوة ذات العيون .
ركب
خالد في جيوشه ، فسار حتى انتهى إلى
الأنبار وعليها رجل من أعقل الفرس وأسودهم في أنفسهم ، يقال له :
شيرزاذ . فأحاط بها
خالد وعليها خندق وحوله أعراب من قومهم على دينهم ، واجتمع معهم أهل أرضهم ، فمانعوا
خالدا أن يصل إلى الخندق ، فضرب معهم رأسا ، ولما تواجه الفريقان أمر
خالد أصحابه فرشقوهم بالنبال حتى فقئوا منهم ألف عين ، فتصايح الناس : ذهبت عيون أهل
الأنبار . فسميت هذه الغزوة ذات العيون ، فراسل
شيرزاذ خالدا في الصلح ، فاشترط
خالد أمورا امتنع
شيرزاذ من قبولها ، فتقدم
خالد إلى الخندق فاستدعى برذي الأموال من الإبل فذبحها حتى ردم الخندق بها ، وجاز هو وأصحابه فوقها ، فلما رأى
شيرزاذ ذلك أجاب إلى الصلح على الشروط التي اشترطها
خالد ، وسأله أن يرده إلى مأمنه ، فوفى له
خالد بذلك ،
[ ص: 527 ] وخرج
شيرزاذ من
الأنبار وتسلمها
خالد ، فنزلها واطمأن بها ، وتعلم الصحابة ممن بها من العرب الكتابة العربية ، وكان أولئك العرب قد تعلموها من عرب قبلهم وهم
بنو إياد ، كانوا بها في زمان
بخت نصر حين أباح
العراق للعرب ، وأنشدوا
خالدا قول بعض
إياد يمتدح قومه :
قومي إياد لو أنهم أمم أو لو أقاموا فتهزل النعم قوم لهم باحة العراق إذا
ساروا جميعا واللوح والقلم
ثم صالح
خالد أهل
البوازيج وكلواذى . قال : ثم نقض أهل
الأنبار ومن حولهم عهدهم لما اضطربت بعض الأحوال ، ولم يبق على عهده سوى
البوازيج وبانقيا .
قال
سيف بن عمر عن
عبد العزيز بن سياه ، عن
حبيب بن أبي ثابت قال : ليس لأحد من أهل
السواد عقد قبل الوقعة إلا
بني صلوبا ، وهم أهل
الحيرة وكلواذى وقرى من قرى
الفرات ، حتى غدروا ، حتى دعوا إلى الذمة بعدما غدروا .
[ ص: 528 ] وقال
سيف عن
محمد بن قيس : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=14577للشعبي : أخذ
السواد عنوة ؟ قال : نعم ، وكل أرض إلا بعض القلاع والحصون . قال : بعض صالح وبعض غالب . قلت : فهل لأهل
السواد ذمة اعتقدوها قبل الهرب ؟ قال : لا ، ولكنهم لما دعوا ورضوا بالخراج ، وأخذ منهم ، صاروا ذمة .